أسباب وراثية جديدة لاضطرابات طيف التوحد


تؤثر اضطرابات طيف التوحد على نحو واحد في المئة من سكان العالم، وتتميز بمجموعة من الصعوبات في التفاعل والتواصل الاجتماعي، وفي دراسة جديدة نشرت اليوم في دورية Cell لفريق من الباحثين يقوده غايا نوفارينو Gaia Novarinoo، الأستاذ في معهد العلوم والتكنولوجيا في النمسا، حدّد سببًا وراثيًا جديدًا لاضطرابات طيف التوحد.

يفسّر نوفارينو أهمية هذا الاستنتاج: "هناك العديد من الطفرات الوراثية المختلفة التي تسبب التوحد، وجميعها نادرة جدًا. وهذا التباين يجعل من الصعب تطويرَ العلاجات الفعالة. ولم يكشف تحليلنا مورثة جديدة مرتبطة بمرض التوحد فحسب، بل حدد الآلية التي يحدث بها المرض لو أصيب الجين بالطفرة، والمثير أن الطفرات في جينات أخرى تتقاسم الآلية نفسها المسببة لمرض التوحد، ما يشير إلى أننا قد أبرزنا مجموعة فرعية من اضطرابات طيف التوحد".

ويشير الدكتور شاغلايان Caglayan رئيس قسم الوراثيات الطبية في كلية الطب في جامعة "إسطنبول بيليم" في تركيا، والمؤلف المشارك في الدراسة، إلى أنه "من الصعب تحديد جينات جديدة، لا سيما في الأمراض متباينة المنشأ مثل مرض التوحد، ومع ذلك، ونتيجة لجهد تعاوني، كنا قادرين على التعرف على الطفرات في جين يسمى SLC7A5 في العديد من المرضى المولودين من زواج الأقارب، ومشخصين بمتلازمة التوحد".

ينقل SLC7A5 نوعًا معينًا من الأحماض الأمينية، تسمى الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة (BCAA) في الدماغ، فدرس الباحثون فئرانًا كانت قد أُزيلت منها SLC7A5 في خلايا الحاجز الموجود بين الدم والدماغ (الحائل الدموي الدماغي) لفهم كيفية حدوث طفرات SLC7A5 المسببة للتوحد، وهذه الطفرة تقلّل من معدلات الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة، ما يؤثر سلبًا على تصنيع البروتين في الخلايا العصبية. ونتيجة لذلك تُظهر الفئران تفاعلًا اجتماعيًا أقل، وبعض التغيرات في سلوكها، بحيث تصير مماثلة من حيث السلوك للنماذج الفأرية للتوحد.

وفِي دراسة سابقة، حدد نوفارينو غايا مع زملائه طفرة في جين يشارك في تكسير هذه الأحماض الأمينية في العديد من المصابين باضطرابات طيف التوحد، والإعاقة الذهنية، والصرع، ويشرح غايا نوفارينو: "بالطبع ليست كل الجينات المسببة للتوحد تؤثر في نسبة الأحماض الأمينية، وبلا شك، فإن هذه الأنواع من التوحد نادرة جدًا، ولكن من الممكن أن يكون هناك المزيد من الجينات المسببة للتوحد المنتمية إلى هذه المجموعة".

والجدير بالذكر أن الباحثين تمكنوا من علاج بعض التشوهات العصبية في الفئران البالغة التي تفتقر للجين SLC7A5 في الحائل الدموي الدماغي، وبعد وضع الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة مباشرة في أدمغة الفئران لمدة ثلاثة أسابيع، لاحظ الباحثون تحسنا في الأعراض السلوكية.


إن دورا تارولنجينو Dora Tarlungeanu طالبة الدكتوراه في مجموعة غايا نوفارينو، والمؤلفة الأولى لهذه الدراسة، متحمسة للأمور المترتبة على هذه النتيجة، إذ تقول: "عثر بحثنا على علاج محتمل لبعض الأعراض الظاهرة في هذا النوع من اضطرابات طيف التوحد في الفئران، ولكن ترجمتها إلى علاج للمصابين باضطرابات طيف التوحد سيتطلب سنوات عديدة من البحوث الإضافية". وتخالف نتائج الباحثين فكرة أن اضطرابات طيف التوحد هي دائمًا حالات يكون تقدمها غير قابل للعكس، وبالطبع يمكن تطبيق الطريقة التي استخدمت لعلاج الأعراض في الفئران على البشر أيضًا ولكن بطريقة غير مباشرة، ولكنهم يظهرون أنه يمكن حل بعض المضاعفات العصبية الظاهرة في الفئران ذات جين SLC7A5 المفقود، ولذا فمن الممكن جدًا أن يُعالج المرضى أيضًا في نهاية المطاف.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات