كائنات حية دقيقة تحت جليد القطب الشمالي

جمع فريق من الباحثين من جامعتي بريستول وليدز، عيناتٍ من التربة من سهول غريبة الشكل تعود لما بعد العصر الجليدي في الأرخبيل النرويجي- شفالبارد، والتي أصبحت مكشوفةً مؤخراً بعد ذوبان الجليد الذي كان يغطيها والذي يقدر عمره ببضع آلاف من السنين.

بعد تحاليل أجريت في المختبر لهذه الترب، عثر الباحثون على مجتمعات متنوعة جداً من الأحياء الدقيقة، وهي أشكال الحياة الأصغر والأبسط على سطح الأرض، حيث تستعمر هذه الكائنات المناطق السابقة على الرغم من درجات الحرارة التي تصل حد التجمد والنقص الحاد نسبياً في الغذاء، ونتيجةً لذلك، يجب على هذه الأحياء الدقيقة التي تستعمر هذه الترب وتزدهر فيها أن تتلاءم مع النقص الحاد في التغذية، والتقلبات الموسمية الحادة في الظروف المناخية، كفصول صيف قصيرة باردة تتبعها شتاءات طويلة قاسية.

وبمقارنة ترب ذات أعمار مختلفة، كان واضحاً تماماً وجود تزايد في الكتلة الحيوية لتلك الأحياء، وكذلك تزايد في نشاطها على مدى عدة أعوام من التعرض لتلك الظروف القاسية.

 

موقع الحقل في شفالبارد مصدر الصورة James Bradley
موقع الحقل في شفالبارد مصدر الصورة James Bradley

وكانت مجموعة الباحثين من جامعتي بريستول وليدز هي الأولى التي جمعت التحاليل الجزيئية والجيوكيميائية مع التقنيات الحاسوبية الجديدة وبرمجيات النمذجة المصممة في جامعة بريستول، ونُشرت نتائجهم في دورية Biogeosciences، ومولت NERC مشروعهم.


صُمم هذا النموذج لمحاكاة نمو الأحياء الدقيقة والدورة الجيوكيميائية الحيوية بالاستجابة للظروف البيئية السائدة، كدرجات حرارة التربة وضوء الشمس والوارد الخارجي من المغذيات، كما أجرى الباحثون حضناً مخبرياً للحفاظ على بعض المعايرات الأساسية للنموذج، ووجدوا معدلات نمو منخفضة بشكل ملحوظ للأحياء الدقيقة.


وتوضح هذه المقاربة المتكاملة أن العمليات الحيوية الدقيقة في هذه الترب المشابهة لترب الصحراء كانت مسؤولةً عن معدلات التحول السريعة للكربون العضوي والمغذيات، فهذه الأحياء الدقيقة تقوم بأخذ غاز ثنائي أوكسيد الكربون من الجو، وإطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون عبر التنفس، كما تقوم أيضاً بتفكيك الكربون العضوي.

ويقول المؤلف الرئيسي جيمس برادلي James Bradley من مدرسة علوم الأرض في جامعة بريستول، الذي يقيم حالياً في جامعة كاليفورنيا الجنوبية: "لقد أظهر بحثنا أن نمو وتنوع المتعضيات في هذه المشاهد الغريبة في القطب الشمالي يحدث بسرعة خلال عقود، ونأمل حالياً أن نستخدم تقنيات النمذجة لنرقى بهذه النتائج لاستكشاف تأثير ذوبان الجليد المتوقع حدوثه على نطاق أوسع في المناطق القطبية، وذلك بسبب المعدلات الحالية للتغير المناخي العالمي، وعلاوةً على ذلك، فإن قدرة هذه المتعضيات على استيطان مثل هذه المناطق القاسية كالجبهات المتجمدة في القطب الشمالي توسع إدراكنا لقدرة الحياة على الازدهار في البيئات القاسية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات