تموجات في نسيج الزمكان قد تكشف عن نجومٍ غريبة

بالنظر إلى التموجات في نسيج الزمكان، قد يستطيع العلماء قريبًا رصد ’نجومٍ غريبةٍ’، وهي أجسامٌ صُنعت من أشياء تختلف جذريًا عن الجُسيمات التي تتكون منها المادة، حسب قول الباحثين.


تتكون البروتونات والنيوترونات المُكوِّنة لنُوى الذرات من جُسيماتٍ أساسيةٍ معروفةٍ باسم الكواركات (quarks). وهناك ستة أنواع أو ’نكهات’ من الكواركات وهي: علوي وسفلي وقمي وقعري وساحر وغريب. يتكون البروتون أو النيوترون من ثلاثة كواركات، على النحو التالي: يتكون البروتون من كواركين علويين وآخر سفلي، ويتكون النيوترون من اثنين سفليين وواحد علوي.

 

نظريًا، من الممكن أن تتكون المادة من نكهاتٍ أخرى من الكواركات. وقد اقترح العلماء منذ سبعينيات القرن الماضي إمكانية وجود جسيماتٍ مؤلفةٍ من ’مادة غريبة’ تُعرف بالسترانجلت (strangelets)، وهي مكونةٌ من عددٍ متساوٍ من الكواركات العلوية والسفلية والغريبة. من حيث المبدأ، يجب أن تكون المادة الغريبة أثقل وزنًا وأكثر استقرارًا من المادة العادية. وقد تكون أيضًا قادرةً على أن تُحول المادةَ العاديةَ إلى مادةٍ غريبةٍ في حال الاتصال معها. لكن لم يتمَّ إنتاج أية مادةٍ غريبةٍ في تجارب المختبرات، وبالتالي فإن وجود هذه المادة لا يزال أمرًا غير مُؤكَّدٍ.

 

قد تُشكل النجوم النيوترونية أحد الأماكن التي تُنتَج بداخلها المادة الغريبة بشكل طبيعي - النجوم النيوترونية عبارةٌ عن بقايا نجوم ماتت جرَّاء انفجارٍ مُدمرٍ يُعرف بالمستعر الفائق (السوبرنوفا)، تكون النجوم النيوترونية في العادة صغيرةً، حيث يصل قطرها إلى حوالي 12 ميل (19 كلم) أو قريبًا من ذلك، ولكنها كثيفةٌ جدًا بحيث يكون وزنها مساويًا لوزن الشمس، وقد يصل وزن قطعة من نجم نيوتروني بحجم مكعب سكر إلى 100 مليون طن.

 

وحسب قول الباحثين، فقد تتحول بعض الكواركات العلوية والسفلية المكوِّنة للنجوم النيوترونية إلى كواركاتٍ غريبة؛ وذلك بسبب القوة غير الطبيعية الناتجة عن وزن هذه النجوم الكبير جدًا الذي من الممكن أن يؤدي إلى ظهور نجومٍ غريبة مُكَوّنة من مادة غريبة.

 

ويمكن لنجمٍ غريبٍ، يُطلق مادةً غريبةً، تحويلُ نجمٍ نيوتروني يدور معه في نظامٍ ثنائي إلى نجم غريب أيضًا. واقترح بحثٌ سابق أنه إذا تلقى نجم نيوتروني بذرة مادة غريبة من نجم غريب مرافقٍ له، فبمقدور هذا النجم أن يتحول إلى نجمٍ غريبٍ خلال زمن يتراوح بين 1 ميلي ثانية إلى ثانية واحدة فقط.

 

يقترح الباحثون الآن أنه بإمكانهم رصد نجومٍ غريبةٍ عن طريق البحث عن الموجات الثقالية للنجوم - وهي عبارة عن تموجاتٍ في الزمكان اقترحها للمرة الأولى ألبرت أينشتاين ضمن نظرية النسبية العامة.

 

تَصدر الأمواج الثقالية عن الكتل المتسارعة؛ وتصدر الأمواج الثقالية الكبيرة جدًا عن كتلٍ كبيرةٍ مثل زوجٍ من النجوم النيوترونية يندمجان مع بعضهما.

 

ويقول الباحثون أن وجود أزواجٍ من النجوم الغريبة يُعطينا أمواجًا ثقاليةً مختلفةً عن تلك الناتجة عن أزواجٍ ’طبيعيةٍ‘ مُكونة من النجوم النيوترونية، وذلك لأن النجوم الغريبة تكون مُتراصَّة بشكلٍ أكبر. فعلى سبيل المثال، يجب أن يصل قطر نجم نيوتروني بكتلة تساوي خُمس كتلة الشمس إلى 18 ميل (30 كلم)، بينما إذا كان هناك نجم غريب يمتلك نفس الكتلة، فإن قطره يجب ألا يتعدى الـ 6 أميال (10 كلم).

 

ويقترح الباحثون أنه بالإمكان تفسير حدوث دفعتين قصيرتين من أشعة غاما، تمت رؤيتهما في الفضاء البعيد في عامي 2005 و 2007، عن طريق ربطهما بأحداثٍ تشترك فيها النجوم الغريبة؛ علمًا أن مرصد الليزر لقياس تداخل الموجات الثقالية (LIGO) لم يقم برصد أية أمواجٍ ثقاليةٍ في الحدثين المعروفين باسم GRB 051103 و GRB 070201.

 

كان التفسير الأكثر ترجيحًا لهاتين الدفعتين من أمواج غاما القصيرة هو إندماج نجمين نيوترونيين؛ لكن كان من المُتفرض أن يرصد LIGO أمواجًا ثقالية نتيجة هذا الإندماج. من ناحية أخرى، لو كانت النجوم الغريبة هي المُسببة لهذين الحدثين، فإنه لن يكون بإستطاعة LIGO أن يرصد أية أمواجٍ ثقالية يتم إصدارها من النجوم الغريبة، حسبما يرى الباحثين. فكلما كان النجم أكثر كثافةً ضمن نظام ثنائي، كان تردد الأمواج الثقالية الناتجة أعلى.

 

قد تستطيع أبحاثٌ مستقبلةٌ رصد نجومٍ غريبةٍ؛ ويتوقع العلماء، مع وجود مرصد الليزر المتطور لقياس تداخل الموجات الثقالية (aLIGO) والذي سيبدأ عمله في عام 2015، أن يرصدوا حوالي 0.13 عملية اندماج لنجومٍ نيوترونية مع نجم غريب كل عام، أو رصد اندماجٍ واحدٍ مماثل كل 8 أعوام.

 

ويتوقع العلماء، باستخدام مقراب تلسكوب أينشتاين الذي يجري تصميمه حاليًا في الاتحاد الأوروبي، اكتشاف نحو 700 حدث مماثل في السنة، أي حوالي اثنين في اليوم الواحد. وقد تكون هناك فرصةٌ أيضًا لأن يعاود العلماء فحص بيانات LIGO القادمة من الحدثين GRB 051103 و GRB 070201 وذلك من أجل البحث عن دلائل تُشير إلى وجود النجوم الغريبة.

 

يقول بيدرو مورايس (Pedro Moraes) قائد أحد الأبحاث، وهو عالم فلك في المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء: "إن إمكانية إعادة تحليل إشارات LIGO الخاصة بالحدثينGRB 070201 و GRB 051103، مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الحالات المحتملة التي تتدخل النجوم غريبة فيها، هو أمرٌ مثيرٌ حقًا".

 

وقام كلٌّ من بيدرو وزميله أوسفالدو ميراندا (Oswaldo Miranda) بشرح النتائج التي توصلوا إليها في عدد 21 نوفمبر من دورية Monthly Notices of the Royal Astronomical Society Letters.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات