من البوصلات المُستخدَمة في الملاحة عبر البحار قديمًا إلى المحركات الكهربائية وأجهزة الاستشعار والمحركات في السيارات كانت المواد المغناطيسية الدّعامة الأساسية طوال تاريخ الإنسان، بالإضافة إلى جميع المعلومات الموجودة في مجتمع مُعاصر مُسجَّلة في وسائل إعلام مغناطيسية مثل: الأقراص الصلبة (HDD).
يقوم فريق من الباحثين في المركز البرازيلي لأبحاث الفيزياء بدراسة حركة محددات المنطقة الدوّامية المغناطيسية (vortex domain walls) وهي المناطق المحليّة المسؤولة عن تخزين المعلومات بشكل مُجمَّع عبر تركيبهم بواسطة المجالات المغناطيسية في المغناطيسية الحديدية (ferromagnetic) للأسلاك النانونية والتي تُركَّب في خط مستقيم مع فرع غير متماثل شبيه بحرف الـ “Y”، كما أنّهم يناقشون عملهم في جريدة الفيزياء التطبيقية لهذا الأسبوع.
و كان السؤال المطروح من قِبَل الفريق هو: "ماذا يحدث لمُحدّدات المجال الدوّامي عندما يقابل الفرع؟ هل يغير اتجاهه أم لا؟ وهل من الممكن أن ينقسم إلي جدارين؟".
يقول لويز سامبايو Luiz Sampaio الباحث في المركز البرازيلي لأبحاث الفيزياء في مدينة ريو دي جيناريو: "يمكننا تخيّل محددات المنطقة الدوّامية بالإعصار لصنع نموذج مطابق مُبسّط، فهو يَجري في خط مستقيم ثم يقابل ملتقى طرق، فماذا سيحدث له بعد ذلك؟، هل سينقسم إلي إعصارين؟".
وبشكل عام، فإنّ المجالات المغناطيسية يمكن استخدامها في تغيير مغنطة المواد المغناطيسية، فيمكن لشريط مغناطيسي مغنطة إبرة خياطة غير مُمَغنطة على نقيضه، ويمكنه حتى عكس مغناطيسيتها تمامًا في بعض الحالات.
في بعض الأحيان، تُظهِر عملية عكس المغناطيسية التنوي (nucleation)، كما تُظهِر حركة محدّدات المجال الدوّامي مما يُشكّل الانتقال بين منطقتين ذات شحنة مُمغنطة في اتجاهاتٍ مختلفة.
وقد استُكشِفت حركة محدّدات المجال الدوّامي على نطاقٍ واسع في المغناطيسية للأسلاك النانونية نظرًا لقوّتها العالية للتطبيقات في أجهزة الإلكترونيات الدورانية التي تَستخدم خصائص المدار الكمّي للإلكترونات (quantum spin)، ولذلك أصبح التحكم في محددات المنطقة الدوامية المغناطيسية وتسخيرها مصيريًّا لإدراكٍ ناجحٍ للمغناطيسية والذاكرة والقياس وأجهزة الاستشعار.
وبتعديل هندسة الأسلاك النانونية يأمل العلماء اكتساب تحكُّم أعلى على حركة محددات المنطقة الدواميّة وتحديد المسار نحو إحراز الدقة في تحويل المغناطيسية في المغناطيسية الحديدية للأسلاك النانوية.
وقد اخترع الفريق دراسة باستخدام خطوتين، يقول سامبايو: "صنعنا أوّلًا عيّناتٍ باستخدام عمليات الـ (Electron-beam lithography) والـ (magnetron sputtering) وتقنيات الرفع (lift-off techniques)". وبعد اختراع مقياس النانومتر قام الفريق بقياس سلوك مغنطة التبديل بواسطة انتشار محددات المجال المغناطيسي.
الخطوة الثانية تكمن في القيام بالمحاكاة الميكرومغناطيسية لتوجيه وتفسير النتائج العملية، يقول سامبايو: "تلك الأدوات سمحت لنا بدراسة العمليات في مُحدّدَات المجال الدوّامي عند مدخل الفرع تفصيليًّا".
يريد الفريق في المستقبل فهم ما إذا كانت الزاوية بين السلك النانوي والفرع يمكنها زيادة السلوك الغير متماثل عند مدخل الفرع الذي من شأنه زيادة احتمالية رصد نوع واحد فقط من مُحدِّدات المجال الدوّامي في اتجاه عقارب الساعة أو عكس عقارب الساعة، وهذا يتطلب اختلاف زوايا الأسلاك النانونية مع الفرع لتحديد خاصية عدم التناظر للمجال الدوّامي (vortex chirality).
ومن المُؤكد أن فهم الجوانب الديناميكيّة لمُحدِّدات المنطقة المغناطيسية يفتح الطريق لتحكُّم أفضل في حركتِهم ومسارهم، فقد يكون هذا مهمًا إنتاج البوابات المنطقية التي يمكن أن ترتكز على حركة مُحدِّدات المجال المغناطيسي في الخط مع تلك الفروع، كما يمكن توجيه المغنطة في الفروع في اتجاهين مُختلفين على طول محور الأسلاك النانونية فيكون كل اتجاه بمثابة الـ"0" والـ"1" اللازمين لتخزين ومعالجة البيانات.
يختم سامبايو قائلًا: "يَلزمُنا درجة أعلى من التحكُّم في عملية تبديل المغنطة لتوفير الدقة المطلوبة في التطبيقات العملية، ولكن لتحسين فعالية العملية المعنيّة في تبديل المغنطة تبدو محددات المجال المغناطيسي كمُرشَّح واعد".