بالقياسات الأدق حتى الآن، ماهي كتلة البروتون؟

 البروتون هو جسيم دون ذري يوجد في نواة كل ذرة، يظهر هذا التصور الفني بروتوناً ونيوتروناً.


المصدر: Joanna Griffin / Jefferson Lab / Penn State.


أجرى فريق من الفيزيائيين العالميين في ألمانيا واليابان القياسات الأكثر دقة حتى الآن لكتلة البروتون الذرية، فالنتيجة هي أدق بثلاثة أضعاف مقارنةً مع القيمة الأدبية الحالية، إلا أنّ هناك تغيّرٌ بمقدار ثلاثة انحرافات معيارية.

يقول الباحثون: "البروتون هو نواة ذرة الهيدروجين وأحد أحجار البناء الأساسية في نوى جميع الذرات الأخرى".

"كتلة البروتون هي معامل هام في الفيزياء الذرية، فهي واحدة من العوامل التي تؤثر في كيفية تحرك الإلكترونات حول نواة الذرة، وينعكس هذا في الأطياف أي ألوان الضوء (الأطوال الموجية) التي تستطيع الذرات امتصاصها وإصدراها مرة أخرى".

"وبمقارنة هذه الأطوال الموجية مع التنبؤات النظرية، يمكن اختبار النظريات الفيزيائية الأساسية".

"بالإضافة إلى أن المقارنات الدقيقة بين كتلتي البروتون والبروتون المضاد (antiproton) قد تساعد في البحث عن الفرق الحاسم بين المادة والمادة المضادة (antimatter)".

أجرى الفيزيائيون قياساً مُتقدِّماً مُحكَم الدقة في نظام مصيدة بينينغ (penning trap) لتعيين كتلة بروتون واحد بدقةٍ أكبر، ويشرح الباحثون: "مصائد بينينغ مُثبّتة بشكل جيد كمقاييس للشوارد، فمن المتاح في مصيدة كهذه وبشكل غير محدود حجز جسيمات وحيدة مشحونة كالبروتون على سبيل المثال، بواسطة حقول كهربائية ومغناطيسية".

"تؤدي الجسيمات المحتجزة داخل المصيدة حركة دورية خاصة عند تواتر تذبذب محدد".

"يمكن قياس هذا التواتر وحساب كتلة الجسيم منه، وقد استدعى الأمر وجود تقنيات قياس محكمة في سبيل الوصول إلى الدقة العالية المطلوبة".


يعرّف نظير الكربون (12C) الذي تبلغ كتلته 12 وحدة كتلة ذرية بأنه الكتلة المعيارية للذرات.

يقول عضو الفريق د. سفين ستورم Dr. Sven Sturm من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية في هايدلبيرغ في ألمانيا: "لقد استخدمناه مباشرة للمقارنة".

"بداية خزّنا كل من البروتون الوحيد وشاردة كربون وحيدة (+12C6) في حجيرتين منفصلتين في جهاز مصيدة بينينغ، ثم نقلنا كلاً من الشاردتين إلى حجرة القياس المركزية وقِسنا حركته".

مقارنة بين النتيجة الجديدة والقيم السابقة لكتلة البروتون الذرية. حقوق الصورة: Heisse et al, doi: 10.1103/PhysRevLett.119.033001.
مقارنة بين النتيجة الجديدة والقيم السابقة لكتلة البروتون الذرية. حقوق الصورة: Heisse et al, doi: 10.1103/PhysRevLett.119.033001.


حصل الفريق على كتلة البروتون مباشرة بالوحدات الذرية من نسبة القيمتَين المُقاستَين، فقد جُهِّزَت وحدة القياس بإلكترونيات مُطورَة خصِّيصاً ومبنيّة لهذا الغرض.

يقول عضو الفريق د. أندرياس موزير Dr. Andreas mooser من مختبر التناظرات الأساسية التابع لريكين (RIKEN) في اليابان: "أتاح لنا ذلك قياس كتلة البروتون تحت شروط مطابقة لشاردة الكربون رغم أن كتلتها أقل بنحو 12 ضعفاً وشحنتها أصغر بنحو 6 أضعاف".

كتلة البروتون الناتجة هي 1.007276466583(15)(29) وحدة كتلة ذرية، وهي أدق بثلاث مرات من القيمة المقبولة حالياً. العددان المعطيان بين قوسين هما الارتياب الإحصائي والارتياب المنهجي في القياس على الترتيب.

يقول الباحثون: "بدقة مقدارها 32 جزءاً من التريليون، لا تطور نتيجتنا القيمة الأدبية الحالية من كوداتا (CODATA) (لجنة بيانات العلوم والتكنولوجيا) بمقدار ثلاثة أضعاف وحسب، بل وتختلف معها عند مستوى ثلاثة انحرافات معيارية".

أثمرت قياسات مؤلفين آخرين عن تناقضات بالنسبة لكتلة ذرة التيتانيوم، أثقل نظائر الهيدروجين (T) وكتلة الهيليوم الخفيف (3He) مقارنة مع جزيء الهيدروجين نصف الثقيل (HD).

يقول د. كلوز بلوم Dr. Klaus Blaum من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية أيضاً: "تساهم نتيجتنا في حل هذه المعضلة انطلاقاً من أنها تُصوِّب كتلة البروتون في الاتجاه الصحيح".

نُشِر البحث في مجلة Physical Review Letters

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المضادة (antimatter): تتميز المادة المضادة عن المادة بامتلاكها لشحنة معاكسة، فمثلاً: يمتلك البوزيترون (الالكترون المضاد) شحنة معاكسة للالكترون ويُماثله فيما تبقى. وكان العالم بول ديراك أول من اقترح وجودها في العام 1928 وحصل جراء ذلك على جائزة نوبر للفيزياء في العام 1933، أما الفيزيائي الأمريكي كارل اندرسون فكان أول من اكتشف البوزيترون في العام 1932 وحصل على جائزة نوبل في العام 1936 عن ذلك الاكتشاف. يُمكن رصد البوزيترون في تفكك بيتا لنظير الأكسجين 18O2. لكن في وقتٍ سابق لاندرسون، رصد العالم السوفيتي (Dimitri Skobeltsyn) وجود جسيمات لها كتلة الكترونات ولكن تنحرف في اتجاه معاكس لها بوجود حقل مغناطيسي أثناء عبور الأشعة الكونية في حجرة ويلسن الضبابية وحصل ذلك في العام 1929، وقام طالب معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا شونغ شاو برصد الظاهرة نفسها في نفس العام، لكنهما تجاهلا الأمر، اما اندرسون فلم يفعل ذلك. تعمل تجربة ALPHA التابعة لمنظمة الأبحاث النووية الأوروبية على احتجاز ذرات الهيدروجين المضاد وهي ذرة المادة المضادة الأبسط. المصدر: ناسا وسيرن والجمعية الفيزيائية الأمريكية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات