هل ستحل ذرات الثقب الأسود واحدة من أكبر مشاكل علم الفلك؟

هل ستحل ذرات الثقب الأسود واحدة من أكبر مشاكل علم الفلك؟

 

خُذ ثقباً أسوداً مشحوناً وأضف إليه الكترون، عندها ستحصل على ذرة ثقب أسود، فهل تعرف هذا الجسم؟ إنه أكثر شيوعاً مما تتخيله.

 

من أكبر المشاكل الموجودة في الفيزياء الفلكية لغز المادة المظلمة، فعندما يرصد الفلكيون مجرات أخرى، يُمكنهم رؤية مقدار سرعة دورانها، كما يمكنهم معرفة كمية الكتلة المرئية التي تحتويها، وحساب القوى الثقالية التي يجب أن تولدها.

 

وكما نعلم فإن المجرات مترابطة ببعضها، وهنا تكمن المشكلة؛ لأن المادة المرئية لا تقوم بتوليد جاذبية كافية من أجل الحفاظ على ترابط المجرات مع بعضها البعض، ضمن نظام يجعلها تبتعد عن بعضها وفقاً للدراسات المتعلقة بالمادة المرئية.

 

لذلك يعتقد الفيزيائيون الفلكيون أن شيئاً آخر يقوم بربط المجرات مع بعضها البعض، وتتوجه الأنظار تجاه المادة المظلمة ويقولون أنها عبارة عن شيء غامض وغير مرئي يقوم بتوليد جاذبية كافية من أجل الحفاظ على ترابط أجزاء الكون.

 

السؤال الكبير: ما هو هذا الشيء؟

في محاولة للجواب على هذا السؤال قام (Vyacheslav Dokuchaev) و (Yury Eroshenko) من معهد الأبحاث النووية في الأكاديمية الروسية للعلوم في موسكو باقتراح نظرية جديدة ملفتة للنظر.

تقول النظرية أن المادة المظلمة مكونة في الحقيقة من ذرات الثقب الأسود الميكروسكوبي ومن صفاتها أنها حيادية كهربائيا، لأنها تمتلك شحنة معينة تقوم بالتقاط الإلكترون أو البروتون ما يتركها حيادية كهربائياً، ويقول الباحثون: "نقترح أن ذرات الثقوب السوداء أصلٍ محتمل لجسيمات المادة المظلمة".

 

لفترة طويلة من الزمن اعتقد الفيزيائيون أن الثقوب السوداء الميكروسكوبية لا بد وأنها تشكلت في المراحل المبكرة من عمر الكون، وكان تشكلها نتيجة عن الاهتزاز الكوانتي الحاصل في كثافة المادة في ذلك الوقت، الأمر الذي أدى إلى خلق بعض المناطق في الفضاء تتمتع بكثافة كافية من أجل تشكيل ثقوب سوداء.

ويرى الباحون أن معظم الثقوب كانت صغيرة جداً بل مجهرية (ميكروسكوبية) إلا أن بعضاً منها كان ضخماً، لدرجة سمحت له بلعب دور في عملية تشكل المجرات.

 

أما التفكير السائد هذه الأيام أن الكون لابد وأنه كان مليء بهذه الأجسام، ويناقش العديد من النظريين احتمالية كون هذه الأجسام المعروفة بـ "الثقوب السوداء البدائية" هي المادة المظلمة الغامضة.

 

إحدى المشاكل تكمن في احتمالية امتلاك الثقوب السوداء البدائية لشحنة كهربائية، في تلك الحالة من المحتمل أنها قامت بجذب الكترونات أو برتونات، ما يجعلها حيادية كهربائياً، مثل الذرات تماماً.

 

والسؤال الذي يواجهه Dokuchaev و Eroshenko هو: ما هي الخواص التي كانت تمتلكها مثل تلك الأجسام؟

والجواب هو الخواص نفسها التي تتوقع وجودها في المادة المظلمة تماماً.

 

يقولون في البداية امتلكت الثقوب السوداء كتلة تقع في المجال 10^14 كيلوغرام -10^23 كيلوغرام؛ أي: حوالي نفس مجال كتل الكويكبات، لكن حتى عند تلك الكتلة كانت تلك الأجسام صغيرة جداً؛ أصغر من الذرات ولكنها أكبر من النكليونات، مثل البروتونات والنترونات.

 

ولكن من غير المرجح أيضاً أن تكون كأي مادة أخرى في الكون، على سبيل المثال: قدَّر Dokuchaev و Eroshenk أنه يُمكن لالكترون (أو فوتون) أن يدور داخل أفق الثقب الأسود، ما يعني أنه ليس بإمكانه أبداً الهروب.

 

هذا الأمر سيحد من التفاعل مع المادة العادية، لذلك وبصرف النظر عن كتلتها، ستتفاعل ذرات الثقب الأسود مع المادة الأخرى بشكلٍ أضعف من تفاعل النيوترينوهات معها.

 

يقول الباحثان: "إن تأثير التفاعل بين ذرات الثقب الأسود الحيادية والمادة العادية بوساطة الاحتكاك الديناميكي الثقالي صغير جداً".

 

الخط السفلي يوضح أن ذرات الثقب الأسود مظلمة (يُمكنك النظر إلى الرسم البياني هنا )، وتمتلك كتلة وعديمة التفاعل مع الجسيمات.

 

يقول Dokuchaev و Eroshenk: "هذه هي الخواص التي يحتاجها المرء عند البحث عن مرشحين ليكونوا مادة مظلمة".

 

والسؤال، كيف يُمكن اكتشافها؟ الأمر ليس سهلاً جداً.

يقول Dokuchaev و Eroshenk أن تشكل هذه الذرات ربما يؤدي إلى إنتاج إشارة قابلة للقياس، وذلك عندما يتسارع الكترون ما نحو ثقب أسود ميكروسكوبي من أجل تشكيل ذرة ثقب أسود، يُجبر هذا الالكترون على تحرير طاقة على شكل وميض من الأشعة الكونية فائقة الطاقة.

 

وماذا بعد؟ ربما تُكمم الالكترونات تماماً كما يحصل في الذرات العادية، وتقفز بالتالي من مستوى إلى آخر محررةً فوتونات.

 

يقول الباحثان: "يجعل هذا المفعول من عملية رصد ذرات الثقب الأسود أمراً ممكناً من حيث المبدأ".

 

الحقيقة أن هذه فكرة مثيرة، لكنها تمتلك نصيبها من المشاكل أيضاً، فعلى فرض أن ذرات الثقب الأسود هي المادة المظلمة، فبالتالي يجب أن تملأ الكون.

 

من المحتمل أن المشكلة الأكثر جدية في إيجاد طريقة من أجل رصد هذه الأجسام بشكلٍ لا لبس فيه هي فصلها عن الثقوب السوداء العادية، فهي حيادية كهربائياً أو تُشكل في الواقع مرشحاً آخر ليُكون المادة المظلمة.

 

فوق كل هذا لايزال أمامنا احتمالية أخرى مثيرة، فعلى سبيل المثال، قد تتفاعل ذرات الثقب الأسود مع بعضها البعض بطريقة تُشكل من خلالها جزيئات أو أشياء أكبر، لكن ما هي البنية التي يُمكن أن تتشكل جراء هذا التفاعل؟

 

يبقى هذا السؤال مفتوحاً للمزيد من العمل أمام مُنظري الثقوب السوداء، فهل لديهم الوقت الكافي لصرفه على هذا الموضوع؟

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات