نشر فريق مهمة نيو هورايزينز New Horizons التابعة لناسا أول النتائج لأبعد جسمٍ تم استكشافه بواسطة مركبةٍ فضائية على الإطلاق وهو عبارة عن لبنة كوكبية يقع في حزام كايبر ويسمى 2014 MU69.
من خلال تحليل المجموعات الأولى فقط من البيانات التي تم جمعتها مركبة نيو هورايزنز خلال مهمة التحليق بالقرب من MU69 (المعروف باسم ألتيما ثولي Ultima Thule)، اكتشف فريق المهمة أنّ هذا الجسم هو أكثر تعقيداً مما كان متوقعاً. نشر الفريق أول النتائج والتفسيرات علمية الخاضعة لمراجعة النظراء peer-reviewed - بعد أربعة أشهر فقط من التحليق - في عدد 17 مايو/أيار 2019 من مجلة Science.
بالإضافة إلى كون هذا التحليق أبعد استكشاف لجسمٍ في التاريخ - على بعد أربعة مليارات ميل من الأرض – فقد كان ألتيما ثولي أول كوكبٍ مصغر planetesimal على الإطلاق يتم استكشافه عن قرب بواسطة مركبةٍ فضائية، حيث يعتبر من بقايا عصر تكون الكواكب.
تكشف البيانات الأولية الملخصة في المجلة الكثير عن تطور ألتيما ثولي، وعن الجيولوجيا والتكوين الخاصين به. يصنف ألتيما ثولي على أنه جسمٌ ثنائي متصل contact binary، حيث يتكون من فصّين متصلين مختلفين في الشكل. بطولٍ يبلغ 22 ميلاً تقريباً (36 كيلومتر)، يتكون ألتيما ثولي من فصٍ كبيرٍ مسطحٍ بشكل غريب (يُطلق عليه اسم "ألتيما") متصل بفصٍ صغير ٍمستديرٍ إلى حدٍ ما (يُطلق عليه اسم "ثولي")، كما يطلق على نقطة اتصالهما اسم الرقبة. لا تزال طريقة حصول الفصان على شكلهما غير المعتاد لغزاً يرتبط على الأرجح بطريقة تشكلهما قبل مليارات السنين.
من المحتمل أن الفصّان كانا يدوران حول بعضهما في القدم، مثل العديد من العوالم الثنائية في حزام كايبر، إلى أن اندمجا مع بعضهما بلطف كما أثبت العلماء نتيجة عمليةٍ ما. ولكي يحدث ذلك، لا بد أن يتلاشى الكثير من الزخم المداري للثنائي لكي تحدان، لكن العلماء لا يعرفون حتى الآن ما إذا كان ذلك بسبب القوى الديناميكية الهوائية الناتجة عن غازات السديم الشمسي القديم، أو ما إذا كان ذلك ناتجاً عن قذف ألتيما وثولي فصوصاً تشكلت معهما مما أدى لخسارتهما الطاقة وتقليص مدارهما. تشير محاذاة محوري ألتيما وثولي أنه قبل انماجهما، فقد كانا مقيدان مدياً tidally locked ببعضهما، مما يعني أن الجانبين نفسيهما للفصين كانا يواجهان بعضهما دائماً أثناء دورانهما حول نفس النقطة.
قال آلان ستيرن Alan Stern، الباحث الرئيسي في مهمة نيوهورايزن، من معهد ساوثويست للأبحاث، بولدر، كولورادو: "نحن ننظر إلى بقايا الماضي القديم المحفوظة جيداً. ليس هناك شك في أنّ الاكتشافات التي تم إجراؤها حول ألتيما ثولي ستساهم في تطور نظريات تكوين النظام الشمسي."
وكما ذكرت صحيفة Science، يدرس باحثو نيو هورايزونز أيضاً الميزات السطحية المتنوعة على ألتيما ثولي، مثل البقع المضيئة، والتلال والأحواض، والحفر، وفوهات النيازك. يبلغ عرض أكبر انخفاضٍ على ألتيما ثولي 5 أميال (8 كيلومترات) والذي أطلق عليه الفريق اسم فوهة ماريلاند - والتي تشأت على الأرجع عن اصطدامٍ نيزكي. ومع ذلك، قد تكون بعض الحفر الأصغر على ألتيما ثولي قد نشأت نتيجة انهيار سطحي، أو بسبب تحول الجليد من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية (التسامي) تاركاً حفراً مكانه.
يشبه ألتيما ثولي بألوانه وتكوينه العديد من الأجسام الأخرى الموجودة في منطقتة في حزام كايبر. لكن لونه أحمر للغاية - أكثر احمراراً حتى من بلوتو الأكبر منه بكثير، والذي يبلغ عرضه 1500 ميل (2400 كيلومتر)، والذي استكشفته مركبة نيو هوريزونز عند وصولها إلى الحافة الداخلية لحزام كايبر في عام 2015 – وهو في الواقع أكثر أجسام النظام الشمسي الخارجي احمراراً التي زارتها مركبة فضائية على الإطلاق . يُعتقد أن تدرج اللون الأحمر ناجمٌ عن تعديل المواد العضوية الموجودة على سطحه. وجد علماء نيوهورايزنز دليلاً على وجود الميثانول والجليد المائي وجزيئات عضوية على سطح ألتيما ثولي – يُعتبر هذا المزيج مختلفاً تماماً عن معظم الأجسام الجليدية التي تم استكشافها مسبقاً بواسطة مركبةٍ فضائية.
ما زال الفريق يستقبل بياناتٍ علمية من المركبة، حيث سيستمر ذلك حتى أواخر صيف عام 2020. في غضون ذلك ، تواصل نيو هورايزنز تنفيذ عمليات رصد جديدة للأجسام الموجودة في حزام كايبر التي تمر بها من بعيد. ونتيجة بعد هذا الأجسام، فهي لن تكشف عن معلوماتٍ جديدة بقدر ألتيما ثولي، لكن يمكن للفريق قياس خصائص معينة مثل سطوع هذه الأجسام. كما تواصل نيو هورايزنز تخطيط بيئة الغبار و أشعاع الجسيمات المشحونة في حزام كايبر.
تبعد نيوهورايزنز الآن مسافة 4.1 مليار ميل (6.6 مليار كيلومتر) عن الأرض، حيث ما زالت تعمل بشكل طبيعي وتسافر في أعماق حزام كايبر بسرعة تقارب 33000 ميل (53000 كيلومتر) في الساعة.
قام مختبر الفيزياء التطبيقية التابع لجامعة جونز هوبكنز في لوريل، ماريلاند، بتصميم وبناء وتشغيل مركبة نيوهورايزنز الفضائية، ويدير المهمة لصالح إدارة المهمات العلمية التابعة لناسا. يُشرف مكتب إدارة الكواكب في مركز مارشال لرحلات الفضاء MSFC التابع لناسا على نيو هورايزنز. يدير معهد ساوث ويست للبحوث، ومقره في سان أنطونيو، المهمة عن طريق الباحث الرئيسي ستيرن، ويقود الفريق العلمي، وعمليات الحمولات والتخطيط العلمي. نيوهورايزنز هي جزء من برنامج نيو فرونتيرز New Frontiers الذي يديره مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لناسا في هنتسفيل، ألاباما.
