نظرية جديدة في المادة المظلمة تزن جسيمات السوبرنوفا

 

يقترح بحث جديد أنه "يمكن للمادة المظلمة أن تكون مؤلفة من جسيمات وزن كل منها مماثل لوزن خلية في جسم الإنسان ولها الكثافة الكافية لتصبح ثقوباً سوداء مصغرة".


في الوقت الذي يعتقد فيه أن المادة المظلمة تشكل حوالي أسداس المادة في الكون، لا يعرف العلماء مما تتألف هذه الأشياء الغريبة، كما يُستدل من اسمها، المادة المظلمة غير مرئية ولا تصدر أو تعكس الضوء أو حتى تقوم باحتجازه، كنتيجة لذلك، فإن المادة المظلمة لا يمكن أن تُدرس حالياً إلا من خلال تأثيراتها الثقالية على المادة الطبيعية. طبيعة المادة المظلمة حالياً واحد من أعظم الألغاز في العلم.


مايعرفه الفلكيون عن المادة المظلمة ليس أكثر مما هي عليه حقيقة، شاهد ما يعرف العلماء عن المادة المظلمة في هذا الإنفوغرافيك
مايعرفه الفلكيون عن المادة المظلمة ليس أكثر مما هي عليه حقيقة، شاهد ما يعرف العلماء عن المادة المظلمة في هذا الإنفوغرافيك

يقول مؤلفو دراسة جديدة (شرح المادة المظلمة): "لو أن المادة المظلمة مؤلفة من جسيمات فائقة الكتلة، كان يمكن للعلماء أن يكتشفوا الدليل في الشفق الذي سببه الانفجار العظيم".

استبعدت الدراسات السابقة المتعلقة بالمادة المظلمة عموماً أن تكون المواد الاعتيادية المألوفة كمرشحات من مكونات هذه المادة الغامضة. وتشمل التأثيرات الثقالية التي تعزى إلى المادة المظلمة الحركات المدارية للمجرات. الكتلة المشتركة للمادة المرئية في مجرة، كالنجوم والغيوم الغازية، لا يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار في حركة مجرة، لذا يجب أن تتواجد كتلة إضافية وغير مرئية. ما يجمع عليه العلماء حتى الآن أن هذه الكتلة المفقودة تتكون من صنف جديد من الجسيمات التي تتفاعل بشكل ضعيف جداً مع المادة الاعتيادية. ستتواجد هذه الجسيمات الجديدة خارج النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، والذي هو الوصف الحالي الأفضل لعالم ما دون الذرة.

يقول الباحث المشارك في الدراسة ماكولن ساندورا McCullen Sandora وهو فلكي من جامعة جنوب الدنمارك University of Southern Denmark: "تشير بعض نماذج المادة المظلمة إلى أن هذه المادة الكونية تتكون من جسيمات ضخمة ضعيفة التفاعل أو weakly interacting massive particles أو اختصاراً WIMPs، والتي يعتقد بأنها تشكل حوالى 100 ضعف كتلة البروتون". مع ذلك، وعلى الرغم من الأبحاث العديدة، لم يكتشف الباحثون حتى الآن أي جسيمات ضخمة ضعيفة التفاعل بشكل مؤكد، ليترك الاحتمال مفتوحاً بإمكانية كون المادة المظلمة مؤلفة من شيء مختلف تماماً.

يقوم ساندورا وزملاؤه حالياً باكتشاف الحد الأعلى لكتلة المادة المظلمة، حيث أنهم يحاولون معرفة إلى أي مدى يمكن لهذه الجسيمات المميزة أن تكون ضخمة، بناءً على ما يعرف العلماء عنها. في هذا النموذج الجديد، المعروف بـبلانكيان Planckian المادة المظلمة المتفاعلة، كل من هذه الجسيمات ضعيفة التفاعل تزن حوالي (\(10^{19}\)) أو 10 مليار مليار أضعاف البروتون. أو كما قال ساندورا في تصريح لـ space.com: "بنفس الوزن الذي يجب أن تكون عليه الجسيمات قبل أن تتحول إلى ثقب أسود صغيراً".

إن الجسيم الذي يعادل حوالى (\(10^{19}\)) من كتلة البروتون يزن 1 ميكروغرام، يشير البحث إلى أن وزن الخلية في جسم الإنسان هو 3.5 ميكرو غرام.

يقول ساندورا حول نشأة هذه الفكرة عن الجسيمات الفائقة الكتلة: "لقد بدأَت الفكرة بشعور باليأس من أن الجهود الجارية لإنتاج أو الكشف عن جسيمات ضخمة ضعيفة التفاعل لا يبدو أنها ستعود علينا بدلائل واعدة، لا يمكننا حتى الآن استبعاد سيناريو الجسيمات فائقة الكتلة وضعيفة التفاعل، ولكن مع مرور كل عام، يصبح من المثير للشك أكثر فأكثر عدم قدرتنا على إنجاز ذلك. في الواقع، لم تكن هناك حتى الآن أي تلميحات حاسمة بوجود أي فيزياء حديثة وراء النموذج القياسي في أي من مقاييس الطاقة المتاحة، لذا كنا مدفوعين للتفكير في الحد النهائي لهذه السيناريو".

في البداية اعتبر ساندورا وزملاؤه هذه الفكرة على أنها أكثر من مجرد فضول، ما دامت الطبيعة فائقة الكتلة الافتراضية للجسيمات تعني عدم وجود أي طريقة يمكن بها لمصادم جسيمات على الأرض أن يقوم بإنتاجها، أو يثبت أو يدحض وجودها".


لكن يقترح الباحثون حالياً، أنه في حال وجود هذه الجسيمات، فإن علامات وجودها يمكن أن تكون قابلة للاكتشاف في الإشعاعات الخلفية للأمواج الكونية الصغرى، الشفق الذي أعقب الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون قبل 13.8 مليار سنة.

حالياً، الاعتقاد السائد في علم الفلك أن الكون شهد نمواً هائلاً في حجمه لحظات فقط بعد الانفجار العظيم. إن هذه الطفرة الهائلة في النمو، والتي تدعى التضخم، ستقوم بصقل الكون، مما يوضح سبب تشابه معظم أجزائه في جميع الاتجاهات.


بعد نهاية التضخم، أشارت البحوث إلى أن الطاقة المتخلفة قامت بتسخين الكون حديث الولادة خلال حقبة سُميت "إعادة التسخين". ويشير ساندورا وزملاؤه إلى أن درجات الحرارة العالية جداً الناتجة أثناء إعادة التسخين من الممكن أن تكون مسؤولة عن إنتاج كمية كبيرة من جسيمات السوبرنوفا -التي يتحدثون عنها- ما يكفي لشرح التأثيرات الثقالية الحالية التي تؤثر بها المادة المظلمة في الكون.

مع ذلك، وليعمل مثل هذا النموذج، من المفترض أن تكون الحرارة الناتجة أثناء إعادة التسخين أعلى بشكل كبير من المتوقع في النماذج الكونية، سيترك التسخين الأشد بدوره علامة في الأشعة الخلفية للأمواج الكونية الصغيرة بحيث يمكن للأجيال القادمة من تجارب الأشعة الخلفية للكون بالكشف عنها، ويقول ساندورا: "نأمل أن يحدث ذلك كله في غضون السنوات القليلة المقبلة، أو العقد المقبل كحد أقصى".


يقول الباحثون: "إذا كانت المادة المظلمة مكونة من هذه الجسيمات الفائقة الكتلة، فإن من شأن هذا الاكتشاف أن يسلط الضوء ليس فقط على معظم المادة التي يتألف منها الكون، بل وعلى طبيعة التضخم وكيفية تشكله وتوقفه- أي كل ما بقي عديم التفسير بشكل كبير".


ويضيف ساندورا: "على سبيل المثال، إذا كانت المادة المظلمة مكونة من هذه الجسيمات الفائقة الكتلة، مما يكشف حدوث هذا التضخم عند طاقة عالية جداً، وهذا يعني بدوره أنها لم تكن قادرة على إنتاج التموجات (التقلبات) في درجة حرارة الكون المبكر فحسب، وإنما في الزمكان نفسه، على شكل أمواج ثقالية".

ويضيف: "وتظهر لنا أيضاً أنه كان على الطاقة الناتجة عن التضخم أن تتحول إلى مادة بشكل سريع للغاية، لأنها في حال كانت قد استغرقت وقتاً طويلاً، كان الكون سيبرد إلى الدرجة التي لم يكن ليستطيع فيها إنتاج أي جسيمات قابلة للتفاعل الضوئي لتأخذ مسارها في النهاية كمادة مظلمة".

قام ساندورا وزملاؤه بتفصيل نتائجهم في العاشر من آذار/ مارس على شبكة الإنترنت عبر مجلة استعراض لرسائل فيزيائية. البلانكيان Planckian الطريق الذي سيسلكه جسم أسود متوهج في مساحة لونية خاصة لدى تغير درجة حرارة الجسم الأسود، عند درجات حرارة منخفضة تتحول من الأحمر الغامق إلى البرتقالي الضعيف، أبيض مصفر، أبيض، وأخيراً أبيض مزرق في درجات الحرارة العالية.

 المادة المظلمة والطاقة المظلمة بعيدة المنال، ظاهرة غير مرئية لطالما حاول العلماء اصطيادها. هل تمت مشاهدة المادة المظلمة والطاقة المظلمة سابقاً؟
  • نعم، إنها فقط مسألة وقت وتكنولوجيا لرؤية هذه الأهداف بعيدة المنال.
  • ربما، ولكن العلماء قد يناقشون الاكتشاف لسنوات قبل أن يتم قبوله.
  • لا، هناك بعض الأشياء في هذا الكون، البشر غير معنيين بفهمها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الجسيمات فائقة الكتلة وضعيفة التفاعل (Weakly Interacting Massive Particles): أو اختصاراً WIMPs، وتُعتبر من بين المرشحين الفيزيائيين الأقوى لتكون جسيمات المادة المظلمة، ويُعتقد أن هذه الجسيمات تتفاعل مع غيرها من الجسيمات عبر قوى الثقالة والقوى النووية الضعيفة.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات