في مكانيْن في الوقت نفسه! بحث يرصد هذه الظاهرة الكمومية

لا نمتلك صورة تظهر الجسيمات في حالة التراكب، لذا فإن هذه الصورة يمكن أن توضح ميكانيكا الكم الغامضة.

المصدر: sakkmesterke/Shutterstock


ألا ترغب أحياناً في أن تكون في مكانيْن في الوقت نفسه؟ في الواقع تسمح قوانين فيزياء الكم بذلك الأمر، وعلى الرغم من أن تطبيق ذلك على البشر هو أمر غير مرجح إطلاقاً، إلا أن العلماء يدفعون بمفهوم التراكب (superposition) إلى خارج العالم الميكروسكوبي منطلقين بذلك نحو العالم الماكرسكوبي (العياني).

وسّع باحثون من جامعة ستانفورد الرقم القياسي للتراكب الكمومي الماكروسكوبي (فكرة أن تكون في مكانين، أو حالتين في الوقت نفسه) من 1 إلى 54 سنتمتر (0.39 إلى 21 إنش) وذلك عبر إطلاق سحابة فائقة البرودة مكونة من ذرات روبيديوم، موجودة جميعها في الحالة نفسها، إلى مسافة بلغت 10 أمتار في الهواء باستخدام الليزر؛ ونُشرت نتائجهم في مجلة نيتشر.

التراكب الكمومي واحد من المبادئ الأساسية في ميكانيكا الكم. يُؤكد هذا المبدأ أن الحالات الكمومية المتاحة يُمكن أن تُضاف إلى بعضها البعض وينتج عن ذلك حالة كمومية أخرى متاحة أيضاً. وأنماط التداخل الحاصلة للفوتونات في تجربة الشق المزدوج هي نتيجة رصدية لمبدأ التراكب.

على الرغم من ذلك، في الثقافة الشعبية وعندما نتحدث عن التراكب، نُفكر بقطة شرودينجر. هي قطة موجودة داخل صندوق يحتوي سماًّ -يُفعّل هذا السم نتيجة لعملية كمومية لم يتم التنبؤ بها- وهذه القطة حية وميتة طوال الوقت حتى يُفتح الصندوق. لا تتواجد القطة وذراتها في حالتين مختلفتين، وإنما طالما أن النظام معزول (لا يُمكنك حتى سماع النواء) وتحكمه ميكانيكا الكم، فإن الوصف "ميتة وحية" مثالي تماماً.

عادةً ما تكون الأنظمة الماكروسكوبية معقدة جدًا على أن يحصل فيها تراكب، ولذلك صنع فريق ستانفورد سحابة تكاثف بوز أينشتاين (BEC) مكونة من 10000 ذرة روبيديوم فائقة البرودة. عندما تُوجد مادة ما في حالة BEC، فإن كل ذراتها تتمتع بالحالة نفسها، وتُصبح الظواهر الكمومية مرئية عند المستوى الماكروسكوبي.

استخدم العلماء ليزراً لإرسال سحابة بوز أينشتاين هذه على مسافة امتدت نحو 10 أمتار داخل حجرة فائقة التجمد. تسبب ذلك في دخول الذرات في واحدة من حالتين ممكنتين: الحالة الأرضية (الحالة التي تمتلك أقل طاقة ممكنة)، أو الحالة المُثارة. رصد العلماء أن الذرات عندما تصل إلى قمة الحجرة، فإن الحالتين تختلطان بشكلٍ مثالي ويفصل بينهما 54 سنتمتراً. وبالتالي سُمح للسحابة بإعادة التشكل والسقوط من جديد إلى قاع الحجرة حيث شاهد الفريق السحابة في حالة تراكب، فقد ظهرت كل ذرة منفردة وكأنها سقطت من الارتفاعين 10 أمتار و 9.46 متر.

على الرغم من أنه إنجاز لا يُصدق، إلا أنه لا يزال من غير الواضح فيما إذا كان بالإمكان وضع الأجسام الماكروسكوبية في حالة تراكب. إن القدرة على إدخال مجموعات كبيرة من الذرات في حالة تراكب قد تسمح بتطبيق اختبارات جيدة للنسبية العامة والجاذبية، وربما يشمل ذلك الكواشف المستقبلية للأمواج الثقالية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات