تتحكم روسيا بستة وحدات من محطة الفضاء الدولية (حقوق:STS-122 Shuttle Crew, NASA via flickr, CC BY-NC-SA)
ستركز روسيا جهودها المستقبلية على بناء محطة فضاء خاصة بها
بحسب إعلان من رئيس وكالة الفضاء الروسية الجديد، يوري بوريسوف، خلال لقائه مع فلاديمير بوتين في 26 من يوليو/تموز 2022، تنوي روسيا الإنسحاب من محطة الفضاء الدولية بعد 2024، ووضح أن جهود الوكالة المستقبلية ستركز على إنشاء محطة فضاء روسية جديدة.
ستسمح الإتفاقيات الحالية للمحطة بالاستمرار بالعمل لنهاية 2024، حيث أنها تحتاج إلى الوحدات الروسية لتبقى في المدار، وتسعى الولايات المتحدة وشركائها إلى تمديد مدة حياة المحطة إلى 2030. ومع أن انسحاب روسيا هو نتيجة حتمية للتوتر السياسي حول محطة الفضاء خلال الأشهر الماضية، إلا أنه لا يخرق أي من الاتفاقيات الحالية ولا يشكل أي تهديد فوري على عمل المحطة.
خلال ال23 سنة التي عملت خلالها، كانت المحطة مثالاً مهماً على قدرة روسيا والولايات المتحدة على العمل معاً برغم خلافاتهم السابقة، وذلك كان مهماً بالأخص خلال تدهور العلاقات بينهما في السنوات السابقة. ومع أنه ليس من الواضح ما إذا كانت روسيا ستبقى على رأيها، سبب هذا الإعلان توترا للعاملين على المحطة، والتي تعد أنجح تعاون دولي فضائي لهذا الحين.
ما الشكل الذي سيأخذه هذا الإنسحاب؟
تتحكم روسيا بستة وحدات من أصل 17 وحدة على المحطة، ومن ضمنها وحدة زفيزدا التي تحتوى على نظام المحركات الرئيسي، هذا المحرك أساسي لعمل المحطة حيث أنه مسؤول عن إبقائها في المدار، وإبعادها عن الحطام الفضائي. بحسب إتفاقية محطة الفضاء الدولية، فإن لروسيا الصلاحية الكاملة للتحكم بوحداتها.
ليس واضحاً بعد كيف ستقدم روسيا على الإنسحاب من المحطة، حيث أن الإعلان لا يذكر سوى أن الإنسحاب سيكون بعد 2024. بالإضافة إلى ذلك، لم تذكر روسيا ما إذا كانت ستسمح لشركائها الحاليين بالتحكم بالوحدات التابعة لها بعد انسحابها، أو ما إذا كانت ستطالب بإغلاقها كلياً.
ليس من الواضح أيضا ما إذا كانت المحطة ستستطيع العمل دون الوحدات الروسية، حيث أنها أساسية لعمل المحطة، ولا إمكانية فصل هذه الوحدات في الاساس، حيث أن المحطة صممت لتكون مترابطة.
اعتماداً على وقت وكيفية انسحاب روسيا، قد تحتاج الدول المشاركة في المشروع للقدوم بأفكار خلاقة لإبقاء المحطة في المدار، أو إتخاذ القرار الصعب وإنزالها.
استمرار التوتر السياسي
إعلان الإنسحاب هو اخر الأحداث من سلسلة التطورات التي شهدتها المحطة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط. لن يؤثر قرار روسيا بالإنسحاب على عمل المحطة على الأغلب، حيث أنه قرار سياسي بحت كمعظم الأحداث التي حصلت خلال الشهور الماضية.
وقعت أولى هذه الأحداث في شهر مارس/آذار حين خرج ثلاثة رواد فضاء روس من كبسولاتهم مرتدين بدلات طيران ملونة بالأزرق والأصفر ومشابهة للعلم الأكراني، وبرغم التشابه، لم يعر المسؤولون الروس أية إهتمام للحادثة. وفي السابع من تموز/يوليو 2022، انتقدت ناسا روسيا حيث أنه، وبحسب ناسا، قامت روسيا بأخذ صورة دعائية حمل فيها رواد الفضاء الثلاثة أعلام مرتبطة بمناطق محتلة من قبل روسيا في شرق أوكرانيا.
لم تسبب هذه الأحداث أية اضطرابات في عمل المحطة، حيث استمر الرواد على متنها بإجراء العديد من التجارب يومياً، كما أدوا مهام خارجية مشتركة. لكن انسحاب روسيا من التجارب المشتركة مع الاتحاد الأوروبي كان أحد الآثار الواضحة للتوتر المتصاعد.
لماذا الآن؟
ليس واضحاً سبب إعلان روسيا انسحابها الآن.
تصاعد التوتر حول محطة الفضاء بشكل ملحوظ من اجتياح روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022. ولمح رئيس وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) ، ديميتري روجوزين، أن هناك احتمالية لانسحاب روسيا من محطة الفضاء الدولية.
لكن روجوزين سُرِّح مؤخراً من منصبه، وأعلنت وكالتا ناسا وروسكوزموس أنهما سيتبادلان مقعدين على متن محطة الفضاء الدولية، حيث سيصعد رائد فضاء أمريكي إلى المحطة على متن مهمة سويوز، وفي المقابل سيصعد رائد من الوكالة الروسية على متن مهمة سبيس إكس دراغون. إقترحت هذه القرارات أن الجانبين مازالا يستطيعان العمل معا في الفضاء، ولكن يبدواً أن هذه الآمال قد تعود بالخيبة.
أتى هذا الإعلان خلال دراسة الولايات المتحدة لمستقبل برامج الفضاء بعد محطة الفضاء، حيث أن ناسا بدأت بتطوير محطة فضاء تجارية كبديل عن المختبر المداري، وفي حين أنه من الصعب تسريع العمل على هذا المشروع، يبدو أن محطة الفضاء ستتوقف عن العمل يوماً ما، مهما كان قرار روسيا.