هل هناك علاقة بين الجراثيم المعوية عند مرضى متلازمة الأمعاء الهيوجة وبنية دماغهم؟

التاريخ: ٦ أيار ٢٠١٧.

 

لقد اكتشفنا مؤخرًا وجود ارتباط بين الأحياء الدقيقة المتواجدة في أمعائنا ومتلازمة الأمعاء الهيوجة IBS. لكن هل يؤثر ذلك على دماغنا؟

تشير نتائج دراسات جديدة إلى احتمال تأثير الرُضوض المبكّرة خلال الطفولة على آلية التفاعل ما بين الأحياء الدقيقة المعوية والدماغ أثناء نمو الفرد.


أي أن هناك علاقة ذات اتجاهين متعاكسين بين تطور الجهاز العصبي والأحياء الدقيقة المتواجدة في الجهاز الهضمي.

درس إيميران ماير Emeran Mayer من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجيلوس العلاقة بين الأحياء الدقيقة المعوية والجهاز العصبي لعدة سنوات.


صرّح Mayer في ٢٠١٠: "تبرهن دراسة التغيرات البنيوية في الدماغ سواء كانت بدئية أم ثانوية للأعراض الهضمية على وجود عنصر عضوي organic لمتلازمة الأمعاء الهيوجة IBS وتدعم فكرة الاضطرابات ذات المنشأ الدماغي-المعوي".

وجد Mayer وفريقه احتمال ارتباط كثير من أنماط معينة من الأحياء الدقيقة مع تغيرات واضحة في الدماغ ومع تجارب الحوادث الرضية التي تحدث باكرًا في حياة الفرد أيضًا.

يشير مصطلح متلازمة الأمعاء الهيوجة IBS إلى مجموعة أعراض تتضمن الألم البطني مع زيادة تواتر الإسهال أو الإمساك. تصيب هذه المتلازمة أكثر من ١٥٪‏ من السكان في الولايات المتحدة ومعظمهم من النساء بأعمار أقل من ٤٥.

لا زالت معظم الأبحاث عن العلاقة بين النبيت المجهري microflora∗ في الأمعاء ووظيفة الدماغ معتمدةً على الفئران إلى الآن.

أشارت الدراسات على العلاقة بين النبيت المجهري في الأمعاء و IBS عند البشر إلى أنّ هناك شيئًا ما يحدث في الداخل ولكن من الصعب تحديد طبيعة العلاقة بسكلٍ دقيق حاليًا.

تضمنت الدراسة الأخيرة تقييمات سلوكية واختبارات سريرية على ٢٩ بالغ يعاني من IBS و٢٣ بالغ مُعافى (مجموعة الشاهد) وذلك بهدف اختبار إمكانية توزيع المصابين بـ IBS على مجموعات بناءً على الاختلافات بين الأحياء الدقيقة المتواجدة في أمعائهم.

كشفت الدراسة الجينية على عينات برازية من كل مجموعة وجود اختلاف مثير (بين الأنماط المميزة من الأحياء الدقيقة المعوية) بين الأفراد المُشَخَّص لهم IBS.


فالمجموعة الأولى رُمِزَ لها اختصارًا IBS1 وتحتوي على أفراد ذوي أنماط مختلفة من الجراثيم. وتحتوي المجموعات الأخرى على الأفراد ذوي الجراثيم التي تشبه (بشكل بسيط أو كبير) تلك المتواجدة عن الأفراد الأصحاء.

لم يتمكن الباحثون من إيجاد علاقة بين نوع الأعراض عند الأفراد في IBS1 والأنماط المميزة من النبيت المجهري عندهم. وبالتالي فهذه طريقة جديدة لتصنيف المصابين بهذه المتلازمة.

يساعد توزيع الأفراد (على مجموعات حسب الجراثيم) الباحثين على استخدام العلاجات الخاصة بكل مجموعة من الجراثيم المتعايشة في الجهاز الهضمي للأفراد كما يفسِّر كيف تسيء بعض العلاجات إلى الحالة مثل استخدام المعينات الحيوية Probiotics أو إحداث تغييرات في النظام الغذائي.

وجد الفريق اختلافات دقيقة ولكنها نوعيّة في بنية الدماغ بين أفراد هذه المجموعات الفرعية؛ فمثلًا بدت المناطق من الدماغ المتعلقة بتجميع المعلومات الحسية القادمة من الجسم أكبر قليلًا عند الأفراد في المجموعة الأولى IBS1.


وكذلك بدا الجزء الأمامي من القشر الجزيري insular cortex (المتعلِّق بالحفاظ على توازن بعض وظائف الجسم والمرتبط مع الوظائف الانفعالية والمعرفية) أصغر قليلًا عند أفراد المجموعة الأولى IBS1 وكذلك الحال بالنسبة للمناطق البطنية أمام الجبهية عندهم.

سبب وجود هذه الاختلافات العصبية التي وجدناها بدراسات سابقة بين الأفراد المصابين بـ IBS غيرُ واضحٍ، رغم وجود احتمال أن تكون الأنماط المختلفة من الجراثيم المَعوية مُنتجة لمواد كيميائية تؤثر على تطور الدماغ خلال الطفولة.

بالاعتماد على تقييم نفسي يُدعى بالجرد المبكر للرض the Early Traumatic Inventory وجد الباحثون حصول الأفراد من المجموعة الأولى IBS1 على درجة أعلى في التقييم الانفعالي من أفراد بقية المجموعات.

نحن بحاجة إلى المزيد من الأبحاث بعد هذه الاكتشافات عن إمكانية تأثير الرضوض في بداية الحياة على الدماغ والذي يؤثر بدوره على أنماط الأحياء الدقيقة في الأمعاء والتي تؤثر بدورها أيضًا على تطور الدماغ.

هذه الدراسة خطوةٌ جديدة في سبيل فهم آلية الارتباط بين الجراثيم المعوية والدماغ، ولكن حجم العينات المدروسة إلى الآن صغير نسبيًا وبالتالي ثمّة مشاكل للتقارير الذاتية.

ذكر الفريق في تقريره: "من المعروف أن التقييم الذاتي للعادات المعوية ذو علاقة ضعيفة مع زمن المرور المعوي".

يعمل العلماء على كشف سبب هذه الاختلافات في بنية الدماغ وفي الجراثيم المعوية.


ستكون أي علاقة مُحتَمَلة بين الأحياء الدقيقة المعوية والدماغ معقدةً مثل ما هو الحال في القلق ومتلازمة الإرهاق المزمن وداء باركنسون حيث توجد فيهم دلائل على تداخلات معقدة مع الأحياء الدقيقة في جهازنا الهضمي.

نأمل أن نتمكن مع الوقت من اكتشاف المزيد عن الأحياء الدقيقة التي تستعمر أمعاءنا والتي يتزايد الاهتمام بها وكأنها عضو جديد في الجسم.

 

نُشِرَ البحث في دورية Microbiome.

 

الملاحظات


∗ النبيت المجهري: هو الأحياء الدقيقة المتعايشة بشكل طبيعي في أي عضو من الجسم.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات