طائرات كهربائية أم بطاريات طائرة

الطائرات الكهربائية

 حقوق الصورة: ناسا

يمكن للدفع الكهربائي electric propulsion -إذا لم تكن هناك حاجة لبطاريات ضخمة- الحد بشكلٍ كبيرٍ من مساهمة الطيران في تغيّر المناخ بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. 


ولكن ماذا لو كانت الطائرة، في حد ذاتها، هي البطارية؟

لنفترض أن بإمكان السطح الخارجي للطائرة أو أرضيتها -على سبيل المثال- القيام بعملين معًا، وهما تخزين الطاقة الكهربائية وتوزيعها دون زيادةٍ جوهريةٍ في وزن المواد المستخدمة حاليًا، مما يقربنا من التطبيق العملي الجاد للطيران الكهربائي.

تكمن إحدى مشاكل البطاريات في ثقلها الكبير، فأفضل البطاريات الحالية ستؤدي إلى زيادة وزن طائرة صغيرة بنحو الثلث، وسيزيد وزن طائرة كبيرة بنسبة مماثلة، حتى مع بطاريات محسنة جدًا تعمل بكفاءةٍ تصل إلى أربعة أضعاف أفضل البطاريات كفاءةً في الوقت الراهن. إن رفع هذا الوزن للبطارية يستهلك الكثير من الطاقة التي يفضل الاستفادة منها في نقل الناس والبضائع.

تحتل البطاريات حيزًا كبيرًا أيضًا، ويؤدي تجهيز الطائرة بالبطاريات سواء داخلها أو خارجها، إلى زيادة مقاومة احتكاك الهواء، وهذا يؤدي إلى فقدان المزيد من الطاقة.

يهدف فريقٌ من نحو 35 عالمًا ومهندسًا، من أربعة مراكز تابعة لوكالة ناسا وبقيادة باتريشيا لويزيل Patricia Loyselle من مركز غلين للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كليفلاند- أوهايو، إلى التخلص -أو على الأقل- تقليل الحاجة إلى بطاريات منفصلة، ويندرج مشروعهم الذي أُطلق عليه M-SHELLS (هياكل متعددة الوظائف للتخزين مرتفع الطاقة خفيف الوزن Multifunctional Structures for High-Energy Lightweight Load-bearing Storage)، تحت إطار برنامج المفاهيم التحويلية للملاحة الجوية التابع لناسا NASA's Transformative Aeronautics Concepts Program. 


ويدعم تاكب TACP الجهود التي لها مخاطر عالية للفشل بسبب طبيعتها الصعبة جدًا، إذا كانت ستؤتي ثمارًا جمَّة في حال النجاح. وفي هذه الحالة، يحتمل أن تتخطى فوائدها المرجوة في مجال الطيران. 

قالت لويزيل: "نود أن نرى مشاريعنا في أشياء كالسيارات، فضلًا عن الطائرات، يمكن استخدامها في بعض الهياكل التي تذهب إلى الفضاء. وفي المباني، يمكنها أن تكون في أي مكانٍ بحاجةٍ إلى طاقة وهيكل في الوقت نفسه".

يحتاج مشروع M-SHELLS حتى ينجح إلى صنع مواد بقوة المواد المستخدمة في بناء طائرات اليوم، ويمكنها تخزين كميات كبيرة من الطاقة وشحنها وتوزيعها بسرعة. قالت لويزيل: "إنك لا تريد الجلوس لمدة أربع ساعاتٍ تنتظر إعادة شحن البطارية!"، وأضافت: "إذا أراد طيار تغيير الارتفاع، فإننا نريد أن نكون قادرين على تقديم الطاقة اللازمة لذلك بسرعة".

يحاول الفريق دمج نوعين من تكنولوجيا الطاقة، وتقول لويزيل: "إننا نعمل على تطوير ما يسمى مكثف فائق هجين hybrid supercapacitor، لديه صفات البطارية فضلًا عن صفات المكثف الفائق"، مشيرةً إلى أن البطاريات قادرة على تخزين الكثير من الطاقة، في حين أن المكثفات الفائقة سريعة جدًا في الشحن والتفريغ.


قد تزودنا بعض المواد المتوفرة حديثًا بالموارد، تقول لويزيل: "بعض مواد النانو الجديدة قوية جدًا جدًا، وإذا كنت تملك الحجم الجسيمي الصغير الملائم، فإن ردود الفعل ستكون أسرع".


الطائرات الهجينة


ستحتاج جميع الطائرات الكهربائية الكبيرة إلى القدرة على تعبئة طاقةٍ أكثر من المقدار المحدد الذي تحتويه البطاريات الحالية - سواء أكانت من نوع M-SHELLS أم من النوع العادي- أو المستقبلية، وفقًا للتطورات الحالية الظاهرة في الأفق. 


لذا، عندما يتعلق الأمر بطائرات النقل التجارية، يرجح أن تستخدم منتجات M-SHELLS في المدى القريب في الطائرات الهجينة، التي تستخدم توليفة من الكهرباء ووقود الطائرات النفاثة، مثلما تستخدم بريوس الكهرباء والبنزين.

ووفقًا لجيم فيلدر Jim Felder، مهندس الفضاء في ناسا والمتخصص في دفع الطائرات، فإنَّ الكثير من الأمل قد عُقد على الطائرات التوربينية- الكهربائية الهجينة، حيث قال: "إذا عمل الدفع الكهربائي بنجاحٍ في الطائرات الكبيرة، فإن ذلك سيشكّل فرصةً كبيرةً للانتقال المماثل من الطائرات المروحية بمحركٍ ذي مكبسٍ إلى الطائرات النفاثة".


نظام البطارية الذي يشغّل جميع الطائرات الكهربائية من طراز ماكسويل X-57 الجديدة التابعة لناسا، يعمل على زيادة وزن الطائرة بمقدار الثلث. قد يُقلّل استخدام مواد M-SHELLS في بناء الطائرات في المستقبل من ذلك الوزن الزائد بشكلٍ ملحوظ.  حقوق الصورة: ناسا
نظام البطارية الذي يشغّل جميع الطائرات الكهربائية من طراز ماكسويل X-57 الجديدة التابعة لناسا، يعمل على زيادة وزن الطائرة بمقدار الثلث. قد يُقلّل استخدام مواد M-SHELLS في بناء الطائرات في المستقبل من ذلك الوزن الزائد بشكلٍ ملحوظ. حقوق الصورة: ناسا

تتمثل إحدى ميزات الكهرباء في استخدامها لحل مشكلة مقاومة الهواء، إذ يعمل الهواء على دفع الأجسام المتحركة ضمنه بالإتجاه المعاكس، والتغلب على هذه المقاومة يمثِّل الهدر الأكبر للطاقة سواء كان مصدرها البطاريات الكهربائية أو وقود الطائرات النفاثة، وبرغم سعي المهندسين إلى جعل الطائرات انسيابيةً ما أمكن، إلا أنَّ مقدارًا معينًا من مقاومة الهواء أمر لا مفر منه.

ومن المفارقات، تعمّد بناء المحركات النفاثة القياسية، بحيث يتم خلق مقاومة هواء من أجل إبطاء الهواء المندفع فيها. إنَّ المحركات كبيرة جدًّا بحيث لا يمكن وضعها في مكانٍ بحيث يمكنها الاستفادة من مقاومة الهواء الناتجة عن جسم الطائرة، وعلى أي حال، فإن تدفق ذلك الهواء متفاوت للغاية بالنسبة للمحركات التوربينية النفاثة، مما يحول دون استخدامه بكفاءة.

ولكن المراوح التي تحركها المحركات الكهربائية، تتحمل تدفق الهواء المتفاوت وصغيرة بما يكفي لوضعها في مكان يمكنها الاستفادة من مقاومة الهواء الذي لا مفر منه للطائرة، مما يلغي الحاجة لتصميمٍ إضافي في النظام من أجل مقاومة الهواء. وقال فيلدر: "يمكننا بواسطة المحركات الكهربائية الاستفادة من استهلاك الطاقة الحاصل فعليًا لدفع المركبة لتجنب استهلاك طاقة أكثر بمكان آخر وبذلك نزيد الكفاءة الكلية".

الحجم المناسب 


إن إضافة الكهرباء إلى التوليفة تمكّن أيضًا المصممين من حل المشكلة التي تؤثر على جميع الطائرات النفاثة العادية. يجب تصميم المحركات النفاثة لتحمل الحمل الأقصى الذي ستتعرض له، والذي يحدث عند إقلاع الطائرة وارتفاعها، ولكن المحركات الكبيرة القادرة على رفع الطائرة هي في الواقع كبيرة جدًا للطواف على ارتفاعٍ ثابت، حيث تقضي الطائرة معظم الوقت أثناء رحلتها. ولا تعمل المحركات الضخمة بأقصى فعالية، الأمر الذي يعد هدرًا للوقود.

يمكن تحديد حجم محركات الوقود النفاثة ليتم السفر بالفعالية الأقصى، إذا ساندتها المحركات الكهربائية عند الإقلاع. ومن شأن ذلك أن يقلل من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والآثار التي تبدو كذيولٍ طويلة خلف الطائرات، والغيوم الرقيقة التي تتشكل في أعقاب استخدام المحركات النفاثة، والتي يمكن أيضًا أن يكون لها تأثير في الاحترار العالمي.

في الواقع، إنَّ أي استبدال للكهرباء بوقود الطائرات النفاثة، يساعد في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، على افتراض، إنتاج الكهرباء بطريقة يتم فيها انبعاث مقدار ضئيل أو معدوم من ثاني أكسيد الكربون. 


ويقول فيلدر: "إذا تم استخدام المحركات الكهربائية في تسيير الطائرة فوق سطح المدرج فقط، فإن ذلك يمكن أن يكون مفيدًا في الحد من استهلاك الوقود بنسبةٍ تتراوح من 3 إلى 4 في المئة".

ولذلك فإن فيلدر وزملاؤه مصمموا الطائرات في وكالة ناسا يدعمون فريق لويزيل حتى نجاحه، فقد قال فيلدر: "إذا تمكنوا من بناء كل بوصة مربعة من طائرة من M-SHELLS، فإنني سأكون في غاية السعادة"، وأضاف: "إذا كان بامكانهم القيام بذلك دون زيادةٍ كبيرةٍ على كتلة المركبة، فسيكون ذلك رائعًا!".

تكتيك مخادع


حتى أفضل البطاريات ليست فعّالة بنسبة 100%، فالبطاريات تفقد بعض الطاقة على شكل حرارة عند الشحن والتفريغ، لكن الطائرات توفر فرصةً لتحويل هذا العيب إلى ميزة.

يقول فيلدر: "يتم استهلاك الكثير من الطاقة لزيادة الضغط وزيادة درجة حرارة الهواء الخارجي البالغة 40 درجةً تحت الصفر، لجعل مقصورة الركاب مكانًا يمكن البقاء فيه".  لذا، يمكن توفير الكثير من هذه الطاقة إذا جاءت الحرارة بشكلٍ إضافيٍّ من مواد M
HELLS-S الدافئة المحيطة بالمقصورة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات