ظهور اللمحة الأولى ل

نوعٌ نادرٌ بشكلٍ كبير من التصادمات لجسيماتٍ تحت ذريّةٍ ضخمة قد يستطيع أن يكشف عن الطريقة التي تنقل بها الجسيمات تحت الذريّة المسمّاة بـ Higgs Bosons الكتلة إلى جسيماتٍ أخرى.


تمّ الكشف عن جسيم هيغز بوزون للمرّة الأولى عام 2012، والذي يتمّ قذفه بشكلٍ أساسيٍّ ككرةٍ بين قوّتين حاملتين للجسيمات المعروفة بـ W-bosons عندما تتبعثر، أو ترتدّ كلّ واحدةٌ منها عن الأخرى، ذلك وفقاً لما كشفته بياناتٌ تحليليّة. 

 

تأتي هذه الدّراسة من تجربة ATLAS ،تجربة تصادم البروتون ذاتها التي كشفت عن الهيغز بوزون، باستخدام مصادم الهدرونات الأكبر LHC وهو عبارة عن محطّم ذرّات يمتدّ تحت الأرض لمسافة 17 ميلٍ أي ما يساوي 27 كيلومترٍ وذلك على حدود سويسرا وفرنسا. 

 

من خلال دراسة كميّة الهيغز التي تلتصق بال W-boson خلال عمليّة البعثرة، استطاع الفريق تعلّم تفاصيلٍ جديدةٍ عن مدى القوّة التفاعليّة بين بوزونات الهيغز المتهرّب والحقل الذي يعطي لكلِّ الجسيمات كتلتها.

 

يقول الكاتب المساعد في الدراسة وعالم الفيزياء الذي يعمل مع مشروع ATLAS وباحث في مختبر بروكهافن الوطني في مدينة أبتون- نيويورك، مارك أندريه بليير Marc-Andre Pleier، " بكلّ وضوح، نحن نقوم بمراقبة بوزونات الهيغز أثناء عملها لنرى إذا كانت تؤدّي أدوارها كما هو متوقّعٌ منها."

 

حقول الهيغز


لعقودٍ من الزمن، النموذج المعياريّ، والنظرية الفيزيائيّة المسيطرة والتي تصف مجموعة الجسيمات تحت الذريّة، كلٌّ منهما كان تنبؤيّاً بشكلٍ كبير إضافة لكونه ناقصاً بوضوح.

 

كان العنصر الناقص في النموذج المعياريّ هو نفسه الهيغز بوزون، وهو جسيمٌ اقترحه الفيزيائيّ الإنكليزيّ بيتر هيغز Peter Higgs وعلماء الآخرين عام 1963م، حيث تمّ ذلك لتفسير كيف تحصل جسيماتٌ محدّدة على كتلتها. 

 

تدّعي هذه النظريّة أنّ الجسيمات مثل الـ W-bosons تحصل على الكتلة من خلال تجوّلها في الحقل، والمعروف حاليّاً بحقل هيغز. كلّما تجوّلت الجسيمات في الحقلِ أكثر، كلّما صارت كتلتها أكبر. إذا كان حقل هيغز موجوداً حقّاً، بالتالي فإنّ إضافة جسيمٍ آخر والذي يسمّى الآن هيغز بوزون ( أو مدعوٌّ ب "الجسيم الآلهة" وهو اسمٌ لا يفضله العلماء)، لابدّ له أيضاً أن يتواجد على هيئة اهتزاز لذلك الحقل عندما تتفاعل جسيمات تحت ذريّة أخرى مع الحقل.

 

في عام 2012، أعلن العلماء أنّهم اكتشفوا الهيغز بوزون. ومنذ ذلك العام، أصبح علماء الفيزياء مشغولين بتحليل البيانات التي تأتيهم من التصادمات الحاصلة باستخدام مصادم الهدرونات الأكبر وذلك ليكتشفوا بدقّة الآلية التي تقوم الهيغز بوزون بها عملها بإعطاء الجسيمات كتلتها.

 

الفيزياء المستحيلة


"الأجزاء الأخرى في النموذج المعياريّ لا يمكنها الاجتماع بدون وجود الهيغز بوزون، على سبيل المثال، نظرياً، من الممكن لتصادمات البروتون أن تنتج أزواجاً من W-bosons والتي إمّا أن تتبعثر، أو ترتد واحدةٌ منها عن الأخرى. W-bosons تساوي القوى النووية الضعيفة التي تتحكّم بالانحلال الإشعاعي، كما توقد التفاعلات الكيميائيّة في قلب النجوم" وفقاُ لما ذكره بيير.

 

في قوى تصادمٍ قويّةٍ بشكلٍ كافٍ، بشكل عام، تتنبّأ النظرية بأن تبعثر W-boson سوف يستمرّ لأكثر من 100% من الوقت، وهذا الأمر مستحيلٌ فيزيائيّاً.

 

بناءً على ذلك اقترح الفيزيائيّون لعبة التقاطٍ تحت ذريّة، بحيث تستطيع الهيغز بوزون أن يصطدم بـ w-boson والذي هو جزءٌ من زوجٍ تصادميّ، ثمّ يرتدّ عنه الهيغز بوزون، ليتمّ امتصاصه من قبل العنصر الآخر بالزوج، بحسب قول بيير.

 

الهيغز الإضافيّة، بشكل جوهريّ، سدّت الثغرة الرياضيّة الموجودة في النظريّة ولكن تصادم W-boson هو أمرٌ نادر الحصول: فهو يحصل فقط في تصادمٍ واحدٍ من أصل مئة تريليون تصادمٍ بروتونيّ-بروتونيّ، وعلى هذا الأساس لم يحصل العلماء على فرصة لاختبار نظريّتهم، أضاف بيير.

 

ذكر أيضاً لمجلة Live Science: " أن تشاهدها هو أمرٌ أكثر ندرةً من الهيغز بوزون."

 

الهيغز أثناء عملها:


قال بيير، "في وقت الذي كثرت به البيانات المعطاة من تجربة ATLAS ، استطاع العلماء أن يروا للمرّة الأولى لمحةً لتصادم W-boson متهرّب."

 

لحدّ الآن، استطاع الفريق أن يرى لمحاتٍ ل34 حدث تصادم W-boson، الأمر الذي أظهر أنّ الهيغز بوزون تلعب دوراُ في بعض عمليّات التصادم، و أضاف، "ولكنّ البيانات لا تزال قليلة جدّاُ لنحدّد مدى التصاق الهيغز بوزن بالـ w-bosons، والذي سيفصح عن مدى غرويّة حقل هيغز ذاته. هذا الأمر بدوره يمكنه أن يساعد على الكشف عن المزيد من التفاصيل حول الآلية التي تعطي بها حقول هيغز الكتلة للجسيمات الأخرى."

 

إذا كانت البيانات المتّبعة تكشف عن أن الهيغز بوزون ليست غرويّةً بشكلٍ كافٍ فهذا يعتبر دلالة على أن الجسيمات تحت الذريّة الأخرى ربّما يكون لها علاقةٌ بتصادم الـ W-boson، وفقاً لبيير.

 

عندما يعود تشغيل مصادم الهدرونات الأكبر مرّةً أخرى عام 2015 باستخدام طاقاتٍ أكبر، لابدّ أن يكون الفريق عندها قادراً على استخلاص بيانات أكثر بـ 150 مرّة عن التي جمعوها مسبقاً عندما أغلق محطّم الذرّات عام 2013، الأمر الذي سيسهّل توضيح الصورة الضبابيّة الحاليّة للهيغز بوزون أثناء عملها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات