طور فريقٌ دولي من الفلكيين باستخدام البيانات القادمة من مرصد الأشعة اكس الياباني "سوزاكو" تقنية قوية من أجل تحليل بقايا السوبرنوفا، السحب المتوسعة من الحطام الذي تُخلفه الانفجارات النجمية. تقدم هذه الوسيلة للعلماء طريقةً من أجل التحديد السريع لنوع الانفجار وتُعطي رؤى على البيئة المحيطة بالنجم قبل تدميره. 

 

يقول الباحث الرئيسي "هيرويا ياماجيشي"، فيزيائي فلكي من مركز غودارد-ناسا لرحلات الفضاء في غرينبلد بميريلاند، ‘‘السوبرنوفات تختم بقاياها بأدلة من الأشعة اكس تكشف عن طبيعة الانفجار ومحيطه. بفضل "سوزاكو"، نتعلم الآن كيفية القيام بتفسير هذه الإشارات‘‘. 

 

تتضمن التقنية رصد إصدارات محدد للأشعة اكس وقادمة من ذرات الحديد الموجودة في قلب بقايا السوبرنوفا. حتى بعد آلاف السنين، تظل هذه الذرات ساخنة جداً ومجردة من معظم الالكترونات التي ترافق ذرات الحديد في الظروف الاعتيادية الموجودة على الأرض. يتشكل المعدن في مراكز النجوم المحطمة والموجودة بالقرب من نهاية حياتها وضمن مرحلة الموت الانفجاري، ما يجعل من هذا العنصر شاهداً رئيسياً على الموت النجمي. 

 

يقول "روبرت بيتر"، مدير مختبر فيزياء الأشعة اكس الفلكية الموجود في غودارد وهو عضوٌ في فريق الدراسة، ‘‘تمتع "السوزاكو" بحساسية أفضل لخطوط إصدار الحديد من خطوط إصدار الأشعة اكس الناجمة عن عناصر أخرى، يجعله أداة مثالية من أجل دراسة بقايا السوبرنوفا الموجودة عند هذه الطاقات‘‘.

 

أقلع "السوزاكو" إلى مدارٍه حول الأرض في عام 2005، كان التلسكوب الخامس ضمن سلسلة من الأقمار الصناعية اليابانية المختصة في دراسة علم فلك الأشعة اكس. تم تطويره ويتم تشغيله من قبل تعاون دولي بين اليابان والولايات المتحدة الأمريكية.

 

يقدر الفلكيون أن سوبرنوفا واحدة تحصل لمرة أو مرتين خلال القرن الواحد في مجرتنا درب التبانة. في كل مرة، تقوم موجة انفجارية ودرع من الحطام النجمي الساخن بالتوسع بشكلٍ سريع بعيداً عن الانفجار، ما يخلق بقايا سوبرنوفا يمكن كشفها خلال فترة تمتد على عشرات آلاف السنين. تتباطأ السحابة المتوسعة مع مرور الزمن جراء اختلاطها مع الغاز بين-النجمي، وفي النهاية تصبح غير قابلة للتمييز.

 

تنتمي السوبرنوفات إلى نوعين عريضين ويعتمد التصنيف على الحدث المحفز. لدينا سوبرنوفات القلب المنهار وهي تحصل عندما تعاني النجوم المولودة بكتلة أكبر من كتلة الشمس بثمانية مرات، من أزمة طاقية وتقوم بالتالي بالانهيار تحت تأثير وزنها الذاتي ومن ثمَّ تنفجر. 

 

يُعرف النوع الآخر بالسوبرنوفات Ia وهي تضمن التدمير الكلي لقزمٍ أبيض والبقايا المضغوطة والناتجة عن نجوم مثل الشمس. على الرغم من استقرارها الذاتي، يُمكن للأقزام البيضاء أن تعاني من انفجارات نووية حرارية عندما تكون موجودة مع أجسام أخرى في أنظمة ثنائية. يحصل هذا إما عبر الاندماج مع قزم أبيض مرافق أو عندما تقوم بسرقة الغاز من نجم عادي مرافق إلى درجة تصل معها كتلة القزم إلى حد الاستقرار. 

 

السوبرنوفات من النوع Ia لامعة جداً بحيث يمكن كشفها على طول الكون الرصدي. أكثر من ذلك، يقوم كل من هذه القنابل النجمية بإطلاق كمية مشابهة جداً من الطاقة، ما يقدم فحصاً قيماً جداً من أجل قياسات البعد الذي يفصلنا عن هذه الأجسام. 

 

على سبيل المثال، قادت دراسات السوبرنوفات Ia الفلكيين إلى اكتشاف أن توسع كوننا يقوم في الواقع بالتسارع. 


يقول "كارلس بادنس"، عضو الفريق من جامعة بيتسبيرغ في بينسلفانيا، ‘‘إحدى التحديات الرئيسية في دراسة بقايا السوبرنوفا هو أنه مع توسع هذه البقايا في الفضاء واختلاطها بالغاز بين-النجمي، تصبح المعلومات المتعلقة بهذا الانفجار أضعف ومن الصعب جداً قياسها. في بعض الأحيان، يُمكن حتى لبعض الخواص الأساسية لبقايا السوبرنوفا –مثلا، فيما إذا كانت من النوع Ia أو من نوع انفجار القلب المنهار –أن تصبح موضع خلاف‘‘.

 

من خلال استخدام "السوزاكو" للحصول على إصدارات الأشعة اكس القادمة من ذرات الحديد، وجد الباحثون طريقةً جديدة من أجل تمييز بين أنواع السوبرنوفا.

 

فبعد دراسة 23 بقايا سوبرنوفا معروفة بشكلٍ جيد وموجودة في درب التبانة وفي المجرة التابعة القريبة والمعروفة بسحابة ماجلان الكبرى، حدد الباحثون نمط واضح في قمة إصدار الأشعة اكس للخط الإصداري للحديد والمعروف بـ K-alpha، والذي ينتج عندما تهبط الالكترونات إلى السوية K –المستوى الطاقي الأدنى طاقياً في ذرة الحديد.

 

في ضوء ذلك، يمتلك الحديد الموجود في البقايا الناتجة عن سوبرنوفات القلب المنهار درجات حرارة أعلى بشكلٍ ملحوظ من ذلك الموجود في السوبرنوفات من النوع Ia، مع وجود لخط فصل واضح جداً وموجود عند الذروة الطاقية 6550 الكترون فولط. (من أجل المقارنة، تبلغ طاقة الضوء المرئي حوالي 2 إلى 3 الكترون فولط). 

 

عندما يكون الحديد اسخن من ذلك الحد، تكون البقايا ناجمة عن سوبرنوفا من نوع القلب المنهار وإذا كانت درجة الحرارة أبرد تكون البقايا ناجمة عن انفجارات من النوع Ia. تقدم هذه التقنية وسائلاً سريعة وواضحة من أجل تصنيف بقايا السوبرنوفات. 

 

في عدد 20 ايريل من مجلة الفيزياء الفلكية، يشرح الفلكيون هذا الاختلاف بدلالة البيئة النجمية قبل الانفجار.

 

تُنتج النجوم تدفقات من الغاز إلى الخارج –تُعرف بالرياح النجمية –ويحصل ذلك خلال تلك الفترات من حياتها التي تقوم النجوم فيها بإصدار الطاقة، وتكون هذه التدفقات أقوى في النجوم الفائقة الكتلة. عندما تنفجر مثل هذه النجوم، يتفاعل حطامها المتوسع للخارج مع التدفقات السابقة ويُوصلها إلى درجات حرارة أعلى بكثير ويترك في تلك البقايا بصماته التي تتمثل بذرات الحديد المؤينة بدرجة عالية.

 

تمتلك النجوم الأقل كتلة، والتي تؤدي إلى إنتاج الأقزام البيضاء، رياحاً نجمية أضعف وبالتالي فإن السوبرنوفا من النوع Ia تنفجر ضمن بيئة أنظف. من خلال التفاعل مع المواد النجمية المحيطة والأقل كتلة من بقايا السوبرنوفا، لا ترتفع درجة حرارة بقايا النوع Ia بشكلٍ كبير وبالتالي تحتوي على ذرات حديد مؤينة بشكلٍ أضعف وتكون أكثر برودة.

 

سيتم التحقق من هذه الطريقة الجديدة التي اقترحها العلماء باستخدام عينات أكبر وبيانات عالية الدقة بشكلٍ أكبر وقادمة من مهمات الأشعة اكس القادمة مثل Astro-H، الذي تمت جدولة إقلاعه في وقت متأخر من العام 2015. دراسة عينات كبيرة من بقايا السوبرنوفا المُصدرة للأشعة اكس والموجودة في المجرات القريبة ستزيد بشكلٍ كبير من فهمنا لكلا النوعين من الانفجارات النجمية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات