يدين التطور والتقدم في عالم الذكاء الصنعي Artificial Intelligence او اختصاراً (AI) في جانب كبير منه إلى التكنولوجيا التي تحاكي كيفية عمل الدماغ البشري. وفي عالم تكنولوجيا المعلومات، تسمى أنظمة الذكاء الاصطناعي بالشبكات العصبونية الاصطناعية Neural Networks.
تتضمن هذه الشبكات خوارزميات يمكن تدريبها على عدة أمور، من بينها تقليد كيفية تعرف الدماغ على الكلام والصور، ومع ذلك، يحتاج تشغيل الشبكة العصبونية الصنعية إلى الكثير من الوقت والطاقة.
يطور الآن باحثون من المركز الوطني للأبحاث العلمية National Centre for Scientific Research او اختصاراً (CNRS) في تاليس، وجامعة بوردو في جنوب باريس، وشركة إيفري Evry تشابك عصبي صنعي يدعى ميمريستور memristor يُطبق مباشرة على شريحة، ممهداً الطريق للأنظمة الذكية التي تتطلب أقل وقت وطاقة للتعلم، عدا عن قدرتها على التعلم الذاتي.
تعمل التشابكات العصبية في الدماغ البشري كوصلات بين الخلايا العصبية، وبتحفيز هذه التشابكات، يتم تعزيز الاتصالات فيما بينها وتطوير عملية التعلم.
يعمل تشابك ميمريستور بطريقة مماثلة، بحيث يتكون من طبقة رقيقة من مواد عازلة فيروكهربائية ferroelectric (مواد ذات استقطاب ذاتي) يتم وضعها بين اثنين من الأقطاب الكهربائية، وتستخدم نبضات الجهد في ضبط المقاومة المتغيرة للتشابك، تماماً مثل الخلايا العصبية البيولوجية. فعند انخفاض قيمة المقاومة سيكون الاتصال بين التشابكات العصبية قوي، والعكس صحيح. وتستند قدرة ميمريستور على التعلم على هذه المقاومة المتغيرة والقابلة للتعديل.
تطورت أنظمة الذكاء الصنعي بشكل كبير في العامين الماضيين، وأصبحت الشبكات العصبونية المبنية مع خوارزميات التعلم الآن قادرة على أداء المهام المستعصية على النظم الصنعية في السابق.
فعلى سبيل المثال، يمكن للأنظمة الذكية الآن تأليف الموسيقى، ولعب المباريات بل وهزيمة اللاعبين من البشر، والقيام بدفع الضرائب الخاصة بنا، ويمكن لبعضهم أيضاً تمييز السلوك الانتحاري، أو التفريق بين ما هو قانوني وما هو غير مشروع.
وهذا كله بفضل قدرة أنظمة الذكاء الصنعي على التعلم، والمحدودة فقط بمقدار الوقت والجهد الذي تستغرقه لاستهلاك البيانات التي هي بمثابة نقطة انطلاق لها. ومع ميمريستور، يمكن أن تتحسن هذه العملية التعليمية إلى حد كبير. فمازال العمل قائماً على ميمريستور، لا سيما في استكشاف سبل لتحسين وظيفتها.
وبالنسبة للمبتدئين، فقد نجح الباحثون في بناء نموذج مادي للمساعدة في عملية التنبؤ بكيفية عملها. ونُشر العمل في مجلة Nature Communications. وقد يكون قريباً لدينا أنظمة ذكاء صنعي لديها القدرة على التعلم بمقدار قدرة دماغنا أو ربما أفضل.