أعطت الحكومة الهندية إشارة البدء لمرصدٍ ضخم تحت الأرض، ويأمل الباحثون أن يقدم هذا المرصد رؤية حاسمة في فيزياء النيوترينو. حيث أن الإنشاءات سوف تبدأ كخطوة أولى بمرصد النيورينو الهندي (INO) الذي تبلغ كلفته 15 مليار روبية ( أي ما يعادل 236 مليون دولار)، في مدينة بوتيبورام التي تقع على بعد 110 كم من مدينة معبد مادوراي في ولاية تاميل نادو جنوب الهند، كما سوف تستضيف مدينة مادوراي أيضاً مركز IICHEP لفيزياء الطاقة العالية الذي سيُستخدم لتدريب العلماء وتنفيذ عملية البحث والتطوير للمختبر الجديد.
كان من المقرر في الأساس أن تكتمل الإنشاءات بحلول عام 2012، وقد بقي INO في طي النسيان لسنواتٍ عديدة. وفي العام 2010 قام علماء البيئة وعلماء الحفاظ على البيئة بتصعيد اعتراضات على الموقع الأوّلي المقترح لبناء INO فى سنجارا في تاميل نادو، الذى كان بالقرب من ممر الفيلة ومستودع النمور، فكان لزاماً على الباحثين إيجاد موقع بديل، وبالتنسيق مع وزارة البيئة فقط وافقت الوزارة على موقع بوتيبورام في عام 2011، ووصل التمويل الحكومي بعدها بثلاث سنوات.
سوف يتم بناء INO بعمق 1.3 كم تحت سطح الأرض، بحيث يمكن الوصول إليه عبر نفق طوله 2 كم، وسيقوم المختبر بمقارنة ثلاثة كهوف، أكبرهم طوله 132 متر، وعرضه 26 متر، وارتفاعه 30 متر، والذي سيضم 50,000 طن كالواميتر حديدي (ICAL) راصد النيوترينو، كما سيتألف الراصد من طبقات متعاقبة لحوالى 30,000 "حُجر رقائق مقاومة" ورقائق الحديد.
يأمل فريق INO أن يُستخدم الراصد لمعالجة "التسلسل الهرمي لكتلة النيوترينو "، كما ويعلم العلماء أنه توجد ثلاث حالات لكتل نيوتروينو، ولكن لا نعرف أيّهم الأثقل و أيّهم الأخف حتى الآن. ويقول نابا موندال (Naba Mondal) مدير مشروع INO الذي يقع مقرّه في معهد تاتا للبحوث الأساسية في مومباي ( TIFR ) :"إن فهم هذا التسلسل سيساعد العلماء فى اختيار النظرية الصحيحة إلى جانب النموذج المعياري، و إلى جانب التجارب الأُخرى القائمة على السرعة في جميع أنحاء العالم، ستقوم على معالجة مشكلة عدم تناسق المادة والمادة المضادة في الكون".
وبالاضافة إلى احتضان تجارب أخرى مثل تجارب أولئك الذين يبحثون عن المادة المظلمة، وعن عملية اضمحلال بيتا المضاعف عديم النيوترينو، يأمل العلماء أيضاً أن يوفرINO فرصاً للطلاب المبتدئين للعمل على مفاهيم أبحاث فيزياء الجسميات كلها، مثل تطوير مكشاف و تحليل البيانات.
يقول موندال: "ستتاح الفرصة لطلاب العلم فى جميع أنحاء البلاد للمشاركة في بناء أجهزة كشف متطورة عن الجزيئات، وأنظمة الحصول على البيانات الإلكترونية من الصفر."
يقول كريشناسوامي في جي روجفان (Krishnaswamy Vijayraghavan) -سكرتير وزارة العلوم والتكنولوجيا، التي تشرف على تمويل العديد من المشاريع العلمية:
"حقاً، إن INO قد يسمح للهند أن تُدرّب علماء الفيزياء التجريبية والمهندسين المتخصصين على نطاق واسع في الفيزياء الهندسية التنافسية الهامة للغاية، عندها سيكون INO هو العامل بتغيير الفيزياء من هذا النوع في الهند وسوف يكون لها تأثير عالمي." ويضيف: "إن نتائج هذا الاستثمار ستكون غير عادية، وعلى المدى الطويل."
استعادة الصدارة
يأمل الباحثون أيضاً أن يتمكن INO من مساعدة الهند فى استعادة مكانتها الرائدة في الفيزياء النيوترينوية، وبناء مختبرات تحت الأرض. لقد قادت الهند الطريق في الستينات عندما استخدم علماء الفيزياء منجم ذهب في كولار في ولاية كارناتاكا الجنوبية، لخلق ما كان أعمق مختبر تحت الأرض في العالم آنذاك، عُرف في ذلك الوقت باسم مختبر حقل الذهب كولار، مما مكّن الباحثين فى عام 1965 من الكشف عن النيوترونات التي خُلقت إثر ارتطام الأشعة الكونية مع الغلاف الجوي، كما قام المختبر بدراسة تحلل البروتون لاحقاً، ومن ثَمَّ تم إغلاقه فى عام 1992، عندما أصبح التنقيب عن الذهب في الموقع غير مربح إقتصادياً.
يأسف موندال قائلا : "لقد فقدنا منشأة فريدة من نوعها لإجراء البحوث في مجال فيزياء الجسيمات غير المسرعة بإغلاق المناجم"، و يضيف: " بالموافقة على منشأة INO، نعود الآن مرة أخرى إلى مركز الصدارة في أبحاث فيزياء الجسيمات. "