يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
ما هو مستقبل الكون بوجود فكرة التوسع الكوني؟

يعتقد علماء الفلك أن توسّع الكون ينظّمه كلٌّ من قوة الجاذبية، التي تعمل على إبطائه، والطاقة المظلمة الغامضة، التي تدفع بالمادة والفضاء بعيدًا. في الواقع، يُعتقد أن الطاقة المظلمة تدفع الكون بعيدًا بسرعةٍ كبيرةٍ، ممّا يسبّب تسريع توسّع الكون.
 


حسنًا، إنّ سرعة توسّع كوننا ليست ثابتةً، وهذه إحدى النتائج المهمّة جدًا لوجود الطاقة المظلمة (dark energy) في كوننا، وهي تُقدم لنا مشهدًا مثيرًا للمستقبل البعيد للكون.


الطاقة المظلمة هي تعبيرٌ وصفيٌّ يُطلق على القوة المسؤولة عن التوسّع الكونيّ الذي رصدناها. بإمكاننا رؤية ذلك التوسّع عبر قياس السرعات الظاهرية للأجسام الموجودة في الكون، فجميعها يظهر متحركًا بشكلٍ متسارعٍ. وعند الأخذ في الحسبان أنّ موقعنا في الكون ليس مميزًا، فإنّ أفضل تفسير لهذا الرصد هو أنّ الأجسام تنجرف بعيدًا عن بعضها البعض. وبالنظر إلى أن الجاذبية موجودةٌ أيضًا، فلا بدّ حينها من وجود قوةٍ تؤثر على كلّ الأجسام الموجودة في الكون لتجابه قوة الجاذبية وتحافظ على مسارات تلك الأجسام التي تقود إلى كونٍ يزداد عزلةً.



أُطلق على هذه القوة التي تواجه الجاذبية اسم الطاقة المظلمة، أما طبيعة هذه القوة وكيفية عملها فهو أمرٌ لا زال مجهولاً بشكلٍ كبيرٍ. على أيّ حالٍ ووفقًا لعمليات الرصد التي أجريناها، يجب أن تُؤلّف هذه القوة 68% من إجمالي الطاقة المتاحة في الكون حتى تكون قادرةً على إنجاز ما نرصده الآن، وذلك يشمل ابتعاد المجرات عن بعضها البعض.

 

تمثيل تطوّر الكون على مرّ أكثر من 13.77 مليار سنةٍ. وفي الآونة الأخيرة، بدأ التوسّع بالتسارع مرةً أخرى حيث هيمنت التأثيرات المدمّرة للطاقة المظلمة على توسّع الكون.
تمثيل تطوّر الكون على مرّ أكثر من 13.77 مليار سنةٍ. وفي الآونة الأخيرة، بدأ التوسّع بالتسارع مرةً أخرى حيث هيمنت التأثيرات المدمّرة للطاقة المظلمة على توسّع الكون.

 


يُشكّل توسّع الكون إحدى قطع الأحجية. إذا كان معدل حصول التوسّع ثابتًا، فذلك يعني أن كوننا سيتوسّع بشكلٍ خطيٍّ كما هو موضَّح في الصورة السابقة. مع ذلك، اكتشفنا أن توسّع كوننا يجري بمعدلٍ متزايدٍ. إنّ التوسّع يتسارع، وليس ثابتًا. يعني ذلك أنني إذا ما كنت أنظر الآن إلى مجرتين منفصلتين في الكون باستخدام عينٍ كونيةٍ قويةٍ، ومن ثمّ عدت مجددًا بعد مليارات السنين ورصدت مجموعةً أخرى مكوّنةً أيضًا من مجرتين تبتعدان عن بعضهما البعض، فإنّ سرعة ابتعاد المجموعة الثانية ستكون أكبر بكثيرٍ مقارنةً بالأولى.



على مدار فترةٍ طويلةٍ من الزمن، فإنّ هذه السرعة المتزايدة للتوسّع تعني أن كثافة الأجسام داخل الكون ستتناقص. وإذا كانت كلٌّ من المجرات تسعى للابتعاد عن غيرها، فذلك يعني أن تصوير المجرات خارج مجرّتنا درب التبانة سيزداد صعوبةً لأن الزمن اللازم لوصول الضوء سيزداد أيضًا.



إذا ما كان سيناريو ازدياد عزلة المجرّات هو الحاصل الآن، فذلك سيقودنا إلى سيناريو لنهاية الكون تُعرف بالموت الساخن (heat death). يحصل هذا السيناريو عندما ينفذ الغاز الموجود في المجرّات والمسؤول عن ولادة النجوم الجديدة، والأغلبية الساحقة من النجوم المتبقية ستكون نجومًا قزمةً سوداء، أو بنيّة، أو حمراء خافتةً جدًا، أو ثقوبًا سوداء (black hole)، أو نجومًا نيوترونيةً (neutron stars).



ومع عدم إمكانية وصول غازٍ جديدٍ إلى داخل المجرّة، فذلك يعني أن المجرّة ستُنهي عملية تشكُّل النجوم داخلها، وحالما تُشعّ الأقزام الحمراء وبقيّة الأجسام النجميّة كلَّ حرارتها، ويصل كل الكون إلى درجة حرارةٍ واحدةٍ لجميع أجزائه، نكون قد وصلنا إلى مرحلة "موت" الحرارة في كوننا.


هذه بالتحديد هي تنبؤاتنا الحالية المتعلقة بالحالة النهائية لكوننا، كما أنها نتيجةٌ مباشِرةٌ لوجود كميّةٍ كبيرةٍ من الطاقة المظلمة التي تقود إلى جعل كوننا يتوسّع باتجاه الخارج وبمعدلاتٍ متسارعةٍ دومًا.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • النجم النيوتروني (Neutron star): النجوم النيوترونية هي أحد النهايات المحتملة لنجم. وتنتج هذه النجوم عن نجوم فائقة الكتلة -تقع كتلتها في المجال بين 4 و8 ضعف كتلة شمسنا. فبعد أن يحترق كامل الوقود النووي على النجم، يُعاني هذا النجم من انفجار سوبرنوفا، ويقوم هذا الانفجار بقذف الطبقات الخارجية للنجم على شكل بقايا سوبرنوفا جميلة.
  • الطاقة المظلمة (Dark Energy): هي نوع غير معروف من الطاقة، ويُعتقد بأنه المسؤول عن تسارع التوسع الكوني.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات