إثبات التشابك الكمومي بالعين المجردة

شابكَ العلماء جسمين من المستوى العياني لأول مرة.

تبدو بعض الظواهر في الفيزياء الكمومية أقرب إلى السحر مثل التشابك الكمومي. وقد وصفه أينشتاين بأنه "الفعل الشبحي عن بعد" (spooky action at a distance)، وأن تسخيره قد يجعل من الانتقال الفوري حقيقة واقعة في يوم من الأيام. والتشابك الكمومي مضاد للبديهة وخيالي وغريب، ولكنه آتٍ من علم راسخ تمامًا.

إنه ينطوي بشكل أساسي على وضع جسيمين منفصلين ظاهريًا في حالة ترابط، فالتغيرات الحاصلة على أحد الجُسيمات تؤثر في الجسيم الآخر أيضًا فوريًا، حتى إذا فصل بين الجُسيمين مسافة كبيرة جدًا. ونظريًا، يمكن أن يبقى الجُسيمان المُتشابكان مترابطين حتى لو كانا على جانبين متعاكسين من الكون بالنسبة لبعضهما. 

المشكلة الوحيدة هي أن التشابك الكمومي يبدو فعالًا فقط على أصغر المقاييس، أي على أشياء من مثل الفوتونات أو الذرات. فيبدو أنه يقتصر على العالم الكمومي، على الأقل على المستوى العملي. وهذا لا يعني أن التشابك على المستوى العياني لا يمكن تصوره نظريًا، ولكن كل ما هنالك أنك عندما توسع نطاق الأمور يصبح العالم أكثر تعقيدًا، فهناك المزيد من الضوضاء والتداخل، وانهيار الحالات الكمومية؛ وجميعها تتشابك تحت وطأة الوزن.

لكن من شأن تجربة جديدة مبتكرة أن تغير كل ما كنا نعتقد أننا نعرفه حول حدود التشابك الكمومي. ففي بحث نُشِر مؤخرًا في مجلة Nature، يشرح الباحثون جهودًا ناجحةً لتشابك جسيمين عيانيين -أي أجسام مؤلفة من تريليونات الذرات- وتقترب من المستوى المرئي للعين البشرية المجردة، كما ورد في اللقاء.

إليكم ما سيقلب الموازين.. فالأجسام العيانية التي نتحدث عنها هي غشائَين دائريين مهتزّين مصنعين بدقة، وفي الأساس هما غشائا طبل صغيرين يُقدر قياسهما بعرض شعرة الإنسان. وقد يبدو ذلك صغيرًا لكنه ضخم بالمقارنات الكمومية، ويمكننا أيضًا مشاهدته بأعيننا، حتى لو كانت عيوننا مجهدة. 

وتمكن الباحثون من وضع الطبلين الصغيرين في حالة من التشابك من خلال القيادة الدقيقة لدارة كهربائية ذات ناقلية عالية حيث ارتبط بها الغشائين. واحتفظوا بضوضاء العالم الكبير عن طريق تبريد الدارة الكهربائية إلى ما فوق الصفر المطلق بقليل، أي نحو 273 درجة سيليزيوس تحت الصفر (ناقص 459.4 درجة فهرنهايت). وبشكل مثير للدهشة، ظل الطبلان متشابكين لمدة نصف ساعة تقريبًا.

مضامين هذا البحث هائلة، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى اكتشافات جديدة حول كيفية عمل الجاذبية وميكانيكا الكم معًا. ويمكن أن يؤدي إلى اكتشافات في الحوسبة الكمومية عن طريق الانتقال الفوري للاهتزازات الميكانيكية العيانية. حتى أنه يمكن أن يمنحنا ثقة أكبر بأن قوانين الفيزياء الكمومية تنطبق فعلًا على الأجسام الكبيرة، وهذا يفسح المجال لعصر من التكنولوجيا المُراقَبة، لكنها شبحية الظاهر. 

يوضح مات وولي Matt Woolley وهو أحد الباحثين في الفريق في تصريحه: "من الواضح أننا دخلنا عصر الآلات الكمومية الكبيرة، وقد بدأ هذا العصر وسيبقى".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات