لنتعمق في المشكلة، لنعد قليلاً إلى الوراء. دُعمت نظرية الانفجار الكبير بالكثير من الأدلة وهي مقبولة بشكل كبير لتفسيرها كيفية بداية الكون.
وهذه هي الأدلة الرئيسية التي تدعم النظرية
- أرصاد الخلفية الكونية الميكروية.
- فهمنا المتزايد لبنى الكون ذات المقياس الكبير.
- توافق كبير بين الحسابات والأرصاد لوفرة النوى الخفيفة الأولية (لا تحاول قول ذلك ثلاث مرات بشكل متتالي وسريع).
لكن ما يزال هنالك بعض التساؤلات الصغيرة حول هذه النظرية.
تتمحور مشكلة الليثيوم المفقود حول المراحل الأولى من تشكل الكون. وتحديداً بين أول 10 ثواني إلى 20 دقيقة بعد الانفجار الكبير. كان الكون حارا جدا،ً ويتمدد بسرعة كبيرة وهذا كان بداية ما يدعى عصر الفوتون Photon Epoch.
تشكلت في ذلك الوقت الأنوية الذرية بالاصطناع النووي nucleosynthesis. لكنّ الحرارة العالية التي سيطرت على الكون منعت النوى من الارتباط مع الالكترونات وتشكيل الذرات. كان الكون عبارة عن بلازما من النوى والالكترونات والفوتونات.
تشكلت في ذلك الوقت فقط النوى الأخف وزناً، بما في ذلك معظم الهيليوم في الكون وكميات قليلة من النوى الخفيفة الأخرى. مثل الديتيريوم وصديقنا الليثيوم. بالنسبة للجزء الأكبر من العناصر الأثقل لم تتشكل حتى ظهور النجوم وأخذها دور الاصطناع النووي.

المشكلة في أنّ فهمنا لنظرية الانفجار الكبير يخبرنا أنّ كمية الليثيوم يجب أن تكون ثلاثة أضعاف الموجود. كانت النظرية على حق فيما يتعلق بالنوى البدائية الأخرى. توافق أرصادنا على الديتيريوم والهليوم توقعات النظرية. لم يتمكن العلماء حتى الآن من حل هذا التناقض.
لكنّ الورقة الجديدة من الباحثين في الصين ربما تحل هذه الأحجية.
يفترض الاصطناع النووي في الانفجار الكبير أنّ كل النوى في حالة توازن حراري. وسرعاتها تتفق مع ما يدعى توزيع ماكسويل-بولتزمان الكلاسيكي Maxwell-Boltzmann distribution. لكن يصف هذا التوزيع ما يحصل فيما يسمى الغاز المثالي. يمكن أن يسلك الغاز الحقيقي سلوكا مختلفا تماماً وهذا ما يقترحه الباحثون:
إنّ النوى في بلازما فترة الفوتونات الأولية من الكون تصرفت بشكل مختلف قليلاً عما يُعتقد.

يقبل المؤلفون بما يعرف بالاحصائيات غير الواسعة non-extensive statistics لحل المشكلة. في الرسم البياني أعلاه، الخطوط المنقطة من نموذج المؤلفين يتوقع وفرة أقل من نظائر البريليوم. هذا هو المفتاح، بحيث يتحلل البريليوم إلى الليثيوم. المفتاح هو أنّ الكمية الناتجة من الليثيوم، ومن النوى الأخرى الأخف، تتفق كلها مع الكمية التي يتنبأ بها توزيع ماكسويل-بولتزمان. إنها لحظة غبطة للمهتمين بعلم الكونيات.

وهذا كله يعني أنّ العلماء يستطيعون التنبؤ بدقة بوفرة ثلاثة من النوى البدائية في الكون: الهليوم والديتيريوم والليثيوم دون أي تناقض ودون أي ليثيوم مفقود. هذه هي طريقة العلم لتذليل العقبات، وإن كان مؤلفوا الورقة محقون، فهذا يؤكد أيضاً على أهمية الانفجار الكبير، ويجعلنا أقرب بخطوة من فهم كيفية تشكل الكون.
لقد وجدتها!