ما مدى كره الغرافين للماء؟

 

نشرت مجموعة الرصد الكمي التابعة للمختبر الفيزيائي الوطني NPL مؤخرًا بحثًا يستقصي مقدار كره الماء (hydrophobicity) للغرافين المتقيِّل[1] (epitaxial graphene)، والذي يمكن استخدامه مستقبلًا لتبني عمليات التغطية بالغرافين بحيث تتناسب مع تطبيقاته في الطب، والإلكترونيات، وغيرها. وعلى النقيض مما يعتقده الكثيرون، فإن النتائج تشير إلى أن كره الغرافين للماء معتمد بشدة على الكثافة، بحيث يكون الغرافين أحادي الطبقة أكثرَ حبًا للماء (hydrophilic) من نظائره الأكثر كثافة.

الغرافين عبارة عن بلورة كربونية ثنائية البعد، لها العديد من التطبيقات المحتملة من مثل الإلكترونيات المرنة، والترانزستورات الفعالة، والمجسات المبتكرة. ومن أجل تشجيع استخدام الغرافين في التطبيقات الإلكترونية، فإنه يجب توجيه الجهود لإيجاد حلولٍ لتحديات التصنيع على المستوى الكبير، ولتحديات التحكم في خصائصه تحت العديد من الظروف البيئية.

ستحتاج العديد من الأجهزة التي يشكل الغرافين أساسًا في صناعتها إلى أن تعمل في ظروف محيطة تكون فيها الرطوبة أكبر من الصفر وغير مراقبة. يمكن لرطوبة الهواء أن تؤثر على أداء الغرافين عن طريق إحداث تغييرات في خصائصه الميكانيكية والكهربائية، وبالتالي فإنه من الضرورة بمكان معرفة مقدار أُلفة الغرافين للماء.

تتحدث الدراسة الحديثة، والتي أجريت بالتعاون مع معمل أبحاث البحرية الأمريكية، عن السؤال الذي لطالما كان محل جدال فيما إذا كان الغرافين محبًا أو كارهًا للماء. يقول الافتراض الشائع أن الغرافين، حاله حال العديد من المواد ذات الأساس الكربوني، كاره للماء. هذا العمل، والذي نُشر في دورية ACS Nano التابعة للمجتمع الكيميائي الأمريكي American Chemical Society، أثبت أن إجابة السؤال أكثر تعقيدًا مما كان يُظَن.

iStock.com/ThomasVogel.
iStock.com/ThomasVogel.

تمت دراسة خاصيتي الالتصاق والاحتكاك في غرافين أحادي الطبقة وآخر مزدوج الطبقة باستخدام الاستجهار بالقوة الكيميائية (chemical force microscopy) بمجس كاره للماء (وهذا الاستجهار هو شكل مختلف من أشكال استجهار القوة الذرية (atomic force microscopy)، حيث تُدرس الركيزة باستخدام القوى الموجودة بين المجس والسطح). تم قياس قوة التصاقٍ بين المجس وبين الغرافين ثنائي/ثلاثي الطبقة أكبر من تلك المقيسة للغرافين أحادي الطبقة، مما يعني أن الغرافين ثنائي/ثلاثي الطبقة أكثر كرهًا للماء، الأمر الذي يعني بدوره أن كره الماء لدى الغرافين يعتمد على سمك طبقات الغرافين.

تم تأكيد هذه النتائج من خلال تخطيط قوى الاحتكاك ذي المقياس النانويّ: أظهرت المناطق التي تتصف بكره الماء قوة احتكاك أقل، وهي نتيجة تتفق مع حقيقة أن المستويات المختلفة من كره الماء تتجه لأن تؤثر على ترتيب جزيئات الماء، وبالتالي على الحركة الانزلاقية لطرف المجس.

يمكن للتقنيات التي وضحها المختبر الفيزيائي القومي أن تُستخدم مستقبلًا لتعزيز فهمنا لسلوك الغرافين بالنسبة للماء، مع التركيز بشكل خاص على الأثر الناتج عن الطرق المختلفة لصناعة الغرافين. وبالتحديد، فإنها تمهد الطريق للتفريق بين العمليات المختلفة للتغطية بالغرافين وتعديلها لتتناسب مع تطبيقات محددة.

فعلى سبيل المثال، تكون التغطياتُ الأكثر ثخانةً (كالغرافين ثنائي الطبقة أو أكثر) مثاليةً من أجل التطبيقات التي تكون كارهةً للماء، كالمعدات الطبية والمكونات الكهربائية. من ناحية أخرى، يمكن استخدام الغرافين أحادي الطبقة عندما نبتغي سطحًا محبًا للماء، على سبيل المثال في النظارات المضادة للضباب وفي تغطيات الأبنية.


ملاحظات


[1] التقيّل (epitaxy): هو عملية يتم فيها ترسيب طبقة بلورية على ركيزة بلورية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الغرافين (graphene): مادّة كربونية ثنائية الأبعاد وذات بنية بلورية سداسية، وتُعدّ أرفع مادّة معروفة على الإطلاق بحيث يُعادل سمكها ذرة كربون واحدة.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات