ثورة السوبرسونيك - الجزء الرابع: شاشة تفاعلية تزود الطيارين بمعلومات عن الانفجار الصوتي

هذا المقال هو الجزء الرابع من سلسلة ثورة السوبرسونيك.. لقراءة باقي السلسلة، تابعوا الجزء الأول، الجزء الثاني، الجزء الثالث.

طور المهندسون في مركز آرمسترونغ لأبحاث الطيران التابع لشركة ناسا Armstrong Flight Research شاشة لعرض معلومات الانفجار الصوتي للطائرات الأسرع من الصوت Supersonic Aircrafts في الزمن الحقيقي، تمكن هذه الشاشة الطيارين من التحكم في الانفجار الناجم عن اختراق حاجز الصوت. ومن الممكن دمج النظام في قمرة القيادة أو غرفة تحكم الطائرة لمساعدة الطيارين على منع حدوث الانفجار الصوتي أو توجيهه لمواقع محددة بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان.

تمثل الصورة العليا الرسم الشعاعي للانفجار الصوتي بتقنية الزمن الحقيقي
تمثل الصورة العليا الرسم الشعاعي للانفجار الصوتي بتقنية الزمن الحقيقي
يعمل نظام آرمسترونغ لكشف دوي الانفجار الناجم عن اختراق حاجز الصوت على تعزيز الأدوات الحالية التي طورتها القوات الجوية الأمريكية U.S.Airforce ووكالة ناسا للتنبؤ بانتشار موجة الانفجار الصوتي حتى وصولها إلى سطح الأرض. ويمكن استخدام هذه التقنية في الجيل الحالي من الطائرات الأسرع من الصوت، التي تولد انفجارات صوتية عالية، فضلًا عن الجيل القادم من الطائرات ذات الانفجار الصوتي المنخفض، والمتوقع أن تكون هادئة بما يكفي لتحليقها فوق الأحياء السكنية.

ويعالج النظام متغيرات الطائرات ومعدل تحليقها وكذلك البيانات المتعلقة بالظروف الجوية المحيطة، ثم يوفر معلومات في الزمن الحقيقي تتعلق بموقع اختراق حاجز الصوت والانفجار الصوتي الناتج عنه، ما يمكن الطيارين من إجراء التعديلات اللازمة أثناء التحليق بالطائرة والتحكم في تعديلاتهم على أرض الواقع.

مميزات التقنية


  • إمكانية السفر البرّي القريب من سطح الأرض: يستطيع الطيارون تجنب الانفجار الصوتي أو التحكم في موقعه وشدته، وتساعد هذه التقنية في تمكين الجيل القادم من الطائرات الأسرع من الصوت للطيران على ارتفاع قريب من سطح الأرض.
  • تعمل في قمرة القيادة وغرف تحكم الطائرة: تمكن الأداة التنبؤ بالانفجار الصوتي على متن الطائرة بالإضافة للتخطيط والتحليل ضمن غرفة التحكم الطائرة.
  • تقلل مستوى التلوث السمعي: تسمح هذه التقنية بتحجيم الانفجار الصوتي وتأثيره على سطح الأرض.
  • توفر المعلومات في الزمن الحقيقي: يستخدم النظام بيانات الزمن الحقيقي لتوليد المعلومات الخاصة به، ما يسمح للطيارين بالاستجابة لتغيرات معاملات الطيران أو الظروف الجوية المحيطة وإجراء التعديلات المناسبة لتقليل الانفجار الصوتي.
  • تساعد مراقبي حركة المرور الجويّة: توفر هذه التقنية نظامًا يسمح لمراقبي حركة المرور الجوية بتحليل إحداثيات الطيران للموافقة عليها، ومراقبة الطائرات أثناء الطيران، ومراجعة بيانات الرحلات الجوية لتنظيمها.


تطبيقات النظام


  • الطائرات التجارية الأسرع من الصوت: تطور العديد من الشركات طائراتٍ تجارية تتطلب هذا النوع من التقنيات الحديثة لضمان أن الانفجار الصوتي الناجم عن اختراق حاجز الصوت لا يؤثر سلبًا على المناطق السكنية.
  • إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية (Federal Aviation Administration (FAA: يحتاج المنظمون هذا النوع من النظم للموافقة على خطط الطيران، ومراقبة الطائرات أثناء الطيران، ومراجعة بيانات الرحلات.
  • البحث والتطوير في مجال الفضاء والطيران: يساعد النظام باحثي ناسا على تطوير المسارات المنحنية للطائرات في محاكيات الطائرات وزيادة كفاءة نقاط الاختبار أثناء الرحلات الفعلية للحد من الضجيج الصوتي.


تفاصيل التقنية


أعطى السفر التجاري الأسرع آمالاً كبيرةً للخطوط الجوية التجارية وللمسافرين العاديين عندما طُرح للمرة الأولى عام 1976. ولكن عندما تسافر الطائرات الأسرع من الصوت بسرعات تقارب أو تساوي 1 ماك -سرعة الصوت- فإنها تولد انفجارات صوتية رعدية جعلت منها مصدرًا لإزعاج السكان. ولهذا السبب، تحظر الولايات المتحدة ودولٌ أخرى السفر التجاري الأسرع من الصوت على ارتفاع قريب من سطح الأرض.

تُشكل موجة الصدمة الأسرع من الصوت مخروطًا من جزيئات الهواء المضغوطة التي تنتشر إلى الخارج في جميع الاتجاهات وتمتد لتصل الأرض. تخلق موجة الصدمة دويًا نتيجة لاختراق حاجز الصوت المستمر على عرض قاعدة المخروط. وتشمل العوامل التي تؤثر في الانفجار الصوتي وزن الطائرة وحجمها وشكلها، بالإضافة إلى ارتفاعها وسرعتها وتسارعها ومسارها الجوي والظروف الجوية المحيطة. إذ تأخذ الشاشة التفاعلية هذه العوامل بعين الاعتبار وتمكن الطيارين من التحكم في آثار دوي اختراق حاجز الصوت والتخفيف منها.

آلية عملها


تتضمن تقنية آرمسترونغ نمذجة ثلاثية الأبعاد للأرض وكذلك مدخلات البيانات الجوية المجسمة. ويتمثل الإبداع في معالجٍ يحسب المعلومات المهمة المتعلقة بأرجحيّة حدوث الانفجار الصوتي استنادًا إلى الأداء الخاص بالطائرة. فيحسب المعالج موجة الصدمة الصوتية تلك بالقرب من حقل المنبع طبقًا لمؤشرات الرحلة للطائرة، ثم يتتبع موجة الصدم الصوتية شعاعيًّا Ray Tracing ليحدد موقعًا أرضيًّا ستضربه، مع مراعاة حقل المنبع القريب وبيانات الحالة البيئية والتضاريس ومعلومات الطائرات. يعطي المعالج توقيعًا زمنيًّا خاصًا لمعلومات شعاع التتبع للحصول على بصمة دوي الصدمة الممتدة إلى الأرض، ويحسب أيضًا معلومات شعاع التتبع ليستنتج ظروف انكسار موجة الصدمة Mach Cutoff والارتفاع وسرعة التحليق اللازمين لحدوثها.

تُدمج بيانات التنبؤ مع الشاشة التي تعرض خريطةً متحركةً للمنطقة المحليّة في الزمن الحقيقي والقادرة على عرض بصمة الانفجار الصوتي الحالي للطائرة طوال الوقت. يختار الطيار حركات المناورة من قائمة مناوراتٍ مبرمجةٍ مسبقًا من مثل التسارع أو الانعطاف أو الاندفاع، وتَظهر بصمة الانفجار الصوتي لهذه المناورة على الخريطة المعروضة على شاشة. يمكن هذا الطيارين من تحديد أو تعديل مسار الرحلة أو متغيراتها إما لتجنب توليد الانفجار الصوتي أو لتحديد مكانٍ معينٍ لحدوثه، كما يمد النظام الطيارين بتوجيهات حول كيفية تنفيذ مناورة محددة.

لماذا هو أفضل؟


لا يوجد نظام آخر لإدارة الانفجار الصوتي أثناء الطيران سوى هذا النظام، فيتميز بقدرته على عرض موقع وشدة موجة الصدمة الناجمة عن الطائرات الأسرع من الصوت في الزمن الحقيقي، كما يتيح هذا النظام للطيارين إجراء تعديلات على متن الطائرة للتحكم في شدة ومكان الانفجار الصوتي عبر شاشة تفاعلية يمكن دمجها في قمرة القيادة وغرف التحكّم. وتستخدم هذه التقنية في غرف التحكم والمحاكاة في مركز آرمسترونغ منذ عام 2000 وساعدت العديد من المشاريع المتعلقة بالانفجار الصوتي. على سبيل المثال، استُخدم هذا النظام في FaINT ومشروع SCAM، إذ ساهم كلاهما في زيادة كفاءة جمع بيانات أبحاث الانفجار الصوتي. وتعد هذه التقنية أيضاً عنصرًا حاسمًا في مشروع السرعة العالية للبرنامج الأساسي للملاحة الجوية التابع لوكالة ناسا، الذي يسعى إلى تطوير والتحقق من صحة الأدوات والتقنيات والمفاهيم للتغلب على الحواجز التي تعوق التحقيق الفعلي للطائرات عالية السرعة.

تملك شركات الفضاء الجوي تقنيات تمكنها من بناء طائرات أسرع لتستخدم في الرحلات الجوية البرية، إلا أن الصناعة لم تضع بعد نظامًا لدعم تخطيط الطيران وإدارة الانفجار الصوتي، وبالتالي فإن هذه الشاشة التفاعلية التي تعرض الانفجار الصوتي في الزمن الحقيقي تملأ هذه الحاجة. وستمهد قدرات هذه التقنية المتطورة الطريق نحو الطيران الأسرع من الصوت، حيث إنها المفتاح لضمان إمكانية تحقيق زيادات في السرعة دون إزعاج التجمعات السكنية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • انكسار موجة الصدمة (Mach Cutoff): هي ظاهرة تحدث عند انتقال موجة الصدمة الصوتية الناتجة عن طائرة تحلق على ارتفاع عال بسرعة 1.2 ماك مثلًا، إلى طبقة الهواء الدافئة الأكثف والأقرب لسطح الأرض حيث تكون سرعة الصوت فيها أسرع نسبيا من سرعة الطائرة. فتحدث ظاهرة انكسار صوتي لموجة الصدمة وتنعكس للأعلى فلا تصطدم بالأرض أبدًا.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات