إمكانيات مستقبلية لأبحاث الديدان المفلطحة في محطة الفضاء الدولية

لسنوات عديدة، ساد الافتراض أن الأرض مسطحة. الآن لدينا مختبر يدور حول كوكبنا الأزرق العملاق. لذلك فإن العودة إلى التفكير المسطح على متن محطة الفضاء الدولية شيء يثير السخرية، إلا أن محطة الفضاء هذه تؤوي الآن ديدان مفلطحة من أجل البحث!
 
 من المحتمل أن تكون دراسة هذه المخلوقات أمرًا مفيدًا إلى حد ما في تأثيراتها على الطب التجديدي، وهي طريقة لعلاج أو استبدال الخلايا البشرية والأنسجة أو الأعضاء على الأرض لاستعادة الوظيفة الطبيعية. أُطلقت دراسة جديدة على متن مهمة سبيس إكس(SpaceX) الخامسة لخدمات التموين التجارية(CRS) المتجهة نحو المحطة الفضائية، وتَختبر هذه الدراسة العمليات الإصلاحية للديدان المفلطحة في الجاذبية الصغرى.
 
طبقا لأعمار الديدان أو عند مواجهتهم لتلف الخلايا، فإن لديها القدرة على تجديد خلاياها. على سبيل المثال لو فقدت دودة ذيلها يمكن أن تعيد تنميته مرة ثانية. سيقوم فريق من الباحثين من مركز كنتاكي للفضاء(LLC) ومركز التجديد وعلم الأحياء التنموي في جامعة تافتس في ميدفورد-ماساشوستس، باستخدام الديدان لملاحظة إتمام عمليات إصلاح والتئام الجروح بواسطة الخلايا فى الفضاء خلال دراسة عن تجديد الديدان المفلطحة. هذه الرؤية يمكن أن تؤثر على تطور الطب على الأرض مع أساليب جديدة لإصلاح الأنسجة التالفة من الإصابة أو العجز البدني.
 
يقول كريس كيميل (Kris Kimel) رئيس ومؤسس (LLC): "نحن نبحث على وجه التحديد في عمليات التجديد والتطبيقات التي يمكن أن تكون ذات قيمة هامة للاستخدام على الأرض. وقد ركّز جزء كبير مما تم إنجازه في الماضي على صحة رواد الفضاء، ويمكنك تعلّم الكثير من ذلك، ولكن نحن نركز في المقام الأول على العمليات الخلوية والعمليات ضمن المستوى الجزيئي التي يمكن أن تؤثر على عمليات التجدد على الأرض''.
 
هذا البحث هو الخطوة الأولى نحو فهم كيفية تأثير الجاذبية على آليات الإصلاح والتجديد في الكائنات الحية. يأمل الباحثون أن يرسموا خريطة لإشارات عمليات الخلية، التي تساعد أجسام الديدان على تحديد موقع تلف الخلايا وإرشاد المنطقة المتضررة أو الذيل لإعادة النمو. تُرصد الديدان في الفضاء وتُشاهد لمعرفة كيف يمكن لهذه العمليات أن تُشوَّش بسبب غياب الجاذبية.
 
لا تنطبق التأثيرات المترتبة على البحث فقط على الطب التجديدي، وإنما تنطبق أيضا على التطوير التكنولوجي. قد يستطيع المهندسين خَلق خوارزميات (algorithms) جديدة -مجموعة من الخطوات المستخدمة في الرياضيات أو في تصميم عمليات الكمبيوتر -ارتكازًا على المعرفة المكتسبة من دراسة الدودة المفلطحة في المدار. يمكن أن يؤدي هذا إلى التكنولوجيا التي توظف هذه الخوارزميات لإعادة تكوين مكوناتها الخاصة والطاقة المستخدمة في الفضاء العميق.
 
وُضِعت ديدان مبتورة الرأس أو الذيل فى أنابيب محكومة الإغلاق من أجل هذه الدراسة. وُضِعت الأنابيب في عليبات الأبحاث البيولوجية (BRIC)، وتم وضع الأجهزة وتحميلها على متن سفينة الفضاء (سبيس اكس) لتسليمها إلى المحطة. لا يتطلب بحث الدودة المفلطحة تحكم أو تفاعل من طاقم المحطة.
 
أضاف (كيميل): "التجربة لها قيمة محتملة من حيث النتائج، ولكن في هذه المحاولة الأولى، نحاول أن نجعلها تعمل ذاتياً قدر استطاعتنا''.
 
وتنص خطة البحث على أن الديدان المفلطحة تعود على قيد الحياة بمجرد هبوطها. لقد جدولوا حالياُ أن يعودوا على متن دراغون (Dragon) في ختام مهمة سبيس إكس CRS-5. سيقوم فريق البحث بتحليل أنماط التجديد لديدان الفضاء ومقارنتهم بديدان مُراقَبة تعيش في ظروف مشابهة على الأرض خلال فترة الدراسة.
 
يصف (كيميل) الدراسة بمثابة خطوة حاسمة في أبحاث الطب التجديدى الدقيق، والمسارات التجارية إلى الفضاء. يتمنى فريق (كيميل) أن يركز على المشاريع ذات المسارات المحددة التي يحاولون فهمها. ستصبح النتائج التي حصلوا عليها من الدراسة الأولى من قِبَل كنتاكي للفضاء وجامعة تافتس هي الركيزة الأساسية لمرحلة الأبحاث القادمة في مجال الطب التجديدي.
 
قال (كيميل): "عندما نفعل شيءً ما فإننا نرى لماذا نفعل ذلك، كيف سيناسب هذا الشيء مسار بحثنا، وهل ستقودنا النتيجة إلى تجربة أخرى. في حال إذا كانت التجربة الأولى ستأخذنا إلى الخطوة الثانية أو حتى إن لم تبدو أنها ستأخذنا إلى أي مكان، فإننا لا نقوم فقط بعمل دراسات البحث لمرة واحدة. نحن نخطط لمواصلة المحاولات والاقتراب أكثر من النتائج القيّمة".
 
بالنظر إلى التأثيرات الإصلاحية المحتملة للمرضى الذين يعانون من الإصابة أو العجز البدني على الأرض، يتبيّن أن دراسة الجاذبية الصغرى للديدان فكرة غير سطحية!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات