شتاء نووي قد يستمر لسنوات بعد حرب هوجاء بين روسيا والولايات المتحدة

حقوق الصورة: (Image: © Shutterstock)



من شأن حرب نووية شاملة أن تسبب فصول صيف متجمدة وانتشار المجاعة في جميع أنحاء العالم.


تشير دراسة جديدة أنه إذا نشئت حربًا نووية شاملة بين روسيا والولايات المتحدة، فإنها ستؤدي إلى كارثة لكل من على الأرض. لن تسبب فقط الانفجارات والحرائق والتعرض للإشعاعات في قتل ملايين السكان للمدن المستهدفة، ولكن ستسبب "شتاء النووي" سيستمر من شهور إلى سنوات، والذي سيؤدي أيضًا إلى تغيير مناخ الأرض بشكل كبير، مما سيسبب فصول صيف متجمدة ومجاعات في جميع أنحاء العالم.

قال آلان روبوك Alan Robock مؤلف مشارك في الدراسة وعالم البيئة في جامعة روتجرز في نيوجيرسي، إن الحرب الباردة ربما تكون قد انتهت، لكن لا تزال القنابل النووية مدمرة بشكل بارز، وهناك ما يكفي منها للتسبب في كارثة مناخية.

وذكر لـ "لايف ساينس": "يعتقد الناس أن الأسلحة النووية هي فقط مجرد قنابل أكبر".

لكنها ليست كذلك. عندما تنفجر قنبلة نووية، يذهب ثلث طاقتها إلى انفجار لحظي من الحرارة والضوء، وفقاً لورقة نشرت في دورية وايرس (WIREs) للتغير المناخي. ويتبعها هزة ارتدادية لهذا الانفجار، تساوي أي بناء حول الانفجار بالأرض، وتكوِّن أكوام من المواد الملتهبة جاهزة للاشتعال. ثم مع شبوب النار، ينتشر الدخان في الغلاف الجوي، وعلى الرغم من أن المطر سيخفف بعضًا من هذا الدخان، الا ان معظمه قد ينجرف إلى طبقة الستراتوسفير، حيث قد يظل فوق السحب ويحجب ضوء الشمس. وهذا ما يمكن أن يسبب الشتاء النووي.

استخدم مؤلفو هذه الدراسة والتي نُشرت في 23 يوليو/تموز في مجلة الأبحاث الجيوفيزيائية: أجواء، نماذج مناخية حديثة لحساب أثر الدخان الناجم عن الانفجارات النووية على درجة حرارة الأرض، وأنماط الرياح وأكثر. لم تكن دراستهم هي الأولى في محاكاة آثار الشتاء النووي. ففي عام 2007، قام فريق من الباحثين بقيادة روبوك Robock بمحاكاة مماثلة.

مع ذلك، نظرت هذه الدراسة الجديدة نحو الأرض بدقة أكثر من البحث السابق، كما قال روبوك. كذلك، درس البحث الحديث المزيد من المواقع وشمل عمليات لم يصفها النموذج السابق مثل آثار السخام على كيمياء الغلاف الجوي وتأثير الشتاء النووي على المحيطات.

حتى مع الحسابات الحديثة، كانت نتيجة الشتاء النووي قاتمة. وهذا يعطي روبوك مزيداً من الثقة على أن النتائج التي تقترحها هذه النماذج هي تنبؤات دقيقة.

قال روبوك: "ينتقد الناس النماذج بأنها غير مثالية، لكن إذا استطعت إعادة بناء النموذج، فيمكنك أن تمتلك الثقة حول نتيجتك."

وقال جوشوا كوبي Joshua Coupe وهو طالب دكتوراه في علوم الغلاف الجوي بجامعة روتجرز ومؤلف رئيسي للدراسة في بيان "سيكون هناك بالفعل شتاء نووي له عواقب وخيمة."

وجد الباحثون أنه إذا ما أطلقت كلاً من الولايات المتحدة وروسيا ترساناتهما النووية بالكامل على بعضهما بعضًا، فإن السخام سينجرف عالياً في الغلاف الجوي، وسيحجب الشمس لأشهر وسنوات. سيصبح الصيف شيئًا من الماضي، حيث ستنخفض درجات الحرارة في معظم أنحاء نصف الكرة الشمالي إلى ما دون الصفر على مدار السنة. ستنخفض مواسم الزراعة بنسبة 90 ٪، وبذلك سوف يعاني معظم أنحاء العالم من المجاعة.

بالإضافة إلى انخفاض درجات حرارة السطح. إن فصل الشتاء النووي سيكون له تأثير كبير على كل شيء من التيارات في المحيطات إلى التيار النفاث. تنبأ نموذج الدراسة بسبع سنوات لظاهرة إل نينيو، وهي نمط مناخي يستمر عادة في المحيط الهادئ طوال عامٍ، ولا يحدث عادةً إلا كل ثلاث إلى سبع سنوات. يؤدي حدوث هذه الظاهرة إلى الجفاف أو هطول الأمطار الشديدة في المناطق المتضررة.

خلال الشتاء النووي، الناس الذين يتجهون إلى المحيطات لجمع المحاصيل المتناقصة سيصابون بخيبة الأمل، لأنه ايضاً سيختفي الكثير من التنوع البيولوجي للمحيط. في النهاية، كما لو أن التأثيرات على المناخ لم تبدوا كافية، فإن السخام سيشق ثقوبًا هائلة في طبقة الأوزون، قاصفًا سطح الأرض بالإشعاع فوق البنفسجي.

هذه هي ليست المرة الأولى التي يحذر فيها العلماء من العواقب المناخية الكارثية المحتملة للحرب النووية. ففي أوائل الثمانينيات، وهي ذروة سباق التسلح النووي، افترض العلماء (بما في ذلك الفلكي كارل ساجان) أن الدخان الناجم عن الانفجارات النووية قد يحجب الشمس والذي سيغير مناخ الأرض بشكلٍ كبير. تمت صياغة مصطلح "الشتاء النووي" في عام 1983، عندما حسبت دراسة تاريخية في مجلة Science العلمية أن درجات الحرارة يمكن أن تنخفض إلى أقل من درجة التجمد في أواسط القارات.

نتيجة حملة دولية لتحريم الأسلحة النووية، انخفضت الترسانات النووية بمرور الوقت. قال روبوك إنه في الثمانينيات كان هناك أكثر من 50000 سلاح نووي في جميع أنحاء العالم، وحالياً يوجد حوالي 8500 سلاح صغير نسبياً على مستوى العالم. لكن هذا لا يعني أن التهديد قد ولى.

اشار روبوك "في الواقع، ازداد الأمر سوءًا. ففي السابق، لم يكن هناك سوى دولتان تمتلكان ترسانات نووية" (الولايات المتحدة وروسيا). حالياً وفقًا لاتحاد العلماء الأمريكيين فإن هناك تسعة دول تملك قنابل نووية.

واضاف روبوك "المشكلة لم تحل فعلى الرغم من أن عدد الترسانات قد انخفض، إلا أنها لا تزال كافية لحدوث شتاء نووي".


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات