تقارير تشير إلى تصنيع الروس ليزر يشوش الأقمار الصناعية خبراء يشرحون هذه التقنية المستخدمة


يستطيع شعاع ليزر قوي بدرجة كافية أن يُعطِل الرؤية في أقمار التجسس الصناعية
(مصدر الصورة: MuthuKutty/Wikimedia, CC BY-SA)



إيان بويد، أستاذ علوم هندسة الطيران في جامعة كولورادو بولدر.

وفقاً لتقرير صدر مؤخراً نُشـَـر في سبيس ريفيو، تعمل روسيا على بناء مُنشأة أرضية باستخدام أشعة الليزر لإحداث التداخل في إشارات الأقمار الصناعية التي تدور في السماء.

الفكرة الأساسية من بناء هذه المنشأة جاءت لغرض تشويش الرؤية في مستشعرات أقمار التجسس للدول الأخرى وذلك عبر غمرها بضوء الليزر.

تطورت تقنية الليزر إلى درجة أصبح فيها هذا النوع من الدفاعات المُضادَة للأقمار الصناعية فعَّالاً، ولكن توجد أدلة محدودة تثبت إمكانية نجاح أي دولة في إجراء اختبار على مثل هذا النوع من الليزر.

إذا أثبتت الحكومة الروسية قدرتها على بناء منشأة لهذا النوع من الليزر، فستثبت أيضاً قُدرتِها على حجب جزء كبير من البلاد من رؤية الأقمار الصناعية بأجهزة استشعار بصرية، وربما قد تمهد هذه التقنية الطريق أمام احتمال أخطر وهو ظهور أسلحة الليزر التي تعطل الأقمار الصناعية تعطيلاً دائماً.

كيف يعمل الليزر؟

الليزر هو جهاز لتكوين شعاع ضيق من الطاقة الموجهة، طُور أول جهاز ليزر في عام 1960، ومنذ ذلك الوقت، أُنتجت عدة أنواع تستخدم كٌــلاً منها آليات فيزيائية مختلفة لتوليد الفوتونات أو جزيئات الضوء.

تضخ أشعة الليزر الغازية كميات كبيرة من الطاقة في جزيئات غازات معينة مثل ثاني أكسيد الكربون، ويعمل الليزر الكيميائي من خلال تفاعلات كيميائية مُحددَة تُطلِق الطاقة، يستخدم ليزر الحالة الصلبة مواد بلورية مخصصة لتحويل الطاقة الكهربائية إلى فوتونات، بعد ذلك تُضخِم الفوتونات في جميع أنواع الليزر عن طريق تمريرها عبر نوع خاص من المواد يُسمَى وسيط الكسب ثم يركز مدير الشعاع على شعاع مُتماسِك.


تأثيرات الليزر

اعتماداً على شدة الفوتون وطول الموجة، يمكن لشعاع الطاقة المُوجَّـه الذي شكله الليزر أن يخلق مجموعة من التأثيرات على هدفه. على سبيل المثال، إذا كانت الفوتونات في الجزء المرئي من الطيف، فيمكن لليزر توصيل الضوء إلى هدفه.

للحصول على تدفق عالٍ بدرجة كافية من الفوتونات عالية الطاقة، يمكن لليزر تسخين وتبخير وصهر وحتى حرق مادة هدفه.

تحدد القدرة على إيصال هذه التأثيرات من خلال مستوى طاقة الليزر، والمسافة بين الليزر والهدف، والقدرة على تركيز الشعاع على الهدف.

استخدامات الليزر

تظهر التأثيرات المختلفة الناتجة عن استخدامات الليزر واسعة النطاق في حياتنا اليومية، بما فيها المؤشرات الليزرية، والطابعات، ومشغلات DVD، وعمليات جراحة الشبكية وغيرها من العمليات الطبية، وعمليات التصنيع مثل اللّحام والقطع بالليزر.

يعمل الباحثون على تطوير الليزر كونه بديلاً لتقنيةِ موجاتِ الراديو التي تُعزِز الاتصالات بين المركبة الفضائية والأرض.

يُظهِر أيضاً استخدام الليزر على نطاق واسع في العمليات العسكرية، أشهرها الليزر المحمول جوا (ABL)، الذي كان الجيش الأمريكي يعتزم استخدامه لإسقاط الصواريخ الباليستية.

يحتوي جهاز ABL على ليزر كبير للغاية وعالي الطاقة مُركباً على طائرة بوينج 747.

حُكم في نهاية المطاف على مصير البرنامج بالفشل، بسبب الصعوبات المرتبطة بالتحكم الحراري لليزر الكيميائي وصيانته.


جرَّبَ الجيش الأمريكي تركيب ليزر قوي على طائرة نفَّاثـة كبيرة بهدف إسقاط الصواريخ الباليستية القادمة. (مصدر الصورة:US Missile Defense Agency)
جرَّبَ الجيش الأمريكي تركيب ليزر قوي على طائرة نفَّاثـة كبيرة بهدف إسقاط الصواريخ الباليستية القادمة. (مصدر الصورة:US Missile Defense Agency)


الاستخدام العسكري الأنجح هو نظام مكافحة الأشعة تحت الحمراء للطائرات الكبيرة (LAIRCM)، الذي يستخدم لحماية الطائرات من الصواريخ الحرارية المضادة للطائرات.

يُسلِط LAIRCM الضوء من ليزر الحالة الصلبة في مستشعر الصاروخ عند اقترابه من الطائرة، ما يتسبب في تشويش السلاح وإفقاده مسار هدفه.

ساهمَ الأداء المتطور لليزر الحالة الصلبة في انتشار التطبيقات العسكرية الجديدة، لا سيَّمَا أن الجيش الأمريكي يقوم بتركيب أشعة الليزر على شاحنات الجيش و السفن الحربية للدفاع ضد أهداف صغيرة مثل الطائرات بلا طيار وقذائف الهاون وغيرها من التهديدات.

تدرس قوات السلاح الجوي استخدام الليزر على الطائرات لأغراض دفاعية وهجومية.


الليزر الروسي

تُسمَى مُنشأَة الليزر الروسية الجديدة المشهورة "كالينا"، وهي تهدف إلى تشويش المستشعرات الضوئية للأقمار الصناعية التي تجمع المعلومات الاستخبارية فوقها، وبالتالي تحجب عليها الرؤية مؤقتاً، كما هو الحال مع LAIRCM الأمريكية، ينطوي التشويش على إشباع المستشعرات بضوء كافٍ لمنعها من العمل.


يتطلب تحقيق هذا الهدف توصيل كمية كافية من الضوء بدقة إلى مستشعر القمر الصناعي. هذا الهدف ليس سهلاً، لأن المسافات كبيرة جداً وشعاع الليزر يتطلب المرور أولاً عبر الغلاف الجوي للأرض.

إن توجيه الليزر بدقة عبر مسافات كبيرة في الفضاء ليس بالهدف الجديد.

على سبيل المثال، وضعت مهمة Apollo 15 التابعة لوكالة ناسا في عام 1971 عواكس بحجم كبير نسبياً على القمر التي تستهدفها أشعة الليزر على الأرض وذلك لتقديم معلومات حول الموقع، وتبين أن إيصال عدد كافٍ من الفوتونات عبر مسافات كبيرة يعود أساساً إلى مستوى طاقة الليزر ونظامه البصري.

تشيرُ التقارير أن منشأة كالينا تعمل في وضع نبضي في الأشعة تحت الحمراء وتنتج حوالي 1000 جول لكل سنتيمتر مربع.

وبالمقارنة، فإن الليزر النبضي المستخدم في جراحة الشبكية يشكل فقط 1/10000 من القوة.

تقدم كالينا جزءاً كبيراً من الفوتونات التي تولدها عبر مسافات كبيرة حيث تدور الأقمار الصناعية في سماء المنطقة.

هذه المنشأة قادرة على القيام بذلك لأن الليزر يشكل شعاعاً موازياً تماماً، مما يعني أن الفوتونات تنتقل بالتوازي حتى لا ينتشر الشعاع.

تركز كالينا شعاعها باستخدام تلسكوب يبلغ قطره عدة أمتار.

يتجهُ عمل أقمار التجسس التي تستخدم أجهزة استشعار نحو مدار أرضي منخفض على ارتفاع بضع مئات من الكيلومترات.

تستغرق هذه الأقمار الصناعية عمومــاً بضع دقائق لتمرير أي نقطة مُحددَة على سطح الأرض.


يتطلبُ هذا أن تكون منشأة كالينا قادرة على العمل باستمرار لفترة طويلة مع الحفاظ على المسار الدائم للمستشعر البصري، ينفذ نظام التلسكوب هذه الوظائف.

استناداً إلى التفاصيل المَنقُولــَــة عن التلسكوب، ستكون كالينا قادرة على استهداف قمر صناعي علوي خلال مساره لمئات الأميال.

وهذا من شأنه أن يُمكِننا من حماية مساحة كبيرة جداً -في حدود 40.000 ميل مربع (حوالي 100.000 كيلومتر مربع) تقريباً- من المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها أجهزة الاستشعار الضوئية على الأقمار الصناعية، بمساحة تبلغ أربعين ألف ميل مربع تقارب مساحة ولاية كنتاكي.


تدَّعِي روسيا أنها أدخلت في عام 2019 نِظَاماً أقلَ قوةٍ يُسمَى Peresvet وهو نظامٌ مُشوِش لليزر ويثبت على شاحنة.

على الرغم من إدعائها، إلا أنه لا توجد تأكيدات تثبت نجاح استخدام الأخير.


يحتمل استمرار ازدياد مستويات طاقة الليزر، التي قد يؤدي ازديادها الى أبعد من تأثيرات التشويش المؤقت، بمعنى أن يتطور ذلك إلى إتلافٍ دائمٍ لأجهزة التصوير الخاصة بأجهزة الاستشعار، بينما يسير تطوير تقنية الليزر في هذا الاتجاه، ثمة اعتبارات سياسية مهمة ترتبط باستخدام الليزر بهذه الطريقة، إذ يعتبرُ تدميرُ دولةً ما بشكلٍ دائمٍ لأجهزة الاستشعار الفضائية عملاً عدوانياً يُفضِي إلى تصعيد سريع للتوترات.

أجهزة الليزر في الفضاء

الأمرُ المُقلِقُ للغاية هو احتمالُ نشرِ أسلحةِ الليزر في الفضاء، إذ يُرجَح أن تكون هذه الأنظمة فعَّالةً للغاية في الفضاء، فقد تنخفضُ المسافاتُ إلى الأهدافِ انخفاضاً كبيراً، حيث لا وجُودَ لغلافٍ جويٍّ لإضعاف الشعاع، وبالتالي تنخفض مستويات الطاقة اللازمة لأشعة الليزر الفضائية لإحداث أضرار جسيمة للمركبة الفضائية انخفاضاً كبيراً مقارنةً بالأنظمةِ الأرضيةِ.

عِلاوةً على ذلك، يمكنُ استخدام الليزر الموجود في الفضاءِ لاستهداف أيِّ قمرٍ صناعيٍّ من خلالِ توجيهِ الليزرِ إلى خزانات الوقود وأنظمة الطاقة التي في حالة تَلفُها، ستؤدي إلى تعطيل المركبة الفضائية تماماً.


مع استمرار التقدم التقني، سيصبح استخدام أسلحة الليزر في الفضاء أمراً وارداً بكثرة.

والسؤال المطروح: ما عواقب استخدامه؟

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية. (IKI): معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات