لعبة أرقام بسيطة تجعل الأطفال أفضل في الرياضيات

تختبر خريجة الدراسات العليا جينجينغ وانغ Jinjing Wang طفلًا بعمر 5 سنوات في الرياضيات. حقوق الصورة: ديف شميليك من جامعة جونز هوبكنز Dave Schmelick /JHU 

من المعروف أن المهارات الرياضية تعتبر صعبة التطوير، وبالرغم من ذلك قام باحثو جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University بتعزيز الأداء الحسابي لأطفال في الروضة، وذلك ببساطة من خلال تمرين الإحساس البديهي بالأرقام لديهم بلعبة كومبيوتر سريعة.

تقول خريجة الدراسات العالية في قسم علوم النفس والدماغ بمدرسة كريغير للفنون والعلوم Krieger School of Arts and Science’s Department of Psychological and Brain Sciences جينجينغ "جيني" وانغ Jinjing “Jenny” Wang: "ليست قدرة الفرد على التعامل مع الرياضيات قدرة ثابتة على مر الزمن؛ فالمسألة ليست أنك إن كنت سيئًا في الرياضيات فأنت سيئٌ فيها لبقية حياتك. ومن جانب آخر فإن هذه القدرة ليست قابلة للتغيير فحسب، ولكن يمكن تغييرها في فترة زمنية قصيرة". ثم تضيف: "استخدمنا لعبة مدتها 5 دقائق لتغيير أداء الأطفال في الرياضيات".

ستنشر نتائج هذه الدراسة في عدد يوليو/تمّوز من دورية the Journal of Experimental Child Psychology، وهي متاحة على شبكة الإنترنت الآن.

يولد البشر والحيوانات بإحساس بديهي اتجاه الكميات، ويمكن أن يظهر هذا النوع من المعرفة خلال مرحلة الرضاعة (السنة الأولى من الحياة). على سبيل المثال، عندما يوضع طبقان يحتوي أولهما على القليل من المكسرات، ويحتوي الآخر على الكثير منها، حتى الطفل سينجذب للخيار الأكثر. يُدعى هذا الحدس حول الأرقام بـ"نظام الرقم التقريبي" approximate number system.

بالرغم من كون هذا الإحساس البدائي بالأرقام إحساسًا غير دقيق (وبالتالي فهو بعيد جدًا عن الدقة الرقمية للرياضيات) إلا أن الدراسات قد أظهرت أن القدرتين مرتبطتان. على سبيل المثال، قامت نفس المجموعة من باحثي جامعة جونز هوبكنز بإظهار أن الإحساس البديهي القوي بالرقم التقريبي يمكنه توقع قدرة الرياضيات للطفل لاحقًا عندما يواكب المدرسة. لكن إلى الآن، لم يُظهر أحد أن تنمية هذا الإحساس البديهي من الممكن أن تجعل الطفل أفضل في الرياضيات.

قالت وانغ: "هذا هو السؤال الكبير؛ إن كان في مقدورنا تطوير قدرة الأرقام البديهية لدى البشر، هل يمكننا كذلك تطوير قدراتهم الرياضية؟".
 

 

 اللعبة التي تُمرِّن حاسة الأرقام البديهية لدى الأطفال بعمر الروضة، تجعلهم أفضل في القيام بالعمليات الحسابية البسيطة. الحقوق: لين تيرنر Len Turner وديف شميليك Dave Schmelick جامعة جونز هوبكنز JHU

ولمشاهدة الفيديو مترجماً.

ابتكر الباحثون لعبة كمبيوتر مدتها 5 دقائق لتمرين حاسة الأرقام الحدسية لدى 40 طفل بعمر 5 سنوات. تظهر في البداية نقاط زرقاء وأخرى صفراء على شاشة الحاسب النقال، ثم يُطلب من الأطفال أن يحددوا ما إذا كان هناك نقاط زرقاء أكثر، أو نقاط صفراء أكثر، وأن يقوموا بذلك بسرعة وبدون عد. استقبل الأطفال التغذية الراجعة بعد كل اختبار؛ فقد كان صوتٌ مُسجَّل مُسبقًا يقول "هذا صحيح" بعد الإجابات الصحيحة، وبعد الإجابات الخاطئة كانوا يسمعون "أوه، هذا غير صحيح".

بدأ بعض الأطفال بأسئلة سهلة، وازدادت صعوبتها تدريجيًا. وبدأ أطفال آخرون بأسئلة صعبة، كما مرت مجموعة ثالثة بخليط من المسائل السهلة والصعبة.

بعد لعبة النقاط، أجرى الباحثون إما اختبار مفردات أو اختبار رياضيات لكل الأطفال. طُلب من الأطفال في اختبار الرياضيات (وهو مُشتق من اختبار قياسي لتقويم القدرات الرياضية) أن يقوموا بالعد تنازليًا، وأن يقارنوا بين قيم الأرقام المنطوقة مثل: "أيهما أكبر: 6 أم 7؟"، وأن يحسبوا إجابات لمسائل كلامية مثل: "يمتلك جوي قطعة حجرية واحدة وحصل على اثنتين إضافيتين، فكم يصبح لديه؟"، وكذلك طُلب منهم أن يكتبوا بعض الأرقام.

بالرغم من عدم اكتشاف الباحثين لأي تغيير في قدرات المفردات لأي من الأطفال، إلا أن الأطفال الذين أجروا لعبة النقاط متبعين طريقة التمرين الأنسب (أي المجموعة التي مرت بالأسئلة الأسهل إلى الأصعب) قد أحرزوا نتائج أعلى في اختبار الرياضيات، حيث كانت نسبة الإجابات الصحيحة لديهم 80%.

أحرز الأطفال الذين تلقوا أسئلة النقاط الصعبة أولًا 60% من الإجابات الصحيحة في اختبار الرياضيات، بينما أحرزت مجموعة الأطفال الشواهد (أي هي المجموعة التي سيُقارَن أداء الأطفال الآخرين بها)، والتي حصلت على خليط من الأسئلة السهلة والصعبة على 70% من الإجابات الصحيحة.

قالت بروفسورة علوم النفس والدماغ، والمؤلفة المساعدة للدراسة ليسا فيغينسون Lisa Feigenson: "كان واضحًا أن تطوير الإحساس بالأرقام لدى الأطفال باستخدام اللعبة قد حسَّن نتائجهم الرياضية، في المدى القصير على الأقل. ستكون الخطوة التالية تحديد ما إذا كانت هناك طريقة لاستخدام هذا الأسلوب لتكوين نتائج دائمة".

قالت فيجنسون: "تدعم هذه الاكتشافات الفكرة القائلة بأن الوظائف المعرفية المركزية (والتي نراها في مختلف الأنواع من الكائنات الحية، وفي مختلف مراحل التطور والنماء) تُشكِّل الأساس الذي ينبني عليه التفكير المعقد. وبالطبع فإن هذا يولِّد سؤالاً عما إذا كان هذا النوع من التحسُّن السريع سيبقى لفترة كافية، وكذلك إذا ما كان سيُحسّن جميع أنواع القدرات الرياضية. نحن متشوقون لمتابعة الإجابات على هذه الأسئلة".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات