أنس الهود: شاب يبحر بين علوم الفلك وحروف الكتابة

 

رغم صغر سنه استطاع أنس الهود التألق في سماء مبادرة ناسا بالعربي بمجهوده، والتزامه الكامل بالعمل التطوعي الجماعي الهادف لنشر العلوم والمعرفة، فيصبح في فترة وجيزة أحد الأعضاء المميزين التي تفخر ناسا بالعربي أن يكونوا ضمن فريقها  بمساهمته الثابتة في فرق النشر، والتحرير، والصوتيات. نحن نجد اسم أنس الهود يتكرر بشكل يومي في أروقة العمل داخل المبادرة، ليكون بذلك عضونا المميز لهذا الشهر.

 

شغف بالعلوم لا ينتهي


أنس ابن مدينة سلا المغربية، والطالب الجامعي في كلية الهندسة صاحب 19 ربيعا، قد شغف بالعلوم منذ سن الطفولة، أسئلة كثيرة كانت تدور في عقله قادت فضوله ليعرف أكثر عن علوم الفلك والفيزياء. يتحدث أنس عن ذلك، ويقول: "كنت أراقب في صمت السماء، لا أدري الحقيقة الكلية لما يحدث هناك. حتما هناك شيء ما، لكن لا أحد يدري ما هو. ارتبط هذا الفضول بدراستي، مما دفعني مع مرور السنوات للبحث في هذا المجال". هذا الاهتمام الذي طبع يومياته ازداد مع تلقيه هدية تمثلت في تلسكوب صغير، ليرصد من خلاله لأول مرة شكل القمر بوضوح. يصف أنس هذا الموقف بقوله: "ما زلت أتذكر آثار الدهشة التي اعتلت وجهي حين راقبت لأول مرة صورة مكبرة ومباشرة للقمر. هذا الوقع أثر بشكل كبير في اهتمامي ودراستي الذاتية للفلك والفيزياء الفلكية".

 

وعن سبب اختياره دراسة الهندسة بدلا من دراسة الفلك يجيب: "دراسة الفلك في المغرب أمر صعب للغاية بحكم ضعف التكوين. لذا ارتأيت أن أمضي في دراسة الهندسة وضبط المعرفة الأولية المتعلقة بعدة مفاهيم رياضية وفيزيائية وجب علي الإلمام بها. في نهاية تكويني باعتباري مهندسا، سيكون للشهادة دور في دعم ملف ترشحي لدراسة الفيزياء الفلكية في الخارج". تغذي هذه الأهداف طموحه بالمساهمة في مسيرة العلوم والمعرفة بأن يكون أحد الباحثين في أحد مراكز بحوث الفضاء.

 

العمل التطوعي


يري أنس المنضم لمبادرة ناسا بالعربي منذ أكثر من سنة أن الحب الكامن بين الأعضاء والروح الرائعة التي تحوم حول المبادرة تدفع أي شخص للعمل أكثر معها لتحقيق الهدف الأساسي وهو التقدم العلمي في العالم العربي، ويضيف: "هذه التجربة جعلتني أتأكد من أن أهم شيء في العمل التطوعي هو العلاقات مع الزملاء وطبيعة التعامل بينهم. كل واحد منا يشعر انه يملك المبادرة، وبطبيعة الحال لا يمكن لأي أحد أن يفرط فيما يملك".

 

كذلك يعتبر أن العمل التطوعي يفرض العديد من القيم على المتطوع، فالالتزام بتقديم عمل مجاني دون أي فائدة مادية يساهم في تغير الصورة النمطية للطالب أو الشاب العربي، الذي لا يهتم سوى بالعمل الذي يعيله دون أي اعتبار للجانب المعرفي والفكري. وعن رؤيته لمستقبل ناسا بالعربي يتحدث انس بنبرة فيها الكثير من الأمل والتفاؤل ويقول: "المبادرة تبني طريقها لتصبح مؤسسة علمية بالاستحقاق، فكل ما تقدمه المبادرة حاليا من أعمال بالإضافة للرؤية المقدمة من طرف الإدارة والأعضاء تؤكد بالملموس أننا ماضون في تحقيق ما اعتبرناه يوما شعارنا: نبدأ بترجمة العلم ونشره، لننتهي بصناعته".

 

بين الفلك و الكتابة


لا يكتفي أنس الهود بالدراسة وعمله التطوعي في صفوف المبادرة، فهو يجد الوقت دائما للقراءة الرويات التي صاحبته مع شغفه بالعلوم منذ صغره، الأمر الذي جعله يتجه نحو الكتابة بمختلف أنواعها، فقد شارك ككاتب في موقع (الجزيرة تولك) ومجلة (أراجيك). هذا المجهود في الكتابة توجه بتأليف كتابين نشرهما إلكترونيا الأول بعنوان (خطابات تائهة) و هو عبارة عن تجميع لمقالات تتحدث عن موضوعات متنوعة. أما الكتاب الثاني فهو عبارة عن قصة جمع فيها بين الفلك والأدب تحمل عنوان (حكايات كونية: الشمس والقمر) يتحدث أنس عن هذا الكتاب ويقول: "الكتاب يحكي قصة حوارية ونثرية بين الشمس والقمر الذان تربطها علاقة إخوة حفتها الدهور بالثقة والحب والتعاون. هذا الكتاب منشور الكترونيا في انتظار أن يتم تشريفي بنشره بعد الاتفاق مع دار نشر بالمغرب".

 

هذا الاتجاه الذي يجمع بين عوالم الفلك والكتابة يرجعه أنس لثلاثة أشخاص بسطوا تأثيرهم في حياته بشكل كبيرهم: (كارل ساجان، ونيل ديلغراس تايسون)، ونجيب محفوظ. و يقول عنهم :"كلمات هؤلاء ألهمتني وما تزال في كتابة قصة حياتي، قد تبدو للبعض مملة أو خالية من متطلبات الشباب الحالي. لكن هي حياتي التي ارتحت في عيشها وسعيد بإكمالها حتى تنطفئ شمعتها رويدا رويدا، وهذا من أهم الأشياء التي استخلصتها من كل فيديوهات ساجان وتايسون، وروايات محفوظ".

 

رسالة للمتابعين:



يعتقد أنس أن الفرصة اليوم أصبحت متوفرة نحو اهتمام الشباب العربي أكثر فأكثر بالعلوم، حيث أصبحت التكنولوجيا تمنح طريقا سهلا للوصول إلى المعرفة، ويوجه رسالة لمتابعي ناسا بالعربي، ويقول: ولنساهم بتثقيف أنفسنا واستغلال الأبحاث المنشورة وسهولة الوصول إليها. وليبحث كل واحد منا عما يثير إعجابه واهتمامه. نحن مجرد كائنات ستعيش لمدة قصيرة في هذه الحياة، فلندع خلفنا أثرا نقيا طيبا، وعلما وأدبا وفكرا ينتفع منه الناس".

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات