صمّم علماء من FOM وجامعة VU في أمستردام تجربة جديدة لاختبار النظرية الأكثر ترجيحاً في مجال شرح وفهم الآليات الكامنة وراء الطاقة المظلمة (Dark energy). والآن، وصل العلماء إلى مرحلة مهمة جداً على طول طريقٍ طويل سلكوه على مدار السنوات الأربع الماضية ويهدف إلى الوصول إلى كشف قوة الطاقة المظلمة.
أعطت الاختبارات القليلة الأولى التي جرت على الجهاز الجديد الثقة بأن الحساسية اللازمة لاختبار النظرية يُمكن الوصول إليها عبر إعدادات الجهاز.
الطاقة المظلمة
يعرف علماء الفيزياء أن التوسع الكوني يتسارع، لكن لا يعرف أيٌ منهم ما هي القوة الكامنة وراء هذا التسارع. وعلى الرغم من أن آليات القوة لا تزال مجهولة، إلا أنّ علماء الفيزياء أطلقوا اسماً عليها: الطاقة المظلمة.
توضح الحسابات أن حوالي 70% من الكتلة الإجمالية للكون لا بدّ وأنها تساهم في هذا النوع الغامض من الطاقة، وهو نوعٌ لا يُمكن رؤيته ولا قياسه بأي وسيلة مباشرة.
تنص إحدى الحقائق المتعلقة بالطاقة المظلمة على أنها تلعب دور قوة هائلة جداً عند المسافات الكونية الواسعة والفارغة في الكون؛ فهي تدفع الفضاء لتبتعد أجزاؤه عن بعضها، وفي الوقت نفسه لا يُمكننا سبر أي تأثيرات قابلة للقياس عند أحجام مكافئة لأحجام الكواكب أو حتى النظام الشمسي.
لطالما دفعت هذه الطبيعة التكيفية للطاقة المظلمة علماء الفيزياء النظرية جوستين خوري Justin Khoury وأماندا ويلتمان Amanda Weltman لصياغة ما يُعرف بنموذج شامليون عام 2004. اقترح العلماء في ذلك النموذج أن اللاعب الأساسي في الطاقة المظلمة هو جسيم يتفاعل بقوة مع الفراغ العالي، في حين يُحجب في بيئات أكثر كثافة مثل الأرض أو حتى مجرة درب التبانة.
حاولت بضع تجارب اختبار نموذج شاميليون بطرقٍ متعددة، لكن لم يصل أيٌ منها إلى الحساسية اللازمة لإثبات خطأ أو زيف النظرية.
نهج جديد -إعداد كانيكس
في العام 2010، عمل باحثون من فريقٍ دولي على وضع طريقة جديدة لكشف تفاعلات شاميليون. تألفت تجربتهم من صفيحتين متوازيتين. وإذا تغيرت كثافة الوسط الكائن بينهما، فإن ذلك سيكون مؤشراً على تغير حاصل في قوة تفاعلات شاميليون، وبالتالي إما انخفاض أو زيادة في القوة المقاسة بين الصفيحتين.
وللتغلب على التحديّات التقنية، صمّم الباحثون وبنوا نظاماً اسموه "تجربة قوة كازيمير غير النيوتونية Cannex". وكشفت الاختبارات الأولى لحساس القوة عن قدرة الكاشف على الوصول إلى الحساسية اللازمة لقياس تفاعلات شاميليون (Chameleon interactions). وبكلماتٍ أخرى، سيكون كانيكس قادراً في وقتٍ قريب من استبعاد أو إثبات وجود تفاعلات شاميليون، وبالتالي المساعدة ي حل لغز الطاقة المظلمة.
مقياس الزلازل
أكثر من ذلك، فإن كانيكس لا يُعد آلة للاستخدام في الفيزياء الأساسية فقط، إذ يُمثل مثالاً رئيسياً عن كيفية مساهمة التطورات التكنولوجية في مجالات أخرى بشكلٍ لا يُقدر بثمن. فبوجود حساس القوة القادرة على قياس الاهتزازات، طوّر الباحثون مقياس للزلازل عالي الدقة.
أنجز العلماء ذلك الأمر بمساعدة منحة FOM ، وقاد العمل إلى الحصول على براءة اختراع بخصوص هذا الجهاز، وهو موجودٌ الآن في المراحل النهائية من إعداد نموذجٍ أولي.