بإلهام من بالونات الهيليوم.. طريقة جديدة للتحكم في المواد المعقدة

 تمكّن الباحثون في مختبر أوك ردج الوطني، من إطالة شريحة بلّورية من الذهب (Gold crystalline film) في اتجاه واحد عبر استخدام ذرات الهيليوم - مبينة في الصورة كبالونة حمراء.


حقوق الصورة: ORNL


تمكّن الباحثون في قسم الطاقة التابع لمختبر أوك ردج الوطني Oak Ridge National Laboratory اختصاراً ORNL، من تطوير طريقة جديدة للتحكم في عدد كبير من المواد وسلوكها مستخدمين قدراً صغيراً -بمقدار ملء الكف- من أيونات الهيليوم.

نُشرت الطريقة التي اتبعها الباحثون في مجلة Physical Review Letters، وستسهم في تطوير فهمنا وبالتالي استخدامنا لأكاسيد المواد المعقّدة التي تمتاز بخصائص غير اعتيادية مثل: المُوصلية الفائقة (superconductivity) والمقاومة المغناطيسية الجبارة (Colossal Magnetoresistance)، وتعرف هذه المواد بصعوبة التحكم بها.

وفي اكتشاف يُعتبر الأول من نوعه تمكن الباحثون في مختبر أوك ردج الوطني ORNL من الوصول إلى طريقة بسيطة للتحكم في استطالة المواد البلّورية (Crystalline Material) في اتجاه واحد من دون أي تغيير في طول المادة في الاتجاهات الأخرى ومن دون أي تدمير لهيكل المادة البلّوري. تم هذا الإنجاز بإضافة عدد قليل من أيونات الهيليوم (Helium ions) إلى أكسيد مادة معقدة. هذه الطريقة البسيطة مكّنت الباحثين من تحقيق مستويات تحكم غير مسبوقة في الخصائص المغناطيسية والإلكترونية لأكسيد المادة المعقدة.

وفي هذا الصدد أفاد زاك وارد Zac Ward قائد الفريق البحثي التابع لمختبر أوك ردج الوطني، بأن إضافة القليل من الهيليوم إلى المادة مكّنتهم من التحكم فيها في بُعد واحد، وأكّد أن هذا النوع من التحكم يسمح بضبط خصائص المادة بدقة عالية، الأمر الذي لم يكن في متناول أحد فيما مضى.

وتؤدي أي محاولة لـ "ليّ، أو شد، أو سحب، أو جذب" الأكاسيد المعقدة إلى تغيُّرات في العديد من الخصائص الإلكترونية لهذه الأكاسيد، وذلك بسبب الطريقة المعقدة التي ترتبط بها الإلكترونات في الأكاسيد المعقدة. وقد قللت هذه التغيرات من قدرة العلماء على دراسة هذه المواد أو الاستفاده منها.
 

طبق الباحثون طريقتهم الجديدة على أكسيد مادة معروف باسم (LSMO)، غير أنهم توقعوا أن تكون طريقتهم صالحة للتطبيق في مجالات متعددة مثل: البحوث المتعلقة بعلم وظائف المواد، والدراسات الفيزيائية الأساسية.

في السياق نفسه، قال وارد: "التأثير المباشر لطريقتنا هذه سيكون في الأكاسيد المعقدة، لكن أيضا يمكن اعتبار طريقتنا أداة جديدة مهمة يمكن أن تستخدم في أي مادة من المواد التي تتأثر إمكاناتها الوظيفية بالتناظر البلّوري. وأضاف أن فريق العمل على بعد خطوة من جعل الموادة المعقدة متاحة للاستخدام التجاري. الأمر الذي يجلب منافع عديدة، منها إمكانية ضبط خصائص هذه المواد عبر عملية تشبه تلك التي تستخدم في التقنيات الحالية لأشباه الموصلات. وأكد وارد أن طريقتهم حققت هذا الهدف حيث يمكن تطبيقها بواسطة زراعة الأيونات باستخدام البنية التحتية المستخدمة حالياً في صناعة أشباه الموصلات.

وتستخدم الطريقة مسدس أيونات منخفض الطاقة لإضافة عدد من أيونات الهيليوم إلى المادة المراد معالجتها، و هذه العملية يُمكن عكسها عبر سحب أيونات الهيليوم بتسخين المادة المراد معالجتها لدرجات حرارة عالية في فراغ. فيما مضى كانت أي محاولة لمعالجة المادة المعقدة تنتج تأثيرات في كل الاتجاهات ولم يكن من الممكن عكس عملية المعالجة التي تمت.

وأضاف وارد قائلاً: أصبح بمقدرونا التحكم في مقدار وعمق الشد داخل المادة. وذلك عبر التحكم في ذرات الهيليوم التي حقنت في شريحة فوقية (epitaxial film) من المادة المراد معالجتها، بحيث نحدّد اتجاه الشد في بعد واحد بينما يظل البُعدان الآخران مثبتين بواسطة ركيزة. ستفيد الطريقة التجريبية التي استخدمها الفريق البحث النظري الساعي لوضع نموذج للمواد المعقدة بغرض توقع وفهم سلوكها.

ويُتابع وارد: "إن درجة التعقيد الكبيرة لهذه المواد تقتضي وجود معادلة ضخمة لشرح سلوكها. كما أن طريقة ضبط الشد العادية تستدعي تغير عدة متغيرات في مثل هذه المعادلة، هذا بدوره يعني أنه لا يمكن لنا توقع أي المتغيرات سينتج رد فعل محدد. لكن في طريقتنا الأمر مختلف، فهناك مُتغير واحد، ويمكن عبر التحكم في هذا المتغير أن نجد طريقنا لتبسيط التعقيد. إنها طريقة عظيمة للبحث عن نماذج النظرية بالتجريب".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المقاومة المغناطيسية الهائلة (أو الجبارة) (colossal magnetoresistance): هي خاصية تمتلكها بعض المواد وخاصة أكاسيد البيروفسكايت التي تحتوي المغنزيوم في تركيبها، وتسمح هذه الخاصية للمواد بتغيير مقاومتها الكهربائي بشكل كبير جداً عند وجودها في حقل مغاطيسي، ويتطلب تطبيق هذه التقنية درجات حرارة منخفضة ومعدات ذات حجم كبير جداً مما حال قليلاً من تطبيقها في الوقت الحالي
  • الهليوم (helium): ثاني أخف العناصر الكيميائية وثاني أكثر العناصر الكيميائية وفرةً. تتألف ذرة الهليوم النموذجية من نواة مكونة من بروتونين ونترونين محاطة بالكترونين. تم اكتشاف الهليوم للمرة الأولى في شمسنا، حيث تصل نسبة الهليوم في الشمس إلى ما يُعادل 25% من كتلتها. المصدر: ناسا
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات