يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
ما الذي سيحل محل الهاتف الذكي؟

ستصبح الهواتف الذكية شيئاً من الماضي وسيتم استبدالها بجيل جديد من أجهزة الاتصال القابلة للارتداء التي من شأنها أن تغير طريقتنا في التفاعل مع العالم.

يمتلك اليوم ثمانية من كل عشرة أميركيين هاتفاً ذكياً، وقد أصبحنا معتادين على استخدامه تقريباً في كل شيء كالاستماع إلى الموسيقى والتقاط الصور وقراءة الأخبار والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض التسويق، بالإضافة إلى إجراء الصفقات المالية. وقد حلّت الهواتف الذكية محل الأدوات اليوميّة الشائعة كأشرطة القياس ومصابيح الجيب والساعات اليدوية.

غيرت الهواتف الذكيّة حياتنا اليوميّة بشكل لافت لدرجة أننا نسينا أنها أصبحت شائعة بين الناس منذ فترة بسيطة لا تتجاوز العشر سنوات عندما أصدرت أبّل Apple جهاز الآي فون الذي يجمع بين إمكانية الاتصال بالإنترنت عبر الهاتف النقال وقدرة المعالجة الحاسوبية عن طريق واجهة بخاصية شاشة اللمس المتعدد، مما جعل فعل كل شيء ممكناً إلى حد كبير عن طريق النقر بالإبهام والسبابة، وقد بيّنت إحدى الدراسات التي أُجرِيت مؤخراً أن مستخدمي الهواتف الذكية يقضون نحو خمس ساعات في اليوم مع أجهزتهم، وهذا ما جعل من الصعب اليوم السير على رصيف مزدحم في أي مدينة كبيرة دون الارتطام بشخص تركيزه منصب على شاشة هاتفه.

ومع التقدم التكنولوجي الذي يسير بسرعة مذهلة، فإنه من الغريب أن نعتقد أن الهاتف الذكي سيكون له متوسط عمر، ففي دراسة أجرتها شركة الاتصالات السويدية إريكسون Ericsson عام 2015 عن مستخدمي الهواتف الذكية حول العالم، وجدت أنَّ شخصاً من بين اثنين يتوقع أن يندثر الهاتف الذكي بحلول العام 2020، الأمر الذي يؤدي إلى السؤال الأهم: ما الذي سيحل محل الهاتف الذكي؟
 
يتكهن البعض أنّ التطور في التقنيات الحالية، كالواقع الافتراضي والواقع المُعزِّز والذكاء الاصطناعي والإلكترونيات القابلة للارتداء، سوف يُولِّد جيلاً جديداً من الأجهزة التي يمكن أن تغير حياتنا اليومية أكثر مما فعل الهاتف الذكي. 
 
يوضح جاك أولدريتش Jack Uldrich المعني بالشؤون المستقبلية والمؤلف والمحاضر الذي يساعد رجال الأعمال على فهم كل ما يظهر على الساحة من توجهات جديدة والاستفادة منها قائلاً: "إنّ التغيير الذي سنشهده هو الانتقال من مرحلة الولوج إلى الإنترنت إلى مرحلة العيش داخل الإنترنت".
 
لا نملك حتى الآن اسماً يحمل طابعاً عصرياً مناسباً لتلك الأجهزة، إلا أنه من المؤكّد أنها لن تكون مستطيلة بحجم اليد، ولن يكون هناك شاشات زجاجية مزودة بها، بل لا وجود لأي شاشة على الإطلاق، كما عهدنا ذلك مع الأجهزة التي نستخدمها في الوقت الحاضر، وربما لن يكون هناك جهاز واحد. حيث يتوقع براد ببرنز، المسؤول الإستراتيجي الكبير في مركز المستقبل الرقمي (Center for the Digital Future) في كلية أنينبيرج للاتصالات والصحافة في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، بأن الهواتف الذكية سوف تعطي الأولوية للشبكات الشخصية التي هي مجموعات من الأجهزة الدقيقة مخبأة في خرز القلادة أو مُركّبة في النظارات أو العدسات اللاصقة، سوف تستخدم هذه الأجهزة تقنيتي الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR لاستخراج المعلومات لمجال رؤيتنا وإلغاء الحاجة للشاشات، فاليوم نتحكم بتطبيقات هواتفنا الذكية الحالية بتحريك إصبعنا على الشاشة، إلا إننا سنكون قادرين على التعامل مع شبكاتنا الشخصية للجيل القادم من خلال الأوامر الصوتية، أو من خلال الإيماءات في الهواء بوجود تكنولوجيا لمسية تحاكي ردود فعل حسية للمس الأشياء الحقيقية. ورغم ذلك، يعتقد البعض أن الطباعة لن تُلغَى في المستقبل بشكل كامل، ولكنها ستصبح شيئاً نادراً جداً. يقول أولدريتش: "مثلما لا أستطيع اليوم مجاراة أطفالي في سرعة الكتابة عن طريق الهاتف الذكي، فهم بدورهم سيعجزون عن تأدية الإيماءات اللمسية بنفس السرعة التي سيكون أطفال اليوم قادرين على تأديتها في المستقبل".
 
ستصبح الهواتف الذكية شيئاً من الماضي وسيتم استبدالها بجيل جديد من أجهزة الاتصال القابلة للارتداء التي من شأنها أن تغير طريقتنا في التفاعل مع العالم. KELVIN MURRAY/GETTY IMAGES
ستصبح الهواتف الذكية شيئاً من الماضي وسيتم استبدالها بجيل جديد من أجهزة الاتصال القابلة للارتداء التي من شأنها أن تغير طريقتنا في التفاعل مع العالم. KELVIN MURRAY/GETTY IMAGES
 
الجيل القادم من المساعدين الأذكياء
من جانب آخر، لن نكون مضطرين لإدخال أكبر قدر من المعلومات كما كنا نفعل في السابق، لأن من المتوقع أن يتمتع الجيل القادم من المساعدين الأذكياء بحدس أكبر بكثير من تطبيق سيري أو أليكسا أو كورتانا، حيث أنَّ هذا الجيل من المساعدين سوف يعمل على اكتشاف ما نرغب بمعرفته أو فعله ربما قبل أن ندرك ذلك بأنفسنا. 
 
يتوقع أولدريتش أنه في المستقبل القريب ستقوم عدتنا الشخصية بدراسة حركات أعيننا لتقوم بالتنبؤ والتوقع، وأضاف: "إذا كنا نحدق في شيء ما لمدة ثانيتين، فسوف يخبرنا أننا بحاجة إلى مزيد من المعلومات حول هذا الموضوع". 
 
يعتقد بيرنز Berens أن مساعدي المستقبل الأذكياء سيقومون بالهمس في آذاننا بشكل مستمر وعرض رسائل لنا لمجرد الاطلاع عليها فقط، حيث من المؤمل أن يساعدنا هذا الأمر من عدة نواحي، فإذا ما قابلنا شخصاً ما ولم نستطع تذكر اسمه، سيظهر وميض أمام أعيننا ليقوم بهذه المهمة وتذكيرنا باسم هذا الشخص، ومن الممكن أيضاً تخيّل أجهزتنا المستقبلية أو المساعدين الأذكياء يتفاعلون في نهاية المطاف مع مساعدين أذكياء آخرين، وربما يقومون بأداء بعض الفعاليات التي كنا نقوم نحن بأدائها مع أشخاص حقيقيين. ويعتقد بيرنز أن هذا الاحتمال يدعوا للاهتمام والقلق في الوقت نفسه. 
 
يقول أيضاً: "لقد رأينا في السابق أشخاصاً يستخدمون التكنولوجيا الرقمية لتجنب التعامل المباشر مع بعض الأشخاص، بينما يتفاعلون بشكل أكبر مع أشخاص آخرين، فقد نقابل أشخاصاً في الباص أو المترو يستخدمون هواتفهم، أو يتواصلون مع أشخاص بعيدين عنهم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي بدلاً من التحدث مع من يجلس بجانبهم، بينما يفضل المراهقون التواصل عن طريق الرسائل النصية أكثر من التواصل عن طريق المكالمات واستخدام تطبيقات مثل تيندر Tinder لتسهيل عملية لقاء الأشخاص دون خوف من لقاء الغرباء.
 
يقول بيرنز في هذا الخصوص إن جزءاً من هذا الأمر يُعتبَر جيداً نوعاً ما، إلا أنه يعني أيضاً أن الأفراد سوف يعيشون في عوالمهم الخاصة الصغيرة أكثر فأكثر، داخل ما يدعوه المؤلف إيلي باريسر Eli Pariser بمرشح الفقاعات أو الأوهام، حيث لا حاجة لإدراك وجود وجهات نظر أخرى عن الأشياء.
 
إن الجيل القادم من أجهزة الاتصالات الشخصية قد يُغيِّرنا أيضاً بطرق أخرى لم نتخيلها بعد، كما هو الحال مع الهاتف الذكي، لذا سيتوجب علينا البدء في استخدامها لمعرفة ذلك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • كلفن (Kelvin): هي الواحدة الدولية الرئيسية لدرجة الحرارة الترموديناميكية وتُعرف على أنها جزء من 273.16 من درجة الحرارة الترموديناميكية للنقطة الثلاثية للماء. وللحديث بشكل عملي أكثر، يقيس سلم كلفن درجة حرارة الجسم التي تكون فوق الصفر المطلق، وهي درجة الحرارة النظرية الأشد برودةً. على مقياس كلفن، تكون نقطة التجمد للماء 273 كلفن (0 درجة سيلسيوس، 0 درجة كلفن) (الكلفن= 273 + سيلسيوس= 273+ 9/5 (فهرنهايت-32) ). غالباً ما يتم استخدام سلم كلفن لقياس درجات الحرارة في علوم مثل علم الفلك. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات