وكالة الفضاء الأوروبية تعلن عن خططها لبناء قرية على القمرِ بحلول 2030

توصّل حوالي 200 من العلماء والمهندسين وخبراء الصناعة خلال أحد المؤتمرات الذي عقد مؤخراً إلى نتيجة مفادها أن المخطط الأولي الذي تم تصميمه بواسطة طابعات ثلاثية الأبعاد، والذي يُصور قرية موجودة على سطح القمر يتخذها رواد الفضاء كمسكن مؤقت لبضعة أشهر، قد يغدو أمراً حقيقياً خلال العقد القادم.

وكانت وكالة الفضاء الأوروبية أعلنت في المنتدى الدولي لأبحاث القمر 2020 و 2030 الذي انعقد في هولندا الشهر الماضي، أن عملية بناء هذه القاعدة القمرية المأهولة ستبدأ في غضون أقل من خمسِ سنواتٍ، الأمر الذي يعني أن القرية الجديدة على القمر يمكن أن توفر نقطة انطلاقٍ محتملةٍ للبعثات المستقبلية إلى المريخ.

تقول كاثي لاريني Kathy Laurini من وكالة ناسا في حديثها مع ليونارد دافيد Leonard David من موقع space.com: "استراتيجية استكشاف الفضاء لدى وكالة الفضاء الأوروبية حدّدت القمر كوجهةٍ أوليةٍ للبشر في طريقهم إلى المريخ، وعليه فإن التوقيت مناسبٌ لبدء البحث في الإمكانيات التي تسمح لأوروبا بتحقيق أهدافها الاستكشافية، وضمان أنها لا تزال شريكاً قوياً في عملية الاستكشاف البشري للنظام الشمسي".

وفي هذا الصدد، فإن وكالة ناسا على وجه التحديد مهتمة جداً برؤية هذه الفكرة تتحق على أرض الواقع، ذلك لأنه تم تعيين القمر كأفضل محطة توقف استراتيجيةٍ في طريق البعثات المأهولة إلى المريخ. وقد أشارت حسابات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الشهر الماضي، إلى أن رواد الفضاء يمكن أن ينطلقوا من الأرض بنسبة أقل من 68 بالمئة من وزنهم، في حال حصلوا على معظم الوقود السائل الثقيل من القاعدة الموجودة على سطح القمر.

إضافة إلى ذلك، أعلنت NexGen Space LLC وهي شركة استشارية تعمل مع ناسا، أن وجود محطة التزويد بالوقود ستقلل من التكلفة التي ستتكبدها وكالة ناسا عند إرسال البشر إلى المريخ بنسبة تقدر بحوالي 10 مليارات دولار في السنة، لذا فإن قرية القمر تبدو أمراً أساسياً لا بديل عنه.

ستبداً الخطة التي حددتها وكالة الفضاء الأوروبية عبر إرسال الروبوتات إلى القمر للبدء ببناء المرافق المختلفة في بداية العشرينيات من القرن الحالي، على أن يتبعها بعد عدة سنواتٍ وصول السكان الأوائل.

وفي فترة سابقة من سنة 2013، تعاونت وكالة الفضاء الأوروبية مع شركات البناء للبدء بتفحص تقنيات الأبنية التي ستُبنى على سطح القمر، فوجدت أن المواد المحلية (الموجودة على سطح القمر) هي الأفضل لتشييد الأبنية والمنشآت الأخرى، ما يعني عدم الحاجة لنقل الموارد من الأرض بكلفةٍ خياليةٍ.


يظهر هذا المشهد صورة فنية لشكل المنشآت الأولي التي ستُبنى على سطح القمر، وذلك وفقاً للمخطط الذي وضعته وكالة الفضاء الاوروبية.  المصدر: ESA/Foster + Partners
يظهر هذا المشهد صورة فنية لشكل المنشآت الأولي التي ستُبنى على سطح القمر، وذلك وفقاً للمخطط الذي وضعته وكالة الفضاء الاوروبية. المصدر: ESA/Foster + Partners


وقال إنريكو ديني Enrico Dini، مؤسس شركة Monolite للتصنيع ومقرها في المملكة المتحدة: "أولاً، قمنا بمزج موادّ تحاكي تلك الموجودة على سطح القمر مع أوكسيد المغنزيوم فحصلنا على 'ورقة' يمكن الطباعة باستخادمها".

ويضيف قائلاً: "أما بالنسبة إلى الحبر المستخدم في الهيكل، فقمنا بوضع الملح الذي يحول المواد إلى مواد صلبة كالحجر. تبني طابعتنا الحالية بمعدل متريْن في الساعة، في حين يجب أن يبني تصميم الجيل القادم 3.5 متر في الساعة، وبالتالي إكمال مبنى كامل خلال أسبوع".

كما قدمت شركة الهندسة المعمارية فوستر وشركائها تصميماً لقبة قادرة على تحمل الوزن، وهو يحتوي على جدار ذو خلايا تم إنشاؤه لحماية المقيمين من النيازك الصغيرة وإشعاعات الفضاء. وإضافة إلى ذلك، يعطي هيكل الخلية المُجوّف ومغلق البناء قوةً جيدةً بالنسبة لوزنها.

ويقول العلماء إنه في حال وصولهم إلى القمر، فسيتطيعون معرفة إذا ما كانت الموارد على سطح القمر قيمةً كما اعتقدوا. وتعليقاً على هذا الأمر، يقول كلايف نيل Clive Neal من جامعة نوتردام لموقع Space.com: "على الرغم من أننا لا نزال نتحدث عن استخدام الموارد الموجودة على سطح القمر، إلا أننا في حاجة إلى إثبات أننا نستطيع استخدامها، فهي في الحقيقة احتياطات مهمة.

 

وبالطبع، فإن عملية فحص حجم تلك المواد وتكوينها وشكلها وتجانسها، تتطلب استخدام برنامج تنقيب مُنظم. ومن شأن استخدام برنامج ناجح أن يظهر بوضوح ما إذا كانت موارد القمر ستمكننا من استكشاف النظام الشمسي".


يظهر هذا المشهد صورة فنية لشكل المنشآت الأولي التي ستبنى على سطح القمر، وذلك وفقاً للمخطط الذي وضعته وكالة الفضاء الاوروبية. المصدر: ESA/Foster + Partners
يظهر هذا المشهد صورة فنية لشكل المنشآت الأولي التي ستبنى على سطح القمر، وذلك وفقاً للمخطط الذي وضعته وكالة الفضاء الاوروبية. المصدر: ESA/Foster + Partners


وسواء ستُبنى قرية القمر في العقد القادم أم في وقت لاحق، فإن وكالة ناسا مصممةٌ على جعل روادها يدورون حول القمر لعدة أشهرٍ في كل مرة. كما أعلنت الشهر الماضي عن عزمها الخروج من محطة الفضاء الدولية بأسرع ما تستطيع لإنشاء فرعٍ بديل لها بجانب القمر.

هذا وسيكون رواد الفضاء هناك (بالقرب من القمر) بعيدين عن الأرض أياماً وليس مجرد ساعات، وبعيدين أيضاً عن درعها المغناطيسي الواقي، الأمر الذي من شأنه منح الرواد فكرةً أفضل عن ما يجب أن يتحملوه جسدياً ونفسياً في مهمة مأهولة إلى المريخ.

ختاماً، يبقى شيء واحد مؤكد هو أننا سنحظى خلال الفترة المقبلة بالكثير من اللحظات المثيرة التي تحبس الاتفاس.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات