الإدراك في الدماغ يختلف جوهريًا عند المصابين بالتوتر


يدرك الأشخاص المصابون بالتوتر العالمَ إدراكًا مختلفًا، وذلك بحسب دراسة نُشرت في دورية Current Biology التي تنشرها Cell Press وذلك في 3 آذار 2016. ويبدو أن المصابين بالتوتر لا يملكون إلا أن يكونوا أكثر حذرًا.

تُظهر الدراسة الجديدة أن الأشخاص المشخصين بالتوتر تكون قابليتهم للتمييز بين المحفزات المحايدة "الآمنة" (صوت النغمة في هذه الدراسة)، وبين المحفزات التي كانت متعلقة بالربح أو الخسارة في التجارب السابقة أقل من المستوى الطبيعي. بكلمات أخرى، عندما يعايش المصابون بالتوتر تجارب عاطفية، فإنهم يبدون ما يعرف بـ "ظاهرة التعميم المفرط" over-generalization phenomenon، وذلك بحسب الباحثين.

يقول روني باز من معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل: "نبين في دراستنا أن التجارب العاطفية تحفز وجود مرونة في الدارات الدماغية تبقى حتى بعد انتهاء التجربة العاطفية، وذلك في المصابين بالتوتر. وهذه التغيرات المتعلقة بالمرونة تحدث في الدارات الرئيسة التي تسهل فيما بعد الاستجابة للمحفزات الجديدة، مما ينتج عنه عدم قدرة على التمييز بين المحفز الذي رآه الشخص سابقًا وبين المحفز الجديد المشابه. وبالتالي، يستجيب المصابون بالتوتر بشكل عاطفي لهذه المحفزات الجديدة أيضًا، مما ينتج عنه توتر حتى في المواقف التي لا علاقة لها بالمواقف الأولى [التي سببت التوتر أصلًا]. ومن المهم ذكره، أن المصابين بالتوتر لا يمكنهم التحكم بهذا الأمر، لأن هذا يعتبر (عجزًا عن التفريق) عندهم".

في هذه الدراسة، درب باز وفريقه المصابين بالتوتر على أن يربطوا بين ثلاث نغمات مميزة وبين ثلاث نتائج محتملة: خسارة النقود، أو كسب النقود، أو لا نتيجة. 

وفي المرحلة التالية، عرض على المشتركين نغمة (من مجموعة مكونة من 15 نغمة) وسُئلوا عما إذا كانوا سمعوا هذه النغمة من قبل. وكانوا يحصلون على مكافأة إذا كانت إجابتهم صحيحة.

وكانت الاستراتيجية الفضلى في هذا الوضع هي ألا يخطئ المشتركون (يفرطوا في التعميم) في اختيار نغمة جديدة على أنها إحدى النغمات التي سمعوها من قبل. ولكن الباحثين وجدوا أن المصابين بالتوتر كانوا أكثر عرضةً لأن يظنوا أن النغمات الجديدة في المرحلة الثانية كانت إحدى النغمات التي سمعوها في المرحلة الأولى. أي أنهم كانوا أكثر عرضةً أن يربطوا خطأ بين النغمة الجديدة مع فقدان النقود أو كسبها. وهذه الاختلافات لم تكن نتيجة اختلافات القدرات السمعية أو التعلمية بينهم، ولكنهم وببساطة أدركوا الأصوات التي كانت مرتبطة مع نتيجة عاطفية إدراكًا مختلفًا.

كما أظهرت صور الرنين المغناطيسي الوظيفي لأدمغة الذين يعانون من التوتر اختلافات في الاستجابات الدماغية مقارنة بالأصحاء، وهذه الاختلافات كانت بشكل أساسي موجودة في اللوزة amygdala، وهي منطقة في الدماغ مرتبطة بالخوف والتوتر، وكذلك بالمناطق الحسية الأساسية في الدماغ. وهذه النتائج تقوي من الفكرة التي تقول أن التجارب العاطفية تحفز من وجود اختلافات في التمثيل الحسي في أدمغة المرضى.

قد تساعد هذه النتائج في تفسير سبب كون بعض الأشخاص أكثر عرضةً للتوتر من الآخرين، مع العلم أن المرونة الدماغية التي تقود إلى التوتر ليست "سيئة" بحد ذاتها، بحسب باز.

كما يقول: "قد تكون صفات التوتر طبيعية جدًا، بل قد تكون نافعة من وجهة نظر تطورية. ومع ذلك، فإن حدثًا عاطفيًا، حتى لو كان صغيرًا، قد يحفز تكون تغيرات دماغية قد تقود في النهاية إلى توتر كامل المعالم".


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات