إنشاء مشبك عصبي اصطناعي بإمكانه التعلم بشكل تلقائي

‎يمتلك دماغ كل شخص منا مليارات الخلايا العصبية و تريليونات المشابك العصبية synapses وهي نقاط تجمع عصبية والتي تتشكل تبعًا للوقت، والبيئة، والخبرات بطريقة فريدة خاصة بكل فرد.

‎الآن، وقد استلهم الباحثون من آلية العمل ضمن هذا العضو المعقد من أجل تطوير مشبك اصطناعي و الذي بنظرهم سيكون قادرًا على العمل بنفسه بشكل مستقل. ‎حتى أنهم قاموا بقولبة الجهاز، وهذا يعتبر الخطوة التالية على طريق إنشاء دارات أكثر تعقيدًا، ونشرت هذه الدراسة في دورية Nature Communications.

‎وضع الفريق جهازًا صغيرًا جدًا بحجم النانو يدعى "Memristor "،و الذي تعتمد مقاومته على الإشارات الكهربائية التي قد استقبلها سابقًا . فكرة استخدام memristor ليست جديدة حيث تصورها العلماء لأول مرة في السبعينيات، وبعد ذلك صنع الجهاز في عام 2008، ورغم ذلك فإن هذه الدراسة تقدم الكثير.

‎تقوم فكرة memristor على تصنيع خلايا عصبية ومشابك الكترونية تشابه مثيلاتها من الخلايا العصبية والمشابك في الدماغ الانساني وهي "الأسلاك" البيولوجية القادرة على معالجة وتخزين المعلومات بكفاءة عالية. ‎وببساطة أكثر فالمشبك هو نقطة تقاطع خليتين عصبيتين و الذي يفتح أو يغلق اعتمادًا على النبضات impulses العصبية التي تصل إليه. 

‎تعبر النواقل العصبية هذه الفجوة لتمرر النبضات إلى الخلايا العصبية المجاورة، وفي كل مرة يحدث فيها هذا العبور، يزداد الاتصال قوةً وكفاءة.

‎لتصنيع نموذج الكتروني مشابه للنموذج البيولوجي، فقد لُفَّ فيلم رفيع للغاية مصنوع من الحديد المُمغنط بين قطبين كهربائيين، والذي يمكن ضبط مقاومته باستخدام نبضات الجهد. ‎وهكذا، تم الوصول إلى اللدونة (القدرة على التغيير والتعلم) عن طريق المواصلة conductance وهي المقاومة المنخفضة التي تتوافق مع مشبك ذي اتصال ‎قوي ومقاومة عالية لضعف الاتصال.


تَصَوُّر للمشبك الإلكتروني. تمثِّل الجزيئات الإلكترونات وهو الجريان الذي يعتمد على بنية كهروحديدية.
تَصَوُّر للمشبك الإلكتروني. تمثِّل الجزيئات الإلكترونات وهو الجريان الذي يعتمد على بنية كهروحديدية.


‎ثم قدَّم الفريق نموذجًا للجهاز، وتظهر محاكاتهم أنّه "يمكن تعليم صفائف المشبك النانوي الكهروحديدي بشكل مستقل كي تميز الأشكال بطريقة يمكن التنبؤ بها، وهذا يفتح الطريق أمام تعلم لا يخضع للرقابة ضمن الشبكات العصبية الشائكة".

‎وبشكل أساسي، يقربنا هذا العمل من تحسين السرعة التي تتعلم بها الشبكات العصبية الاصطناعية وتتكيّف مع الظروف من حولها. ‎وقد طوَّرت أنظمة الذكاء الاصطناعي artificial intelligence الكثير خلال السنوات القليلة الماضية، بمشاركة مع Google’s DeepMind و AlphaGo والتي تعد من بين أكثر الأمثلة شعبية.

‎ومع ذلك، فإن الدماغ هو آلة ذكية بشكل لا يصدق ونحن غير قادرين بأي وسيلة كانت من الاقتراب من استنساخ بنيته المعقدة. ‎حتى أثناء قراءتك لهذا المقال، تطلق الخلايا العصبية في دماغك نوبات من نبضات كهربائية وتربط بعضها البعض ضمن تكوينات متجددة باستمرار.

‎نسعى نحو تحقيق مثل هذه الكفاءة في تصنيع العقول الاصطناعية.

‎وكما يلاحظ المؤلفون، فإننا نقترب أكثر من أي وقت مضى من مستقبل الذكاء الاصطناعي حيث يقولون : "تمهِّد هذه النتائج الطريق نحو تطبيقات الأجهزة ذات الطاقة المنخفضة مع مليارات من المشابك الاصطناعية الموثوقة والتي يمكن التنبُّؤ بها (مثل الشبكات العصبية العميقة) فى الحواسيب المستوحاة من دماغ الإنسان مستقبلًا".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الممرستور (Memristor): الممرستور أو الذاكرة المقاومة (Memristor) هو عنصر له طرفان تتغير مقاومته مع تغير الجهد، ولكن عندما ينقطع التيار تظل المقاومة كما هي، وهذا ما يعطي للعنصر صفة الذاكرة لأنها تحتفظ بآخر قيمة للمقاومة حتى بعد انقطاع التيار. وهذا يجعل الممرستور يناظر الوصلة العصبية بعقل الإنسان.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات