هل بوزون هيغز قطعة من أحجية المادة-المادة المضادة؟

ساعدت بضعة تجارب، بما في ذلك تجربة BaBar التي جرت في مختبر المسرع الوطني SLAC في وزارة الطاقة الأمريكية، على شرح بعض –وليس كل –الخلل الموجود بين كميات المادة والمادة المضادة في الكون. اليوم، وضع فيزيائي نظري من SLAC وزملاء له طريقة محتملة من أجل تحديد فيما إذا كان بوزون هيغز موجوداً في هذه العملية.

في ورقة علمية نُشرت في مجلة Physical Review D، اقترح الفريق قيام العلماء الموجودين في المصادم الهادروني الكبير في مركز الأبحاث النووية الأوروبي (CERN)، حيث تم اكتشاف بوزون هيغز، بالبحث عن نوع معين من تفكك هيغز، وذلك عندما يتم تشغيل المصادم من جديد في هذا العام. يُمكن لتفاصيل ذلك التفكك أن تُخبرنا فيما إذا كان لدى هيغز شيئاً يقوله في قضية لا توازن المادة-المادة المضادة، أم لا شيء لديه.

يقول مات دولان (Matt Dolan)، وهو باحث مساعد في SLAC من مجموعة فيزياء الجسيمات، وهو مؤلف مشارك في الورقة العلمية: "الآن هو وقت التخطيط لاستراتيجية البحث. وبهذه الطريقة، عندما يبدأ المصادم الهادروني الكبير بالعمل، سنكون جاهزين".
لماذا تُوجد المادة بكميات أكبر من المادة المضادة؟ وهذا السؤال واحد من بين أكبر الأسئلة التي تواجه فيزيائي الجسيمات وعلماء الكون؛ كما أنّ هذا السؤال يلجأ إلى قلب مسألة وجودنا. في الوقت الذي تبع الانفجار العظيم، وعندما برد الكون إلى درجة كافية من أجل تشكل المادة، ظهرت معظم أزواج المادة-المادة المضادة إلى حيز الوجود ومن ثمَّ أفنت بعضها البعض؛ لكن حصل شيء ما جعل من كفة التوازن تميل لصالح المادة، وإلا ما كنَّا لنوجد –نحن، والنجوم، والكواكب، والمجرات، والحياة.

تم ربط الاكتشاف المؤخر لبوزون هيغز بشكلٍ مباشر بقضية الكتلة والمادة؛ ويبدو السؤال المتعلق بوجود بوزون هيغز من عدمه في مسألة المادة والمادة المضادة سؤلاً منطقياً.
تعتمد الورقة العلمية على ظاهرة تُعرف بـ CP -أو انتهاك تكافؤ الشحنة؛ وهي نفس الظاهرة التي تم دراستها بوساطة BaBar، ويعني انتهاك CP أن الطبيعة تقوم بمعالجة الجسيمات ونسخها المرآتية-معاكسة الشحنة بطرق مختلفة.
يقول دولان: "البحث عن CP في المصادم الهادروني الكبير أمر مخادع. لقد بدأنا للتو في النظر إلى خواص بوزون هيغز، ويجب أن      تكون التجارب مصممة بشكلٍ حذر جداً إذا ما أردنا تحسين فهمنا لكيفية تصرف بوزون هيغز بوجود ظروف مختلفة".


في البداية، يحتاج العلماء إلى التأكد من أن هيغز يتلائم مع النموذج القياسي –أفضل التفسيرات التي نملكها حالياً للمادة، والطاقة، والعمليات التي تُحولهم إلينا؛ وإذا كان بوزون هيغز يتلائم مع النموذج القياسي حيث يحصل انتهاك CP، فإننا ندعوه CP-even وإن لم يكن متلائماً، فإننا ندعوه CP-odd.
اقترح الفيزيائيون النظريون أنه يجب على التجارب، البحث عن عملية يُعطي فيها تفكك هيغز جسيمات تاو،الأقارب الأكبر حجماً للالكترونات، في حين يتحول فرق الكتلة الناجم عن تصادم بروتون-برتون إلى طاقة تنتشر باتجاه الخارج من التدفقين الحاصلين؛ ويتم الكشف عن أي مزيج من CP-even، وCP-odd بالإعتماد على الزاوية الحاصلة بين التدفقين.

يقول فيليب هاريس (Philip Harris)، وهو فيزيائي في مركز CERN والمؤلف المشارك في الورقة العلمية مع مارتن جانكوفياك (Martin Jankowiak) من جامعة هايدلبيرغ وميشيل سبانوفسكي (Michael Spannowsky) من جامعة دورهام: "هذا تحليل رفيع المستوى جداً"؛ وركز عضو الفريق هاريس على تفككات هيغز إلى تاو-تاو (Higgs-to-tau-tau decays) وهي التفككات التي
 تم بدأت مؤخراً فقط بالتصاعد.
يقول هاريس: "أردت أن أُضيف قياس انتهاك CP إلى تحليلنا، وما اقترحه مات، وميشيل، ومارتن كان السبيل الأفضل"؛ ويضيف بأنه يتطلع قدماً إلى كل مشاهدة كل البيانات التي سيُولدها المصادم الهادروني الكبير عندما يعود إلى العمل من جديد في وقت مبكر من العام القادم وبقدرته التصميمية الكاملة.
ويقول: "حتى بوجود البيانات الخاصة بعدد قليل من الأشهر، يُمكننا البدء بالإجراءات الحقيقية المتعلقة بانتهاك CP وبوزون هيغز".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات