ناسا بالعربي و2017: رحلة الوداع

ساعات قليلة جداً تفصلنا عن نهاية سنة 2017 والتي كانت مليئة بالأحداث العلمية الشيقة، وتبدأ معها سنة 2018، لنستغل هذه الساعات ولنغادر الأرض قليلاً حيث سنأخذكم في ناسا بالعربي برحلة لاستذكار ما قدمته سنة 2017 من مناقب في العلوم! لقد كانت سنة جيدة جداً وحملت بين ثناياها إنجازات مميزة. 

استعدوا، اربطوا الأحزمة ولنستمتع سوياً بهذه الرحلة بينما تأتينا 2018 لنرحب بها أجمل ترحيب.


تبدأ رحلتنا من فريق الفيزياء والفلك. أينما أدرت وجهك ستجد معادلة فيزيائية، أو مجموعة من الباحثين يدرسون خصائص نجم معين أو كوكب ما، فقد اكتشف علماء ناسا حاجزاً ضخماً من صنع البشر يُحيط بالأرض، وأكدت الاختبارات أنّ لهذا الحاجر تأثيراً على الطقس الفضائي بعيداً خارج الغلاف الجوي، وعلى ذكر الغلاف الجوي الذي تدور فيه الأقمار الصناعية، ربح مراهق هندي مسابقةً دوليةً لبناء قمر صناعي يمكنه أن يؤدي مهام، ولم يكن ما أنتجه (كما تم تناقله) بأنه القمر الصناعي الأقل وزناً في العالم فحسب، بل وافقت ناسا على إطلاقه أيضاً. 

بعيداً قليلاً من الأرض يتربع المريخ الذي لا يمتلك غلافاً جوياً، فقد اقترح علماء ناسا خطة جريئة يمكن أن تعيد للمريخ غلافه الجوي، وتجعل الكوكب الأحمر صالحاً للسكن من أجل الأجيال القادمة من المستعمرين البشر، من خلال إطلاق درع مغناطيسي عملاق في الفضاء لحماية المريخ من الرياح الشمسية لتتعدل بذلك بيئة المريخ وبالتالي يتدفق الماء السائل على السطح مرة أخرى.

يمتلئ الفضاء بالغموض والاكتشافات المختبئة في ثناياه والتي تنادي فضولنا ولكن الفيزياء أيضاً لا تقل جمالاً عن الفضاء فليس هناك أجمل من دراسة ظاهرة فيزيائية أو التعمق في نظرية ما ورؤية ما تكنه من أسرار، وعند الحديث عن الفيزياء أول ما سيتبادر إلى ذهننا أينشتاين، ولكن لن نتحدث عن أينشتاين وإنما عن النظرية التي تتحدى فيزياء أينشتاين والتي قد توضع تحت الاختبار قريباً! حيث قدم الباحثون الذين يقفون خلف نظرية تقول بأن سرعة الضوء متغيرة -وليست ثابتة كما قال أينشتاين- تنبّؤاً يمكن اختباره!

رحلتنا مستمرة وسنرى فيها جوانب تكنولوجية وبيئية وطبية، لنبدأ مع التكنولوجيا والتي تتطور باستمرار وتذهلنا في كل مرة يكتشف العلماء شيئاً جديداً أو يتوصل أحدهم إلى اختراع. قبل بضع سنين ما كنا لنعرف ما هو الذكاء الاصطناعي، لكنه بدأ الآن يضع جذوره في حياتنا ويستمر في التمدد في كل مجالاتها. لذلك من الضروري أن نعرف ما أثره عليها وما هي آراء عمالقة المجال، وكما أخبرتكم قبل قليل، الاكتشافات ضمن هذه المحطة مثيرة للغاية وخير مثال على ذلك الإلكترونيات الجديدة المستوحاة من الليغو Lego، والتي يمكنها جعل مجال الإلكترونيات أكثر سهولة وفاعليّة في الوقت نفسه. ولاحظ الباحثون أنّ ضعاف البصر قد تمكّنوا من بناء حواسيبهم الخاصّة، وذلك بعد إعادة تصميم الدّارات وجعل الأجزاء المتوافقة في الدّارةِ، متوافقةً بالشّكل أيضًا.  كما حقق العلماء خطوة كبيرة في مجال تطوير الحياة الاصطناعية المعقدة، فهل فعلاً سيتحقق الأمر حقاً؟

لا تأتي هذه التطورات الجريئة بدون شخصيات أجرأ تقف خلفها، ولابد لنا أن نتعرف على
الشخصيات العشرون في هذا المقال هم الأكثر تأثيراً في العالم التقني في الوقت الحاضر، وفقاً للفريق التقني لصحيفة التايم Time.

جهزوا أنفسكم، خذوا نفساً عميقاً لأننا على وشك الدخول إلى عالم مثير للغاية، قسم طب وعلوم الأعصاب والذي سيثير فضولك بكل ما تعنيه كلمة فضول من معنى، ونبدأ مع علماء تمكنوا ولأول مرة من مشاهدة ذكريات تخزن في الدماغ.

تعالوا أيضاً نتعرف على دراسة جديدة أُجريت في جامعة كاليفورنيا يمكن أن تغير مفهوم العلماء عن آلية عمل الدماغ، إليكم أيضاً دراسة جديدة قد تمكننا أخيراً من تفسير منشأ الوعي.

تعالوا أيضاً نلقي نظرة على قسم البيئة الذي يهتم بكوكبنا وأجزائه من محيطات وقارات، وفي هذا الصدد، كثيراً ما يدرس الأطفال في المدرسة أنه يوجد سبع قاراتٍ على الأرض: أفريقيا وآسيا والقارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) وأستراليا وأوروبا وأمريكا الشمالية، بالإضافة إلى أمريكا الجنوبية، ولكن دراسة جديدة توضح بأن للأرض قارة جديدة تدعى "زيلانديا".

سواء كانت سبع قارات أم ثمانٍ، علينا أن نعي أن الأرض موطننا الذي ينبغي أن نحافظ عليه ونستغل مصادره الطبيعية، وفي هذا الصدد، ستوفر تسلا نظاماً كاملاً لتخزين الطاقة الناتجة عن مزرعة الرياح عن طريق بطارياتها, ما هي تسلا؟ وكيف ستقوم بذلك؟

لا ينبع تميز الأرض من بيئتها وطاقاتها فقط، بل بما تكتنزه من كائنات، إذ لابد وأن استوقفك في يوم من الأيام طائر بألوان زاهية لفتت نظرك وأعجبت بها ولكن هل سألت نفسك يوماً من أين تأتي هذه الألوان المقال التالي سيجيب.

هل تشعر بالبرد؟ حسناً، هل تعلم بأن
شهر كانون الثاني/يناير احتل لهذا العام المرتبة الثالثة دفئاً من بين شهور كانون الثاني/يناير في الأعوام 1880-2017، حيث كان كانون الثاني/يناير عام 2016 في المرتبة الأولى (الأكثر دفئاً) ثم يليه كانون الثاني/يناير عام 2007 في المرتبة الثانية.

لن تمر رحلتنا بدون أطلال مميزة تحفر جمالها في ذاكرتنا، لذلك إليكم صور تحبس الأنفاس للفضاء، ففي الرابع والعشرين من شهر شباط/فبراير 1987، شهد الفلكيان أوسكار دالدي Oscar Dhalde وإيان شيلتون Ian Shelton مشهداً لا يصدق من أعلى جبل في تشيلي، إذ شاهدا نجماً جديداً في سماء الليل، ليدركا على الفور بأن ذلك لم يكن ولادة نجم جديد، وإنما نجماً عملاقاً أزرقَ يحتضر.

وفي شباط/فبراير 2017 أيضاً شهدت السماء العديد من الظواهر الفلكية ومنها المذنب 45p الذي كان في أقرب نقطة له من الأرض في 11 شباط/فبراير حيث ظهر صباحاً في كوكبة هرقل Hercules، ومن ثم مر المذنب في كل من كوكبة الإكليل الشمالي (Corona Borealis)، وكوكبة الراعي (Boötes/the Herdsman)، وكوكبة كلاب الصيد (Canes Venatici/Boötes' hunting dogs)، وكوكبة الدب الأكبر (Ursa Major)، ثم تابع إلى كوكبة الأسد Leo مع نهاية شهر شباط فبراير، وتحرك هذا المذنب بسرعة 9 درجات كل يوم، وسنرحب فيه أيضاً عام 2022.

أما الكوكب القزم بلوتو شاغل الناس فتظهر في هذه الصورة المقربة جداً لسطحه تضاريس بلوتو النصلية.

لن ننسى أنكم تحبون الثقوب السوداء وأنها تدغدغ فضولكم كثيراً. في الحقيقة، لا تحتاج لأن تكون فلكياً متخصّصاً لكي تعثر على ثقب أسود، ستتعرّف الآن على كيفية العثور على واحد باستعمال حاسوبك المحمول أو هاتفك فقط


لن تكتمل الرحلة بدون أنغام تحملها، أنعشوا آذانكم بمقطع موسيقى احترافي من إنتاج Nigel John Stanford وهو عبارة عن مزجٍ بين الموسيقى والفيزياء حيث أعدّ مُنتجو الفيديو مجموعةً من المواد كالماء، والكهرباء، والسوائل المُمغنطة ferrofluid، والنار، وقاموا بربطها بالآلات الموسيقية ثم عزفوا وكانت النتيجة......


المصدر: موقع Nigel John Stanford
http://NigelStanford.com/Solar_Echoes
http://NigelStanford.com/Cymatics
حقوق الفيديو: Nigel John Stanford.com

 

عندما نتكلم عن الفضاء والمجرات والكواكب والأجرام المختلفة تتبادر إلى مخيلتنا أحجامها الهائلة التي قد لا ندرك تماماً ما تمثله بالنسبة لأرضنا. نعم كوكبنا هائل الحجم بالنسبة لنا كبشر، لكنه مجرد ذرّة مقارنة بحجم الشمس.. الشمس هائلة الحجم بشكلٍ لا يُصدّق لكن حتى هي ليست سوى ذرّة لو قارنّاها بباقي النجوم في الكون... لن تستطيعوا رؤية الأرض في هذا المقطع عندما تبدأ النجوم العملاقة بدخول الساحة.
 


المصدر: http://www.ndrsbhm.de/

 

وعلى ذكر النجوم العملاقة لا نستطيع أن ننسى النجم الأحمر العملاق Betelgeuse الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة في سماء الليل في كوكبة أوريون في الشتاء. وهذا مقطع محاكاة بالحاسوب يُظهر كيف سيكون شكل السماء عندما ينفجر هذا النجم... بعض المصادر تقول أنه سينفجر خلال مليون سنة من الآن. إن هذا النجم ضخم جداً، ولو كان مكان الشمس فسيبتلع كلاً من عطارد والزهرة والأرض والمريخ وحزام الكويكبات.
 


المصدر: https://www.space.com/22009-betelgeuse.html

 

نبقى في حديث الكواكب والنجوم والمجرات وهذه المرة مع شذوذ في مدارات أجسام حزام كايبر البعيدة تشير إلى وجود كوكب غير معروف يدور حول الشمس حسب قول الباحثين.

دقيقة وحدة فقط لكنها مؤثرة جداً ستأخذكم بعيداً عن الأرض وعن مشاغل الحياة، ليس هناك أجمل من رؤية طفل يركد ويلعب بجوار أمه وهذا ما سنشهده مع عُطارد الابن والشمس الأم. نعم شاهدوا مقطعاً لعبور كوكب عُطارد من أمام الشمس كطفل يلعب مع أمه.. تأملوا حجم الشمس وقوتها، عُطارد كوكب عليه جبال وسهول ووديان لكنه أمام الشمس كذرة غبار تائهة!
 


المقطع هو تصوير حقيقي وليس محاكاة في الحاسوب :D
المسافة بين عُطارد والشمس هي 57 مليون كيلومتر وهو أقرب الكواكب لها.
حقوق الفيديو: مرصد ديناميكيا الشمس - ناسا
Solar Dynamics Observatory / NASA Goddard

 

حسنا لنأخذ استراحة قصيرة مع ريتشارد فاينمان وقصيدة إلى وردة ومن ثم نعاود رحلتنا في كوكب الغموض.
 

 

هل تعبتم من الرحلة؟ أم هل تشعرون بأن هذا العالم متعب أو كئيب؟ حسناً 4 دقائق فقط هي كل ما تحتاجه لتنقل نفسك من هذا العالم. ابتعد عن مشاكلك وهمومك لـ 4 دقائق فقط، أعطِ هذا المشهد كل تركيزك وتأمل، دع خيالك يسرح بك، تخيل نفسك أمام الشمس، أنت وهي فقط في هذا المقطع عالي الدقة للشمس وعواصفها! (لاحظ حجم كوكب الأرض مقارنةً بالعاصفة الشمسية).

في هذا المشهد وثقت ناسا ثلاثاً من ظواهر الشمس الشهيرة أثناء حدوثها معاً وهي:

  • التوهج الشمسي (Solar Flare) والذي يمكن رؤيته في الطرف الأيمن السفلي للشمس.
  • الانبعاث الإكليلي الكُتلي (Coronal Mass Ejection) والذي يمكن رؤيته في المكان ذاته من الشمس منطلقاً نحو الفضاء.
  • وأخيراً المطر الإكليلي (Coronal Rain) وهو عبارة عن حركة المجال المغناطيسي نحو الأسفل بما يُشبه المطر.
     


ملاحظة: هذه ليست محاكاة بالحاسوب، بل مشهد حقيقي للشمس التقطه المرصد الديناميكي الشمسي Solar Dynamics Observatory التابع لوكالة الفضاء، ناسا في 19 يوليو، 2012
المصدر: المرصد الديناميكي الشمسي – ناسا
http://svs.gsfc.nasa.gov/goto?11168

 

لم نشعر بالوقت كأنه مضى بسرعة كبيرة، وعلى ذكر ذلك، هل تعلم بأنه إذا سافرت بسرعة عالية جداً، ستدق ساعتك ببطء بالنسبة لمراقب على سطح الأرض، مما سيجعل الوقت يمر بشكل أطول على سطح الأرض (ولكن سيمر بشكل طبيعي بالنسبة إليك).

هذا الأمر هو نتيجة للنسبية وما يسمى مبدأ تباطؤ الزمن!

وصلنا إلى نهاية رحلتنا مع عام 2017 لكن سعي فريق ناسا بالعربي الدائم ليضع العلم بين أيديكم لن ينتهي. وجهدنا لن يكافئه إلا رؤية نتائجه، شباب عربي منفتح محب للعلم ومنتج ومسهم فيه. وإن غداً لناظره قريب!

 

 

إمسح وإقرأ
شارك

المصطلحات
  • مركز غودارد لرحلات الفضاء (GSFC): هو واحد من المراكز العلمية التي تقوم ناسا بتشغيلها. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات