تشابكات عصبية اصطناعية تتفوق على التشابكات الطبيعية في استخدام الطاقة


باحثون في جامعة بوهانغ للعلوم والتكنولوجيا POSTECH يطورون مشبكًا عصبيًا اصطناعيًا مبنيًا على تقنية الألياف النانوية العضوية، ويستطيع هذا المشبك مضاهاة المشابك الطبيعية من حيث أداء الوظائف المهمة ومن حيث استهلاك الطاقة، وهو ما قد يكون له تضمينات مستقبلية في استخدامه في حوسبة الذكاء الاصطناعي.

لطالما كان تصنيع نظام ذكاء اصطناعي يستطيع مضاهاة وظائف دماغ البشر حلمًا يراود العلماء. 


هناك العديد من الوظائف العليا للدماغ تتفوق على الحواسيب الفائقة، وذلك بالرغم من أن وزن الأدمغة خفيف وحجمها صغير، وتستهلك طاقةً قليلةً جدًا جدًا، وبذلك يكون هذا الأمر أساسيًا من أجل بناء شبكةٍ عصبيةٍ اصطناعية، بحيث يكون فيها عدد ضخم من المشابك العصبية (10^14).

حديثًا، بُذلت العديد من الجهود من أجل توظيف الوظائف المشبكية في الأجهزة أحادية الإلكترون [1]، وذلك يكون عن طريق استخدام الذاكرة المقاومة عشوائية الوصول resistive random access memory وذاكرة تغيير الطور Phase-change memory والجسور الواصلة conductive bridges والترانزيستورات المشبكية synaptic transistors. وكذلك فإن المشابك الاصطناعية المكونة من تراكيب نانوية ذات اصطفاف عالي المستوى، لا تزال أمرًا مرغوبًا به من أجل بناء شبكات عصبية اصطناعية ذات تكاملٍ عال.

نجح البروفيسور تاي-وو لي Tae-Woo Lee والبروفيسور الباحث وينتو شو Wneto Xu والدكتور سانغ-يونغ من Sung-Yong Min مع قسم علوم المواد والهندسة في POSTECH، في بناء أداةٍ إلكترونيةٍ عضويةٍ ذات ألياف نانوية organic nanofiber electronic device والمعروفة اختصارًا بـ (ONF)، وتضاهي هذه الآلة المشابك البيولوجية من حيث اتباعها للمبادئ المهمة في العمل، وكذلك في استهلاكها للطاقة، بل وإنها تتعدى ذلك بأنها تضاهيها من حيث الشكل. وقد نشر الباحثون نتائجهم في دورية Science Advances.

تشابه الـ ONFs الألياف العصبية من حيث شكلها، حيث تشكل الألياف العصبية شبكاتٍ متقاطعةً تسمح للدماغ البشري أن يمتلك ذاكرةً بكثافةٍ عالية. 


وبالتحديد، فإن الـ ONFs عالية الارتصاف -والمبنية على تقنية طباعة الأسلاك النانوية الإلكترونية e-Nanowire printing technique- يمكن أن تُصنع بكميات كبيرة وبتحكم دقيق في ارتصافها وأبعادها، ويسمح هذا الشكل للعلماء بصناعة الذاكرة عالية الكثافة، وهي النوع من الذاكرة التي ستمتلكها الأنظمة ذات الطراز العصبي neuromorphic system [2].


أما بالنسبة لمبادئ العمل الأساسية للمشبك الطبيعي، فقد تم الوصول إلى ما يضاهيها مسبقًا، ومثال ذلك التيسير مزدوج النبض pired pulse facilitation والتكيفية قصيرة الأمد short-term plastisity والتكيفية طويلة الأمد long-term plasticity، والتكيفية المعتمدة على توقيت الحسكات الكهربائية spike-timing dependent plasticity والتكيفية المعتمدة على معدل الحسكات الكهربائية spike-rate dependent plasticity [3].

 
ومن الجدير بالذكر، أن استهلاك الطاقة لهذه الأداة يمكن تقليله إلى مستوى الفيمتوجول لكل حدثٍ يحدث في كل مشبكٍ عصبي، وهي قيمة أقل من السابق بمراحل. وهي بذلك تنافس الطاقة المستهلكة في المشابك الطبيعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأدوات المشبكية الصناعية العضوية تزود الباحثين باتجاه بحثي يشتمل على الإلكترونيات ذات الطراز العصبي neuromorphic electronics، وكذلك فإنها تبدأ جيلًا جديدًا من الإلكترونيات العصبية.

رسم توضيحي لشبكة عصبية بيولوجية، وكذلك لترانزستور مشبكي ذي سلك نانوي عضوي، والذي يحاكي المشبك البيولوجي.    خطوط التوصيل والمسبار ('A) في الشبكة العصبية الاصطناعية تقابل المحوار (A) في العصب الطبيعي، والذي ينقل الحسكات الكهربائية من العصبون السابق إلى غشاء العصبون التالي. تتحرك الأيونات المتحركة الموجودة في الهلام الأيوني في المجال الكهربائي بشكلٍ مشابهٍ للنواقل العصبية في الشق المشبكي، والتي تتسبب فيما بعد بإنشاء تيار محفِّز في العصبون التالي Excitatory postsynaptic current، وبالتحديد في تغصنات العصبون التالي.    أما السلك النانوي العضوي ('B) في الشبكة العصبية الاصطناعية مع الإلكترود المفرِّغ فتشابه التغصنات الطبيعية ('B) في العصب الطبيعي. ينشأ التيار المحفز في العصبون التالي (EPSC) في السلك النانوي العضوي نتيجة للحسكات الكهربائية في العصبون الأول، وينقل إلى العصبون التالي عن طريق وصلاتٍ إلى الإلكترود المفرِّغ. حقوق الصورة: Lee et al./Science Advances.
رسم توضيحي لشبكة عصبية بيولوجية، وكذلك لترانزستور مشبكي ذي سلك نانوي عضوي، والذي يحاكي المشبك البيولوجي. خطوط التوصيل والمسبار ('A) في الشبكة العصبية الاصطناعية تقابل المحوار (A) في العصب الطبيعي، والذي ينقل الحسكات الكهربائية من العصبون السابق إلى غشاء العصبون التالي. تتحرك الأيونات المتحركة الموجودة في الهلام الأيوني في المجال الكهربائي بشكلٍ مشابهٍ للنواقل العصبية في الشق المشبكي، والتي تتسبب فيما بعد بإنشاء تيار محفِّز في العصبون التالي Excitatory postsynaptic current، وبالتحديد في تغصنات العصبون التالي. أما السلك النانوي العضوي ('B) في الشبكة العصبية الاصطناعية مع الإلكترود المفرِّغ فتشابه التغصنات الطبيعية ('B) في العصب الطبيعي. ينشأ التيار المحفز في العصبون التالي (EPSC) في السلك النانوي العضوي نتيجة للحسكات الكهربائية في العصبون الأول، وينقل إلى العصبون التالي عن طريق وصلاتٍ إلى الإلكترود المفرِّغ. حقوق الصورة: Lee et al./Science Advances.


ستقود هذه التكنولوجيا إلى قفزةٍ نوعيةٍ في الإلكترونيات المستوحاة من الدماغ في كل من كثافة الذاكرة واستهلاكية الطاقة. 


سيزودنا المشبك الاصطناعي الذي طوره فريق البحث الخاص بالبروفيسور "لي" بتطبيقات محتملة ومهمة في أنظمة الحوسبة ذات الطراز العصبي، وكذلك أنظمة الذكاء الاصطناعي والتحكم الروبوتي والتشخيصات الطبية وتحليلات الأسهم التجارية والإحساس عن بعد، وأنظمة أخرى تُعنى بالتفاعل الذكي مع البشر، وكذلك الآلات بشكلٍ عامٍ في المستقبل.


ملاحظات



[1] الأجهزة أحادية الإلكترون: هي أجهزة بإمكانها التحكم بحركة إلكترونات مفردة بين مناطق مختلفة منها، ولها تطبيقات عديدة - المترجم.
[2] الأنظمة ذات الطراز العصبي: هي أنظمة تتكون من داراتٍ تتكامل فيما بينها وتشبه الطراز البنيوي للأعصاب الطبيعية- المترجم.
[3] الحسكة: هي ارتفاع سريع في الرسم، وفي مخطط كهربية الدماغ هي موجة كهربائية سريعة تظهر على شكل ارتفاع سريع على الرسم - المترجم.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات