ملاحظة تفاعلات النيوترينو المراوغة لأول مرة

يُعتبَر فريق من الفيزيائيين وتعاون كوهيرنت (COHERENT collaboration) أول من يكتشف ويُمِّيز الانتشار المرن المتماسك (coherent elastic scattering) للنيوترينوهات (neutrino) منخفضة الطاقة من النُوى الذريَّة.


النيوترينوهات هي جسيمات دقيقة دون ذرية نادراً ما تتفاعل مع المادة، وغالباً ما تُوصَف بأنها "أشباه الأشباح". تمر تريليونات من النيوترينات غير المشحونة وعديمة الكتلة تقريباً عبر أجسادنا كل ثانية، ولا نملك أي وسيلة للشعور بها.

توقع فيزيائيّ مختير فيرمي (Fermilab) دانيال فريدمان Daniel Freedman في عام 1974 طريقة جديدة لتفاعل النيوترينوهات مع المادة، وقام تعاون كوهيرنت ببناء أصغر كاشف للنيوترينو في العالم لمراقبة التفاعل المُراوِغ بعد أكثر من أربعة عقود، ويُطلَق عليه الانتشار المَرِن المُتَماسك للمرة الأولى.


الانتشار المرن المتماسك لنواة النيوترينو  حقوق الصورة: COHERENT collaboration.
الانتشار المرن المتماسك لنواة النيوترينو حقوق الصورة: COHERENT collaboration.


يقول البروفيسور في جامعة ديوك Duke University كيت سكولبرج Kate Scholberg والمتحدث باسم تعاون كوهيرنت: "غالباً ما تكون كاشفات النيوترينو الأكبر حجماً أفضل لاكتشاف هذه الجسيمات لأنها ببساطة لديها مادة أكثر للتفاعل مع النيوترينو، وهذا ما يجعلها أكثر قدرة على اكتشاف واحد على الأقل من الأحداث النادرة، ولكن الكشف عن الانتشار المرن المتماسك يختلف قليلاً عن الكشف عن أنواع أخرى من تفاعلات النيوترينو، ففي الغالب تحدث تفاعلات الانتشار أكثر بكثير، لكنها أيضاً أقل مقداراً بكثير من بعض السلوكيات الأخرى، وكنتيجة لذلك يمكن أن تكون الكاشفات أصغر ولكن في غاية الحساسية أكثر فعالية".

يُنشئ النيوترينو ارتداداً صغيراً بالكاد يكون قابلاً للقياس عند اصطدامه بنواة الذرة، وتُزيد صناعة كواشف النيوترينو من العناصر الثقيلة كاليود، والسيزيوم، والزينون، بشكل كبير احتمالية تفاعل النيوترينو، مُقارنة بالعمليات الأخرى، و لكن هناك جانب سيء، إوهو أنَّ ناتج الارتداد النوويّ الضئيل يُصبِح أصعب في الكشف مع ازدياد حجم النواة، وقد اكتشف العلماء أن بلورة يوديد السيزيوم المطليَّة بالصوديوم هي المادة الأمثل لكشف ذلك الارتداد الضئيل.

يبلغ طول الكاشف الذي بناه الفريق حوالي 13 إنشاً وعرضه 4 إنشات، ويزن 14.5 كيلوجراماً (32 باونداً)، وبالمُقارَنة فإنّ أشهر مراصد النيوترينوهات في العالم مجهَّزة بآلاف الأطنان من مادة الكواشف.

الفيزيائيون متحمسون بشأن الاكتشاف، حيث يمكن للقياسات الدقيقة للانتشار المرن المتماسك أن تكون أداة قوية لاختبار حدود النموذج القياسي (The Standard Model)، وهي أفضل تخمين للفيزيائيين للوصف الشامل الرياضي للكون.

ويقول ڠرايسون ريتش Grayson Rich وهو عضو من الفريق وطالب متخرج من جامعة شمال كارولينا University of North Carolina: "أن هذا ليس مفيداً فقط في دراسة الخصائص الأساسية للنيوترينوهات بذاتها، و لكن أيضاً في استخدام تفاعلاتها لتوثيق معرفتنا عن الفيزياء النووية (nuclear physics)، والنموذج القياسي والحدود الممكنة خلفه، وهذا الاكتشاف مثير في حد ذاته، ولكنه فعلاً مجرد الخطوة الأولى، ومع ذلك فهي خطوة كبيرة بعض الشيء".

ويقول البروفيسور سكولبرج: "ستُساعِد بيانات كوهيرنت في تفسير قياسات خصائص النيوترينو بواسطة التجارب في جميع أنحاء العالم، كما قد نكون قادرين أيضاً على استخدام الانتشار المرن المتماسك لفهم أفضل لتركيب النواة".

نُشِرَت نتائج الفريق في 3 آب/أغسطس 2017 في مجلة العلوم Science Magazine.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات