لماذا تختلف القدرات المعرفية من شخص لآخر؟

باحث ما بعد الدكتوراه باتريك واتسون، الذي درس العلاقة بين الاختلافات الدماغية الفردية والقدرات المعرفية. حقوق الصورة:L. Brian Stauffer.
يمتلك الجميع خليطًا مختلفًا من السمات الشخصية: بعضهم منفتح، والبعض الآخر حازم، وآخرون قلقون. تشير دراسة جديدة إلى أن الأدمغة تمتلك سماتٍ مختلفة أيضًا، وهي سمات تؤثر على العوامل التشريحية والمعرفية، كالذكاء و الذاكرة.
نُشرت نتائج الدراسة في الدورية NeuroImage.

”إن التركيز الرئيس للأبحاث في علم الأعصاب المعرفي cognitive neuroscience هو فهم كيف يأخذ الذكاء شكله من خلال الاختلافات الفردية في بنية ووظيفة الدماغ“، هذا ما يقوله قائد الدراسة آرون ك.باربي Aron K. Barbey بروفيسور في علم الأعصاب في جامعة إيلينوي و شريك في مؤسسة بيكمان للعلوم المتقدمة والتكنولوجيا Beckman Institute for Advanced Science and Technology.

حاول علماء الأعصاب المعرفيون لعدة أعوام إيجاد العلاقة بين مناطق محددة من الدماغ والعمليات العقلية مثل الذكاء العام general intelligence أو الذاكرة memory. لم تنجح الأبحاث حتى الآن في دمج مقاييس شاملة ومفهومة لبنية ووظيفة الدماغ من خلال تحليل واحد.

قام باربي وفريقه بقياس حجم وشكل كل الخصائص الموجودة في الدماغ.

يقول باتريك واتسون، وهو باحث في مؤسسة بيكمان، والمؤلف الأول للورقة البحثية: ”تمكّنا من رؤية حزم الألياف العصبية nerve fiber bundles ، وسبل المادة البيضاء white-matter tracts، والحجم volume، وسماكة قشرة الدماغ cortical thickness ، والجريان الدموي blood flow“، ويضيف: ”لقد كنا قادرين على رؤية المتغيرات المعرفية مثل الوظائف التنفيذية والذاكرة العاملة في آنٍ واحد“.

استطاع الباحثون من خلال تقنية إحصائية تدعى تحليل العنصر المستقل [1] أن يجمعوا المقاييس المرتبطة مع بعضها إلى أربع سمات فريدة. تمكّنت هذه السمات الأربع مجتمعةً من تفسير الاختلافات التشريحية لأدمغة الأفراد.

كان المسبب الرئيس لهذه السمات هو الاختلافات في الخصائص الحيوية للدماغ، وكذلك حجم وشكل الدماغ، بالإضافة لأعمار الأفراد، ولكنَّ العوامل السابقة فشلت في تفسير الاختلافات بين القدرات المعرفية بين الأشخاص.

قام الباحثون لاحقًا بفحص الاختلافات الدماغية التي لم تُفسر من قبل السمات الأربع، ليجدوا أن هذه الاختلافات المتبقية تمثّل الاختلافات الفردية في الذكاء والذاكرة.
وقد قال الدكتور باربي: ”استطعنا تحديد الخصائص المعرفية والتشريحية التي تتنبأ بالذكاء العام وتفسّر الاختلافات الفردية من خلال شبكة دماغية خاصة والمخصصة للذكاء، وهي الشبكة الجبهية الجدارية fronto-parietal network“.

وأضاف الدكتور واتسون أن الخصائص الأربع المذكورة في الدراسة هي طريقة فريدة لفحص مدى اختلاف الأدمغة بين الأشخاص، وهذه المعرفة تساعد الباحثين في دراسة الاختلافات الدقيقة المرتبطة بالقدرات المعرفية.

يتابع واتسون: ”تختلف الأدمغة كما تختلف الوجوه، وساعدت هذه التجربة في فهم كيف يبدو الدماغ الطبيعي، ومن خلال بحثنا عن اختلافات غير متوقعة في الدماغ تمكنا من التركيز على المناطق من الدماغ المتعلقة بأمور كالذاكرة والذكاء.

نشر الباحثون بياناتهم إلى العامة عبر منصة على الإنترنت تدعى الإطار العلمي المفتوح Open Science Framework لتشجيع الدراسات التي تسعى لفهم بنية ووظيفة الدماغ“.

اعتمد البحث على العمل بدعم مكتب مدير الذكاء القومي the Office of the Director of National Intelligence و نشاط مشاريع الأبحاث المتقدمة في الذكاء Intelligence Advanced Research Projects Activity.

ملاحظات:

[1] تحليل العنصر المستقل Independent component analysis: هي تقنية إحصائية وحسابية للكشف عن العوامل الخفية التي تكمن وراء مجموعات من المتغيرات العشوائية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات