قوة الدماغ

التلوين المناعيّ بعد أسبوعين من تمايز الخلايا السلفية العصبية إلى عصبونات. حقوق الصورة: Neha Rani

 

تعرّفَ باحثو علم الأعصاب على جين مهم لتطور الدماغ البشري كما أنهم يكشفون عن كيفية عمله

كينيث كوسيك Kenneth Kosik و نيها راني Neha Rani (حقوق الصورة: سونيا فيرنانديز Sonia Fernandez)
كينيث كوسيك Kenneth Kosik و نيها راني Neha Rani (حقوق الصورة: سونيا فيرنانديز Sonia Fernandez)


القشرة الدماغية لدى البشر أكبر، مقارنة بالثدييات الأخرى. والقشرة الدماغية، عبارة عن طبقة من الخلايا الدماغية تنطوي على ذاتها عدة مرات لتتلاءم مع تجويف الجمجمة. وتُعدّ القشرة مركز التحكم بالوظائف العليا، كما أنها هي التي تسمح لنا بمعالجة كل شيء نسمعه ونراه ونفكر فيه.

يميز توسع القشرة الدماغية البشر عن الرئيسيات الشقيقة، لكن العلماء تساءلوا دومًا عن الآليات المسؤولة عن هذا النماء التطوريّ.

عيّن بحثٌ جديد أجري في مختبر كوسيك للبيولوجيا العصبية الجزيئية والخلوية Kosik Molecular and Cellular Neurobiology Lab، بجامعة كاليفورنيا -سانتا باربرا UC Santa Barbara، موقعًا لحمض نووي ريبوزيّ طويل غير مشفر lncRNA، يُنظم النماء العصبي Neural development، واختصارًا ND. ونشرت هذه الاكتشافات في دورية Neuron.

يقول كينيث س. كوسيك Kenneth S. Kosik، وهو أحد كبار المؤلفين، وبروفسور أبحاث علم الأعصاب في قسم الأحياء الجزيئية والخلوية والنمائية بجامعة كاليفورنيا -سانتا باربرا: "هذا الـ lncND (كما أسميناه)، يوجد فقط في فرع الرئيسيات، الذي يؤدي للبشر. وهو توسع من النيوكليوتيدات التي لا تشفر لبروتين ما. إننا نبين أن الـ lncND يُشغّل خلال نماء الخلية، ويُطفَأُ عندما تنضج الخلية."

تعرفت المؤلفة الرئيسة، وباحثة ما بعد الدكتوراه في مختبر كوسيك، نيها راني Neha Rani على عدة مواقع ارتباط على الـ lncND لنوعٍ آخر من الحمض النوويّ الريبوزيّ، يُدعى "الحمض النوويّ الريبوزيّ الميكرويّ" microRNA. يرتبط أحد هذه المواقع، واسمه microRNA-143 ، بالـ lncND.

قالت راني: "وجدنا أن الـ lncND يستطيع احتجاز هذا الحمض النوويّ الريبوزيّ الميكرويّ، وبذلك، فإنه ينظّم تحرير بروتينات Notch. تُعدّ بروتينات NOTCH مُنظّمات مهمة خلال النماء العصبيّ، وهي مُتضمَنة في تمايز الخلايا ودورة الخلية، وكذلك في مسار النماء العصبي."

يصف كوسيك الـ lncND بأنه منصة تربط هذه الأحماض النووية الريبوزية الميكروية مثل الإسفنج. وقال موضحًا: "يسمح هذا لبروتينات NOTCH بالقيام بما هو مطلوب منها خلال النماء. ثم، خلال نضج الدماغ، تنخفض مستويات الـ lncND، وعندما يحصل ذلك، تغادر هذه الأحماض النووية الريبوزية الميكروية طائرةً من المنصة، وترتبط ببروتينات NOTCH لتخفض مستوياتها. أنت تريد أن تكون مستويات البروتينات مرتفعةً، بينما يكون الدماغ في طور النماء، ولكن ليس عند حدوث النضج. تُعدّ هذه الـ lncND طريقة رائعة لتغيير مستويات بروتينات NOTCH بسرعة." 

لمضاعفة نتائج هذه الخلايا، استخدمت راني خلايا جذعية بشرية لتنمّي العصبونات إلى ما يدعى "الدماغ المصغّر". تعرّفت راني في كتلة النسيج الدماغي، التي بحجم حبة البازلاء، على تجمعات قليلة تتألف من خلايا دبقية شعاعية (خلايا جذعية عصبية)، وخلايا سلفية عصبية أخرى، وهذه التجمعات هي المسؤولة عن تكوين الـ lncND.

إلا أن الباحثين أرادوا رؤية الخلايا الدبقية الشعاعية في نسيج دماغي بشري، لذا فقد لجأوا إلى زملاء في برنامج الدراسات العليا في "علم أحياء التطور والخلايا الجذعية" Developmental & Stem Cell Biology Graduate Program بكلية الطب بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو UC San Francisco School of Medicine. وباستخدام التهجين الموضعيّ لتطوير الدماغ البشري، وبالتعاون مع توم نوفاكوفسكي Tom Nowakowski، الباحث في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، عثرت راني على الـ lncND في خلايا عصبية طُليعيّة Precursor cells، ولكن ليس في العصبونات مكتملة النمو.

قال كوسيك، وهو نائب مدير معهد أبحاث علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا: "كان الـ lncND موجودًا في المكان الذي توقعنا أن يوجد فيه داخل نسيج الدماغ تمامًا. لكننا ما زلنا بحاجة لفعل شيء آخر، لأن الناس لا يزالون غير راضين عن أننا فعلنا كل شيء ممكن لإبراز أن الـ lncND كان يؤدي دوراً وظيفيًا."

لذا، قام فريق جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو بإدخال الـ lncND إلى الدماغ الجنينيّ لفأر داخل الرحم. سمح تعليم البروتين المتألق للفريق برؤية النمط النمائيّ المبكر، وأظهر أن الـ lncND، وهو بالعادة غير موجود لدى الفئران، بل موجود فقط لدى بعض الرئيسيات التي من ضمنها البشر، له تأثير وظيفيّ في التطور.

قال كوسيك: "عندما زدنا من إدخال الـ lncND في رحم الفأر، أثرّنا في النماء بشكل متوقَع. وانتقل نمط النماء المبكر إلى خلايا طليعيّة أكثر، على الرغم من أن الفأر لا يُنتج الـ lncND على الإطلاق."

هذا العمل، وفقًا لكوسيك، لا يتعرف على جين مهم في تطور دماغ البشر فحسب، بل يوفر كذلك دليلًا على مكوَّنٍ يُحتمل أن يكون مشاركًا في توسع الدماغ البشريّ. قالت راني: "لقد بينا أن الـ lncND ربما كان عاملًا مهمًا في توسع الدماغ البشري، وهو أمر مشوقٌ بحد ذاته. وذلك لأن الـ lncND يظهر على أنه يساعد في تنظيم مسار التطور الأساسيّ في تأشير بروتينات NOTCH، وهو منظور مشوق آخر."

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات