رسالة حب لم ترَ النور لـ 43 عاما

ريتشارد فاينمان مُحبَّاً!

في يونيو 1945، فقَدَ الفيزيائي العظيم ريتشارد فاينمان البالغ من العمر حينها 27 عاماً زوجته، آرلين فاينمان جرّاء إصابتها بمرض السل. توفيت آرلين في ربيعها الخامس والعشرين، وقد كانت آرلين حبيبة فاينمان في المدرسة الثانوية. ولاحقاً أصبحت أكثر من ذلك بكثير. كتب لورانس كراوس في العام 2012 في كتابه عن سيرة فاينمان:

 

ريتشارد و آرلين كانا قرينين روحيين؛ ولكنهما لم يكونا نسختين طبق الأصل أيضاً، بل على النقيض من ذلك كانا مختلفين - كل منهما يُكمل الآخر. ففي الوقت الذي أُعجبت آرلين بالعبقرية العلمية الواضحة لدى ريتشارد، عشِق ريتشارد حقيقة كون آرلين تحب و تفهم الأشياء التي بالكاد يُقدرها. لكن المشترك بينهما و الأهم من هذا كله، حبهما للحياة و روح المغامرة.

 

خلال سنينهما المعدودة التي قضياها معاً، تبادل ريتشارد و آرلين رسائل كثيرة، العديد منها جُمع الآن في كتاب. لكن لم تكن أياً منها أكثر ثأثيراً من تلك التي كتبها لآرلين بعد مضي ستة عشر شهراً على وفاتها. يائساً وضائعاً، كتب فاينمان رسالة شافية و لم تفتح إلا بعد وفاته في عام 1988. كُتب في تلك الرسالة وبعمقٍ شديد:

 

"17 اوكتوبر 1946 
حبيبتي آرلين: أنا أعشقك.

أعرفُ كم تحبين سماع هذا - لكني لا أكتبها لأنك تحبينها فقط - بل أكتبها لأنّها تجعلني دافئاً بكل مكنوناتي عندما أقوم بذلك. مرّ وقتٌ طويلٌ و رهيبٌ منذ أن كتبتُ لكِ آخر مرةٍ - ربما سنتان، لكنّي أعرف بأنك ستعذرينني لأنك تفهمين كيف أنا! عنيد و واقعي، و اعتقدت بأنه لا شيء منطقي يدعو للكتابة. لكن أعرف عزيزتي الآن أنه من الصحيح فعل ما تأخرت عن القيام به، و ما كنت اقوم به كثيراً في الماضي. أريد أن أخبرك بأني أحبك. أريد أن أحبك، وسأبقى دائماً كذلك.

 

وجدتُ أنّه من الصعب منطقياً أن أفهمَ ماذا يعني حبك بعد وفاتك - و لكن أريد أن أتابِعَ اعتنائي بكِ و أبحث عمّا يريحكِ - و أريدكِ أن تحبيني و أن تعتني بي. أريد أيضاً أن يكون لديّ مشاكل لأناقشها معكِ - أريد أن نقوم معاً بمشاريع صغيرة. لم أعتقد بإمكانية قيامنا بذلك سابقاً، فماذا علينا أن نفعل. بدأنا بتعلم كيفية ترتيب الثياب معاً - أو تعلم اللغة الصينية - أو ربما حصلنا على جهاز لعرض أفلام الفيديو. هل يمكنني القيام بشيء الآن؟ لا.

 

أنا وحيدٌ بِدونَكِ و أنتِ كنتِ "المرأة - الفكرة" و المحرِّض على القيام بجميع المغامرات البريّة. عندما كنت مريضة، قلقتِ لأنك لم تتمكني من إعطائي شيئاً ربما أردتِ إعطائي إياه و اعتقدتِ أنني بحاجته، ما عليك أن تقلقي.

 

تماماً كما أخبرتك لاحقاً، لم تكن هناك حاجة حقيقية، لأنني أحببتك بالعديد من الطرق و ولدرجةٍ شديدة. و الآن، يبدو هذا الحب قد ازداد و كان حقيقياً أكثر بكثير مما سبق - لا يمكنكِ إعطائي شيئاً اليوم حتى لو أحببتكِ و تبقين واقفة في طريق محبتي لأي امرأةٍ أخرى- لكن أريدك أن تَبقي واقفةً هناك.

 

فَحتى وأنت ميتة أجمـل بكثير من أي شخصٍ آخر حـي. أعرف بأنك ستؤكدين على حماقتي وتريدين مني ان أحصل على سعادة كاملة ولا تحبي أن تبقي في طريقي. أراهِن على أنك ستفاجئين إذ ما عرفت بأنه لم يكن لديّ صديقة (عداكِ، حبيبتي) خلال سنتين. لكن لا يمكنك المساعدة في ذلك عزيزتي ولا يمكنني أنا أيضاً. قابلت العديد من النساء الجميلات ولا أريد أن أبقى وحيدا، ولكن خلال موعدين أو ثلاثة يُصبحنَ رماداً. صراحةً أنا لا أفهم ذلك.

 

أنت الوحيدة التي تبقين لديّ. أنت الحقيقية. زوجتي العزيزة، أنا حقاً أعشقكِ. 

 

أحـبكِ زوجتي. زوجتي المتوفاة 
ريتش.
رجـاءً سامحيني لعدم إرسال هذه الرسالة - لكنِّي لا أعرف عنوانك الجديد" .

إمسح وإقرأ
شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات