يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
اكتشاف مصدر نوافير الشمس البلازمية

تمكن العلماء من اكتشاف أصل نوافير البلازما العالية السرعة والتي تنبثق متفجرة عبر غلاف الشمس الجوي عدة مرات في اليوم بعد حوالي قرن من الرصد ووضع النظريات. ولاكتشاف أصل هذه النوافير استخدم العلماء نظام محاكاة حاسوبي متقدم جداً (state-of-the-art computer simulation) حيث قام الباحثون بتطوير نموذج لهذه النوافير البلازمية مطلقين عليها اسم الشويكات spicules. 


وتجيب هذه الاكتشافات الجديدة على أسئلة ذات أهمية كبرى في الفيزياء الشمسية ومن ضمنها كيفية تشكل هذه النوافير وسبب ارتفاع حرارة غلاف الشمس الجوي أكثر من سطحها.


وكما يقول عالم الفيزياء الفلكية ومعدّ الدراسة الرئيسي في مركز منطقة الخليج Bay Area للأبحاث البيئية في كاليفورنيا خوان مارتينيز سيكورا Juan Martinez Sykora لمجلة sciencealert  "يعد هذا النموذج الأول من حيث إمكانيته في تمثيل جميع خصائص نوافير الشمس البلازمية، أي ما يعرف بالشويكات"


تطلق الشويكات كل خمس دقائق سيلاً من الجسيمات الحمراء الحارة والمشحونة باتجاه الهالة، وهي الطبقة الخارجية من الغلاف الجوي للشمس، بسرعة حوالي 150 كيلومتر في الثانية. ومع ديمومة تقارب 15 دقيقة، يقدر العلماء أن يكون حوالي 300000 من هذه الشويكات نشط في أي وقت.


إلا أن الأمر الغريب في الهالة هو مخالفتها للتوقعات عندما يتعلق الأمر بدرجات الحرارة. فعلى الرغم من بعدها عن الشمس إلا أن درجة حرارتها أعلى بملايين الدرجات من درجة حرارة سطح الشمس؛ ويبدو أن ذلك يرجع إلى الحرارة المستمرة التي تزودها بها النوافير البلازمية. فالأمر أشبه ما يكون بمن يقف بعيداً عن موقد النار إلا أنه يشعر بحرارة أعلى من حرارة النار نفسها.

وعلى الرغم من تأكد العلماء من وجود الشويكات إلا أنهم لم يتمكنوا من معرفة مصدرها وبقي هذا لغزاً بالنسبة لهم لأكثر من قرن. وطُرحت مع مرور الوقت كثير من النظريات في محاولة لحل هذا اللغز. حيث اقترحت إحدى الدراسات أن تكوّن الشويكات سببه موجات صوتية ضخمة، في حين تقدمت دراسة حديثة بافتراض أن تكوّنها جاء نتيجة لتشكل حلقات خارج الغلاف الجوي بفعل الحقل المغناطيسي. إلا أن جميع هذه النظريات لم تعطنا صورة كاملة، إذ أنها فشلت في توضيح أصل الشويكات وسبب انتشارها في جميع أرجاء الشمس. 

ووضح كل من لوكهيد ومارتن سولار ومدير مختبر علوم الفضاء الفيزيائي بارت دي بونتو Bart De pontieu في حديث لهم مع مجلة sciencealert أن مراقبة الشويكات من كوكب الأرض يبقى محدوداً.

وفي هذا الصدد يقول دي بونتو الذي ساهم في إعداد الدراسة، "كان من الصعب علينا الحصول على رؤية واضحة للشويكات ونحن على سطح الأرض وذلك لأن الغلاف الجوي للأرض يخلق صورة مظلمة." و يكمل قائلاً، "ولكننا الآن نستطيع أن نرى هذه النوافير بشكل أكثر تفصيلا والفضل في هذا يعود إلى مقرابات الفضاء."


وقد تمكن مارتينز وفريقه من تطوير نموذج حاسوبي يمكنه إعداد محاكاة واقعية وقوية للنوافير البلازمية ما يسمح للباحثين بمراقبة درجات الحرارة المختلفة والخصائص الفيزيائية لهذه النوافير. حيث تبين أن تكوين هذه الشويكات يمر بثلاثة مراحل واضحة.


تبدأ العملية على سطح الشمس عندما تتأثر البلازما المتموجة مع الحقول المغناطيسية مما يؤدي لالتوائها وانعقادها ما يتسبب بتوتر مغناطيسي قوي محصور بالقرب من سطح الشمس. 

ومن ثم تمتزج الجسيمات المشحونة وغير المشحونة مع بعضها فوق السطح في عملية ندعوها بالانتشار ثنائي القطبية (ambipolar diffusion)؛ وهذه العملية هي المسؤولة عن استحداث منفذ يخرج من خلاله التوتر المغناطيسي المتعاظم، حيث يتم إطلاقه بعنف وبسرعة مذهلة نحو الغلاف الجوي ومن ثم إلى الفضاء الخارجي. 


ويضيف دي بونتيو، "تُقذف هذه النوافير بسرعة عالية لدرجة أنها قد تقطع ولاية كاليفورنيا في غضون دقيقتين فقط. إذ أنها تصل لارتفاع 10000 كيلومتر -وهو طول قطر الأرض - في غضون خمس إلى عشر دقائق فقط."


ولمقارنة نتائج المحاكاة بما يجري على أرض الواقع قام فريق الباحثين بتحليل البيانات المأخوذة من مطياف تصوير المنطقة البينية NASA interface region imaging spectrograph والمقراب الشمسي السويدي swedish solar telescope حيث لوحظ أن المحاكاة شكلت الخصائص الفعلية للشويكات بما في ذلك الحجم والسرعة والشكل.


لقد وضحت هذه الاكتشافات الجديدة -بالإضافة لحل لغز تشكل هذه الشويكات - كيف تنفث هذه النوافير البلازمية ملايين درجات الحرارة في الهالة الحارقة. "إنه لأمر مثير إذ إنه يوضح السبب الكامن وراء ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي بملايين الدرجات عن السطح" يقول دي بونتيو. أما الآن وبعد أن عرف العلماء كيفية تشكل الشويكات بات بإمكانهم أن يتعمقوا في الآلية التي تتفاعل بها مع المجالات البعيدة من الغلاف الجوي الشمسي. 

نُشر هذا البحث في مجلة science.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات