أجل،المرض النفسي هو مرض حقيقي.. يوم ثنائية القطب العالمي

الثلاثون من آذار، ذكرى ميلاد الفنان العالمي فينسينت فان كوخ أو بكلماتٍ أخرى، اليوم العالمي لاضطراب ثنائي القطب، وكما تشير الإحصائيات، فإن 1 إلى 2 بالمئة من مجموع سكان العالم يعاني من اضطراب ثنائي القطب، وفي حقيقة الأمر فالنسبة السابقة ليست بالنسبة القليلة، كما أن الآثار الناجمة عن هذا الاضطراب تتخطى الأرقام والإحصائيات، وتتطلب بكل تأكيد تخصيص يوم عالمي للحديث عنه.

ما أهمية هذا اليوم العالمي؟

تكمنُ أهمية اليوم العالمي لاضطراب ثنائي القطب في توجيه الأنظار ولفت انتباه العالم إلى هذا الاضطراب، ودعوة الأفراد والمنظمات في العالم للعمل لإيجاد حلول للأشخاص الذين يعيشون تحت وطأته، كما تكمن أهمية هذا اليوم في كونه دعوة للتعلم والاطلاع أكثر حول هذا الاضطراب، وأعراضه وتأثيره على حياة الأفراد وكيف يمكن التعامل مع من يعانون منه، كما يمكن مشاركة قصص ومعلومات للتقليل من وصمة العار المصاحبة لفكرة الأمراض النفسية عامةًً.

تفقد worldbipolarday.org لكونه المصدر الاساسي لجميع الفعاليات والمعلومات الموثوقة.

ما هو اضطراب ثنائي القطب؟
هو حالة صحية عقلية تسبب تقلباتٍ مزاجية شديدة تشمل ارتفاعات عاطفية كالهوس والهلع، وانخفاضات كالاكتئاب.

عندما تدخل في حالة الاكتئاب، قد تعيش حالات حزن شديد، وفقدان للأمل، كما قد تعيش حالة انعدام الرغبة تجاه أغلب النشاطات، والأشياء في الحياة.

وعلى النقيض، قد تعيش حالة نشوة، أو سعادة غامرة، أو تشعر بطاقة كبيرة، وحساسية مفرطة تجاه الأشياء.

وهذه التناقضات في المزاج قد تؤثر على نومك، وطاقتك، ونشاطاتك، وأحكامك، وتصرفاتك، وقدرتك على التفكير بوضوح وفعالية.

قد تحدث هذه التقلبات في المزاج بشكلٍ نادر أو بشكلٍ متكرر عدة مرات سنوياًً.

وبالرغم من أن اضطراب ثنائي القطب هو حالة ترافق المصاب طوال الحياة، فإنك تستطيع أن تسيطر على تقلباتك المزاجية باتباع خطة علاج محددة، وفي معظم الحالات يتم التعامل مع اضطراب ثنائي القطب باستخدام الأدوية، والارشاد النفسي.

الأعراض:
هناك عدة أنواع من الاضطراب ثنائي القطب قد تشمل هذه الأنواع الهوس، أو الهوس الخفيف والاكتئاب، كما يمكن أن تسبب الأعراض تغيرات غير متوقعة في المزاج والسلوك، مما يؤدي إلى ضائقة كبيرة، وصعوبة في الحياة.

النمط الاول لاضطراب ثنائي القطب:

نوبة هوس واحدة على الأقل قد تسبقها أو تليها نوبات هوس خفيف، أو نوبات اكتئاب شديدة، وفي بعض الحالات قد يؤدي الهوس إلى حالة انفصال عن الواقع (الذهان).

النمط الثاني:

نوبة اكتئاب شديدة واحدة على الأقل، ونوبة هوس خفيف واحدة على الأقل، دون التعرض لنوبة هوس.

النمط الثالث:

اضطراب دورية المزاج... يعاني المريض على الأقل لمدة عامين -أو عام واحد عند الأطفال والمراهقين- من فترات عديدة من أعراض الهوس الخفيف، وفترات من أعراض الاكتئاب (على الرغم من أنها أقلُ حِدةً من الاكتئاب الشديد).

النمط الثاني من اضطراب ثنائي القطب ليس شكلاً أخف أو أكثر اعتدالاً من النمط الأول، بل هو نمط ذو تشخيص منفرد خاص به، حيث أنه وبالرغم من كون نوبات الهوس التي تحدث في اضطراب ثنائي القطب من النمط الأول قد تكون حادة وخطِرَة، فالأفراد المصابون بثنائي القطب من النمط الثاني يعانون من كآبة لفترات طويلة الأمر الذي يتجلى بمشاكل وتدهور كبير على المدى الطويل.

وبالرغم من أن اضطراب ثنائي القطب قد يحدث في أي عمر، فإن تشخيصه يتم عادة في مرحلة المراهقة وفي مطلع العشرينات، إذ تتنوع وتختلف الأعراض من شخص لأخر، وتختلف مع الوقت والمرحلة العمرية.

الهوس والهوس الخفيف في اضطراب ثنائي القطب:

يعتبر الهوس والهوس الخفيف نمطان مختلفان من نوبات ثنائي القطب، إلا أنهما يحملان الأعراض ذاتها.

نوبة الهوس تكون عادةً حادة أكثر، كما تسبب مشاكل ملحوظة في أماكن عامة كالعمل، والمدرسة، والحياة الاجتماعية اليومية و العلاقات، كما قد ينجم عنها أحيانا أعراض ذهانيه كالانفصال عن الواقع، كما يشترك كل من الهوس والهوس الخفيف بثلاثة أو أكثر من المظاهر التالية:
- ابتهاج زائد غير مبرر وغريب.
- زيادة في النشاط، والطاقة، والحماس.
- شعور مبالغ به بالثقة والقوة.
- قلة الحاجة للنوم.
- رغبة غير اعتيادية في الحديث والنقاش.
- أفكار متدفقة.
- ضعف في التفكير العقلاني والقدرة على اتخاذ القرار.

النوبات الاكتئابية لاضطراب ثنائي القطب:

النوبات الاكتئابية تشمل أعراضا حادة قد تعطل، أو تؤثر بشكل فعال في نشاطات الحياة اليومية، كالعمل، والمدرسة، والحياة الاجتماعية، والعلاقات، إذ تتضمن فترات الكآبة خمسة أو أكثر من الأعراض الاتية:
- مزاج اكتئابي كالحزن والإحساس بالفراغ وفقدان الأمل، والرغبة في البكاء. كما قد يتجلى المزاج الاكتئابي لدى المرهقين بسرعة التهيج والعصبية المفرطة.
- فقدان واضح للرغبة والمتعة في فعل أغلب أو جميع النشاطات.
- نقصان أو زيادة واضحة في الوزن، وفي الشهية إذ إن الفشل في اكتساب الوزن عند الأطفال قد يكون إشارة محتملة للاكتئاب.
- يعاني المريض إما حالة أرق أو حالة نوم مفرط لساعات طويلة.
- حالة هياج ونشاط زائد أو حالة كسل واستجابة بطيئة.
- وهن ونقص في الطاقة.
- الشعور بانعدام القيمة الذاتية أو شعور غير مبرر بالذنب.
- ضعف القدرة على التفكير والتركيز بالإضافة للتردد.
- الأفكار الانتحارية.

أعراض اضطراب ثنائي القطب لدى الأطفال والمراهقين:

يصعب التمييز بين أعراض اضطراب ثنائي القطب لدى الأطفال والمراهقين، وبين التقلبات المزاجية العادية التي يعانون منها، أعراض الإجهاد والصدمة (التروما)، أو عوارض أي اضطراب نفسي آخر.

يمكن أن يعاني الأطفال والمراهقون من نوبات اكتئاب ونوبات هوس أو هوس خفيف، ولكنّ أنماط هذه النوبات تختلفُ عنها لدى البالغين المصابين باضطراب ثنائي القطب، وتعتبر الإشارة الأكثر وضوحاً على اضطراب ثنائي القطب لدى الأطفال والمراهقين هي التغيرات والتقلبات المزاجية الحادة غير المعتادة وغير المألوفة.

الأسباب المحتملة لاضطراب ثنائي القطب:

لايزالُ الباحثون يدرسون الأسباب المحتملة لاضطراب ثنائي القطب، ولكنّ أغلبهم يتفقون على أنه لا يوجد عامل ممرض واحد، بل مجموعة من العوامل والأسباب تزيد فرص الإصابة.

- أسباب تعود لبنية الدماغ وآلياته:
إذ تشير بعض الدراسات إلى أن أدمغة الأفراد الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب تختلف عن أدمغة الأفراد الأصحاء، والأفراد المصابين باضطرابات عقلية أخرى، ومن هذا المنطلق فإن معرفة هذه الاختلافات في الدماغ وعمله تساعد العلماء على فهم المرض بشكل أعمق وتحديد طريقة العلاج المثلى.

- أسباب جينية:
اقترح عدد من الباحثين أن الأفراد ذوي اضطراب ثنائي القطب يمتلكون عوامل جينية ما لا توجد في الأفراد الأصحاء تُسهِم في إظهار المرض، كما أشار الباحثون أن فرص الأفراد الذين يملكون تاريخا عائلياً من الإصابة باضطراب ثنائي القطب تكون أكبر من الأشخاص دون تاريخ عائلي من المرض.
وكما يشير الباحثون: ليس جيناً واحداً هو ما يسبب المرض، بل مجموعة عوامل جينية، ومعرفة دور هذه العوامل قد تساعد في توفير وابتكار طرق علاج أفضل.

العلاج:

غالباً ما تتضمن خطة العلاج الفعالة لاضطراب ثنائي القطب مزيجاً من العلاج الدوائي والعلاج النفسي أو ما يُعرَف بالعلاج بالكلام.

وبالرغم من أن اضطراب ثنائي القطب يستمر طوال الحياة، فالأفراد الذين يعانون منه لا يعانون من التقلبات المزاجية بين النوبات، وبالرغم من أن بعض الأفراد يعانون من أعراض طويلة المدى، فإن المتابعة العلاجية المستمرة تمكنهم من السيطرة عليها.

- العلاج الدوائي:
تُساعد أدوية معينة في السيطرة على الأعراض وقد يتحتَّم على المرضى تجربة أنواع دوائية مختلفة قبل الوصول للدواء الأمثل لحالتهم الفردية، لذا يتوجب على الأفراد مراجعة الأطباء المختصين بانتظام لمتابعة الحالة.

الأدوية المستخدمة عادة تتضمن منظمات ومثبتات المزاج بالإضافة لمضادات الذهان من الجيل الثاني، كما تستهدف بعض الأدوية النوم والتوتر، وقد يصف الخبراء مضادات اكتئاب لعلاج الفترات الاكتئابية من اضطراب ثنائي القطب أيضاً.

- العلاج النفسي (العلاج بالكلام):
يمكن للعلاج بالكلام أن يشكل جزءًا مهماً مِن خطة علاج اضطراب ثنائي القطب، إذ يستهدفُ هذا العلاج الأفكار والمشاعر والسلوكيات المضطربة والمتضررة لدى الفرد ويساعد على تخطيها وفهمها، كما أنه يؤمن الدعم النفسي والتثقيف والإرشاد المعني ولعائلته، حيث قد يتضمن العلاج بالكلام أساليب مثل العلاج السلوكي المعرفي والثقافة النفسية اللذان يسهِمَان في تحسن حالة المريض.

- خيارات علاجية أخرى:

١) المعالجة بالتخليج الكهربائي ECT:
وهو علاج بالتحفيز الكهربائي للدماغ للتخلص من الأعراض الحادة لاضطراب ثنائي القطب، ويُجرَى هذا النوع من العلاج على عِدة جلسات تحت التخدير الكلي وهو آمن، ويستخدم في حال وجود أعراض اكتآبية حادة ونوبات هوس لا ينفع معهم العلاج الدوائي ولا العلاج بالكلام كما يستخدم في الحالات الطارئة كخطر الانتحار.

٢) التحفيز المغناطيسي للدماغ TMS:
وهو أسلوب جديد للتحفيز الدماغي يعتمد على الأمواج المغناطيسية، إذ تُستخدَم أثناء صحو المريض على مدى شهر واحد، وكما بيََّنت الدراسات أن هذا النوع من العلاج فعال تجاه الأنماط الفرعية من الاكتئاب، أما أثاره في علاج اضطراب ثنائي القطب لايزال قيد الدراسة.

في اليوم العالمي لاضطراب ثنائي القطب، بإمكاننا أن نُسهِم ولو بشكل بسيط في رفع الوعي المجتمعي الخاص بالأمراض النفسية عامةً واضطراب ثنائي القطب خاصةً، ويمكننا البدء بتثقيف أنفسنا حول المرض وآليات التعامل مع المصابين، كما أن مشاركة المعلومات مع الأخرين سواء في الواقع أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي يسهم في التخفيف من وصمة العار وإبعاد رعب المرض النفسي عن الأذهان.

يعتبر اضطراب ثنائي القطب حالة توازي الأمراض الجسدية، والأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب بشر مثلنا، علينا دعمهم وأن نكون معهم لا ضدهم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات