جزيئات RNA التي تحمي الخلايا الجذعية لسرطان الثدي من النظام المناعي

حقوق الصورة: courtesy of Toni Celià-Terrassa and Yibin Kang, Department of Molecular Biology

تعرف باحثون من دائرة البيولوجيا الجزيئية في جامعة برينستون على جزيء رنا RNA‎ صغير يساعد في الحفاظ على فعالية الخلايا الجذعية في أنسجة الثدي السليمة والسرطانية. وتظهر الصورة المجهرية أعلاه أنماطاً مختلفة من الخلايا في القنوات الثديية الطبيعية عند فأر. والخلايا اللمعية (الحمراء) هي خلايا منتجة للحليب أما الخلايا القاعدية (الخضراء) فلها وظائف مُقَلصة، ولكنها مسؤولة أيضاً عن إعادة إنتاج الغدد الثديية حيث تضم الغالبية العظمى من الخلايا الجذعية للغدد الثديية. وتتعرض هذه الخلايا الجذعية المتوضّعة في الطبقة الخارجية للغدة لعوامل بيئية مجهرية كما تتفاعل مع خلايا مناعية مختلفة، بما في ذلك البلاعم في الغدة الثديية.

‎تعرف باحثون من دائرة البيولوجيا الجزيئية في جامعة برينستون على جزيء رنا RNA صغير يساعد في الحفاظ على فعالية الخلايا الجذعية في أنسجة الثدي السليمة والسرطانية. وتشير الدراسة التي ستُنشَر في عدد حزيران من دورية Nature Cell Biology إلى أن جزيئات الرنا RNA المجهرية هذه تطور أشكالا خاصة قاتلة من سرطان الثدي والتأثيرات المثبطة لهذا الجزيء بإمكانها أن تحسن كفاءة علاجات سرطان الثدي الحالية.

‎تنشأ مختلف أنماط الخلايا في الأنسجة البالغة من الخلايا الجذعية، ولكن للحفاظ على هذه الأنسجة في مرحلة البلوغ، على الخلايا الجذعية أن تحتفظ بفعاليتها لعقود. وهي تقوم بذلك عبر التجدد الذاتي self-renewing، فهي تنقسم لتعطي خلايا جذعية إضافية، وتقاوم تأثيرات المؤشرات البيئية التي قد تسبب تمايزها قبل أوانها إلى أنواع أخرى من الخلايا.

‎وتحوي العديد من الأورام ما يسمى بالخلايا الجذعية السرطانية cancer stem cells والتي بإمكانها أن تحرض تشكل الورم. وبعض الأورام تكون قاتلة بشكل خاص، كسرطانات الثدي ثلاثية السلبية triple-negative breast cancers لأنها تضم عدداً كبيراً من الخلايا الجذعية السرطانية التي تتجدد ذاتياً وتقاوم التمايز.

‎ولتحديد العوامل التي تساعد الخلايا الجذعية للغدد الثديية غير السرطانية (non-cancerous mammary gland stem cells (MaSCs على مقاومة التمايز والمحافظة على قدرتها على التجدد الذاتي، بحث يبين كانغ Yibin Kang الأستاذ في البيولوجيا الجزيئية ‎من شركة باركي- ديفيس ‎الدوائية وزملاؤه عن جزيئات RNA قصيرة تدعى بجزيئات الرنا الميكروية بإمكانها أن تعيق جزيئات RNA المرسال ‎الناسخة لشيفرة البروتين وتثبطها وذلك لتخفيض مستويات بروتينات معينة.

‎وقد تعرف الباحثون على أحد هذه الجزيئات ويدعى بالرنا الميكرويmiR-199a ‎، ويساعد الخلايا الجذعية للغدد الثديية MaSCs ‎ في الحفاظ على نشاط خلاياها الجذعية ‎عبر تثبيط عملية إنتاج بروتين يدعى LCOR‎، والذي يعيق الـDNA عن تنظيم عملية التعبير الجيني. ‎وقد بين الفريق أنه وبتعزيزهم لمستويات miR-199a في الخلايا الجذعية للغدد الثديية عند الفئران، فقد أوقفوا بروتينLCOR ‎ وزادت وظيفة الخلايا الجذعية الطبيعية.

والعكس بالعكس، فحين رفعوا مستويات LCOR استطاعوا اختصار فعالية الخلايا الجذعية للغدد الثديية، واكتشف كانغ وزملاؤه أن جزيئات miR-199a كانت واضحة في الخلايا الجذعية لسرطان الثدي عند البشر والفئران، وبين الباحثون أنه مثلما أن تعزيز مستويات miR-199a يساعد الخلايا الجذعية للغدد الثديية في الحفاظ على فعاليتها، فإن miR-199a تُزيد قدرة الخلايا الجذعية السرطانية على تشكيل الأورام. 

وبالمقابل، برفع مستويات LCOR، تمكنوا من تخفيض قدرة الخلايا الجذعية السرطانية على تشكيل الورم. وبالتعاون مع فريق من الباحثين بقيادة تشي-مينغ شاو Zhi-Ming Shao وهو أستاذ في مركز السرطان في جامعة فودان شنغهاي في الصين، وجد فريق كانغ أن مرضى سرطان الثدي الذين تظهر في أورامهم كميات كبيرة من miR-199a كانت معدلات نجاتهم منخفضة، في حين كان للأورام ذات المستويات المرتفعة من LCOR إنذار أفضل.

‎واكتشف كانغ وزملاؤه أن LCOR ‎ يجعل الخلايا حساسة لتأثيرات الجزيئات المُطلِقة للإنترفيرون ‎والتي تنطلق من الخلايا الظهارية والمناعية، وبشكل خاص من البلاعم في الغدد الثديية.
 
‎واكتشف الباحثون أنه وأثناء التطور الطبيعي للغدد الثديية، تفرز هذه الغدد إنترفيرونات من النوع ألفا interferon-alpha لتعزز التمايز الخلوي وتمنع انقسام الخلية، وبتثبيط COR يقوم miR-199a ‎ بحماية MaSCs من الإنترفيرونات ‎مما يسمح لها بالبقاء غير متمايزة وقادرة على التجدد الذاتي، وتلعب جزيئات RNA الميكروية دوراً مماثلاً أثناء تكون الأورام، فتحمي الخلايا الجذعية لسرطان الثدي من تأثيرات الإنترفيونات التي تفرزها الخلايا المناعية الموجودة في الورم.
 
‎يقول مايكل كلارك Michael Clarke الأستاذ في مختبر كارل وأفيس بيخويس في قسم بيولوجيا السرطان في جامعة ستانفورد للطب، ومعهد بيولوجيا الخلايا الجذعية والطب التجديدي، وهو أول من اكتشف الخلايا الجذعية لسرطان الثدي ولكنه لم يشارك في الدراسة: "إنها دراسة رائعة تربط برنامج الخلايا الجذعية للغدد الثديية الخبيثة والطبيعية لحمايتها من المؤثرات المناعية، فمن الواضح أن لها آثاراً علاجية لتصميم استراتيجيات تستهدف على نحو واعٍ الخلايا الجذعية لسرطان الثدي بالمؤثرات المناعية".
 
‎ويقول توني سيليا-تيريسا Toni Celià -Terrassa الباحث المساعد في مختبر كانغ والمؤلف الأول للدراسة: "تكشف هذه الدراسة عن خصائص جديدة للخلايا الجذعية لسرطان الثدي تقدم لها مزايا في تفاعلاتها مع النظام المناعي، وتمثل بذلك فرصة عظيمة علينا استغلالها لتطوير العلاج المناعي للسرطان".
 
‎ويضيف كانغ: "استخدمت الإنترفيرونات بشكل كبير لمعالجة أنماط السرطان المختلفة، وقد تصبح هذه العلاجات أكثر فعالية إذا تمكنا من جعل الخلايا الجذعية السرطانية المقاومة للإنترفيرونات حساسة لها عبر استهداف مسار miR-199a-LCOR."
 
‎إضافة من المترجم
الإنترفيرونات: هي بروتينات تنتجها الخلايا المضيفة كاستجابة لوجود عوامل ممرضة مختلفة كالفيروسات والجراثيم والطفيليات وحتى الأورام ولها تأثيرات متشابهة فهي مضادة للفيروسات كما أنها تعدل وظائف الجهاز المناعي، ‎وتنتمي الإنترفيرونات إلى عائلة أكبر من البروتينات تُدعى السيتوكينات.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات