مادة صوتية خارقة بكثافة تقارب الصفر صُنِعت في الصين

 تمثيل تخطيطي لمرور الصوت عبر غشاء كثافته تقارب الصفر.

حقوق الصورة: ليو/جامعة نانجينغ.


قد تضيع الإشارة أو تتراجع عندما تصدم موجة صوتية حاجزًا ما وتتشتت. لكن ماذا لو كان بإمكانك أن توجّه هذه الإشارة حول الحاجز كما لو أنّ هذا الحاجز المعترض لم يتواجد أصلًا؟ مؤخرًا، ابتكر باحثون من جامعة نانجين Nanjing University في الصين مادة من أغشية البولي إيثلين (polyethylene membranes) التي تؤدي تمامًا هذا الدور.

وقد كان منتجهم النهائي الذي وُصِف هذا الأسبوع في دورية the Journal of Applied Physics عبارة عن مادة خارقة (metamaterial) صوتية بكثافة فعالة تقارب الصفر (DNZ).فكان بإمكان هذا العمل أن يساعد في التمويل لشبكة نقل بخصائص مرغوبة مثل الناقلية العالية حول زوايا حادة، وشطر الأمواج بكفاءة عالية، وعمليات إخفاء (cloaking) صوتية.

قال شياو جون ليو Xiaojun Liu وهو بروفيسور في قسم الفيزياء في مركز المجهريات المتقدمة التعاوني للابتكار بجامعة نانجين:"كان الأمر كما لو أن المساحة الداخلية بكاملها مفقودة".

أضاف ليو :"لقد اعترانا فضول حول إمكانية صنعنا لمادة خارقة بكثافة تقارب الصفر (density-near-zero metamaterial) بحيث تكون بسيطة لكن مكتنزة، وذلك بمجرد استخدام بضعة أغشية دقيقة، وفي حال تمكنا من تحقيق ذلك فهل نستطيع الذهاب أبعد لنعالج الصوت ونصنع عباءات إخفاء صوتية وغير ذلك من الأجهزة الوظيفية الغريبة؟".

لقد حاولت نماذج سابقة تحقيق كثافة تقارب الصفر (density-near-zero) باستخدام هياكل ملفوفة وبلورات فونونية (phononic crystals) لإحداث "مخاريط ديراك" Dirac cones لكن تلك النماذج تطلبت أبعادًا مادية ضخمة وهياكل هندسية معقدة، مع العمل المضني لإبطاء الموجات الصوتية لسرعات منخفضة للغاية داخل أسطوانات تشتت، لتحد هذه الأمور جميعها بشكل فعال من تطبيقاتها العملية.


تقدم ورقتهم البحثية الحالية تحقيقًا بالحد الأدنى لفكرتهم الأصلية حول كثافة تقارب الصفر (density-near-zero) بما تتضمنه من أغشية بولي إيثلين (polyethylene) بسماكة 0.125 ملم مثقبة بفتحات نصف قطرها 9 ملم في شبكة مربعة ضمن دليل موجي معدني (metal waveguide)، وهو عبارة عن هيكل مادي لتوجيه الأمواج الصوتية. يخفف الرنين الشديد الذي يشكل قياسًا للجواب الحركي للأغشية اتجاه الأمواج الصوتية المحدثة بشكل ملحوظ من الكثافة الفعالة لكتلة الهيكل. ويتسبب هذا الانخفاض، بحسب قانون نيوتن الثاني، في اقتراب التسارع الوسطي لهذا الهيكل من اللانهاية، الأمر الذي يؤدي لخلق نفق الصوت (sound tunneling).

عندما يُنقل صوت بتردد 990 هرتزًا ليتسارع بعجلة عبر المادة، فإن هذه الأغشية تعمل وكأنها نفق للصوت، ضاغطةً الأمواج إلى قطاعات أطوال موجية فرعية (subwavelength) محلية. يتيح هذا الترتيب للأمواج الضوئية أن تعبر دون أي تراكم لتبدّلات الطور أو حرفٍ لواجهة الموجة– وذلك بشكل مماثل لتأثير نفق الكم (quantum tunneling) والذي تمر فيه الجسيمات عبر حاجزٍ كامنٍ للطاقة، وهذا الحاجز لا يمكن تخطيه بالميكانيكا الكلاسيكية تحت أي وضع آخر.

بالنسبة للتطبيقات المستقبلية فستدمج غالبًا هذه المادة الخارقة في الدارات والهياكل الصوتية. ولقد وجد العلماء، بعد تنفيذ هذا الدمج في شاطرة أمواج، زيادةً في كفاءة نقل الطاقة بنسبة 80% بغض النظر عن زاوية ورود الموجة.

بالإضافة لذلك، فإن الباحثين قادرون على ضبط تردد شبكة المادة الخارقة من خلال تغيير توتّر الغشاء والأبعاد المادية، الأمر الذي لم يمكن بإمكانهم فعله في النماذج السابقة.

لقد استخدم ليو وزملاؤه مسبقًا شبكة الغشاء لصنع عدسة فائقة القدرة (hyperlens) مسطحة، وهي عبارة عن جهاز يضخم الأجسام أحادية أو ثنائية البعد على سلم الأطوال الموجية الفرعية لتعويض الخسارة في الأمواج الصوتية الحاملة للتفاصيل الدقيقة للصور أثناء عبورها لعدسة ما. قد يسمح هذا الأمر للعلماء برؤية الخصائص الدقيقة للأجسام مثل الأورام، أو العيوب الدقيقة في أجنحة الطائرة أثناء الاختبار التصنيعي، والتي قد تكون في حالات أخرى غير قابلة للملاحظة بسبب الحد الانحرافي للأداة. تشمل التطبيقات الإضافية المخطط لها استخدام هياكل صوتية ذكية، مثل بوابات منطقية يمكنها التحكم بالأمواج الصوتية (acoustic waves) من خلال تعديل انتشارها، وذلك من أجل أنظمة الاتصالات في ظروف بيئية قاسية جدًا بالنسبة للأجهزة الإلكترونية التقليدية والهياكل الضوئية.
 

ختم ليو :"إن كثافة الكتلة المتلاشية التي بيّناها هي بالتأكيد أكثر من مجرد خدعة رياضياتية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • النفق الكمومي (quantum tunneling): يُشير هذا المصطلح إلى ظاهرة كمومية يُمكن من خلالها للجسيمات عبور حاجز لا يُمكنها عبوره في الفيزياء الكلاسيكية.

اترك تعليقاً () تعليقات