كيف


اكتشف علماء من جامعة برن آلية مسؤولة عن التحكم بدوام الألم في الدماغ، تقترح نتائج بحوثهم طرقاً جديدةً للعلاج الطبي للألم المزمن.

يعتبر الألم المزمن حالة مرضية شائعة، وهو يؤثر على أكثر من مليون شخص في سويسرا. للأسف لا تزال الطرق المناسبة للعلاج في كثير من الحالات مجهولة. يقول توماس نيڤيان Thomas Nevian من قسم علم النفس في جامعة برن: "الشعور الدائم بالألم يؤثر بشدة على نوعية حياة المرضى ويجسد عبئاً عاطفياً هائلاً عليهم ولذلك يعد فهم تطور الألم المزمن في غاية الأهمية للبحوث في علم الأعصاب."

اكتشف نيڤيان وزميله الباحث ميركو سانتيلو Mirko Santello آلية خلوية في أدمغة الفئران تساهم في تطوير الألم المزمن. وقد أثمرت نتائج الباحثين البرنيين في تطوير طريقة علاج عقارية مُبتكرة للألم المزمن. ونُشِرت هذه الدراسة في الدورية العلمية "Neuron".

آثار الألم
فحص نيڤيان وسانتيلو التغير الحاصل في العصبونات (الخلايا العصبية) عند تواجد الألم المزمن في منطقة في الدماغ تدعى التلفيف الحزامي (gyrus cinguli) والتي ترتبط بالجوانب العاطفية للألم. في هذا السياق يلعب إنشاء «ذاكرة الألم» دوراً مهماً، كما يشرح نيڤيان. "تُنَشَّط العصبونات بشكل مستمر بواسطة محفز ضار (noxious stimulus)، وبالتالي تقوم العصبونات بإنشاء أثرِ ذاكرةٍ للألم، وهذا الأثر يصبح غير قابل للعكس. كانت فكرتنا تتمثل في فهمٍ أفضلَ لهذه الآلية لاكتشاف إمكانيات علاجية جديدة."

يُستقبل الألم بواسطة نبضات كهربائية في العصبونات. وبناءً على ذلك قام الباحثان بالتقصي عن التغيرات في الخواص الكهربائية للعصبونات في الجهاز الحوفِيّ (limbic system). وقد وجدوا أن العصبونات كانت أكثر قابلية للاستثارة في التلفيف الحزامي. يمكن عزو ذلك إلى تخفيض الاستجابة لقناة أيونية محددة -بروتين في غشاء الخلية يحدد الخواص الكهربائية للخلية. وقد قاد ذلك إلى زيادة عدد النبضات العصبية في هذه الخلايا وبالتالي إلى إحساس متزايد بالألم.

مستقبلات السيروتونين قادرة على تخفيف الألم
حاولَ سانتيلو ونيڤيان التلاعب بهذه القناة الأيونية لاستئناف وظيفتها من جديد. وقد نجح الباحثان في إعادة الوظيفة الطبيعية للعصبون، عن طريق تنشيط مستقبل محددٍ حساسٍ للمُعدِّل العصبي (neuromodulator) السيروتونين. وقد أدى ذلك لتخفيض الشعور بالألم في النموذج الحيواني. يقول توماس نيڤيان: "لقد كان من المعروف إلى حين أنه بإمكان السيروتونين تعديل أو تلطيف الإحساس بالألم، ووظيفة بعض الأدوية مبنية على ذلك، غير أن الجديد في دراستنا هو أنه بإمكاننا التعرف على نوع فرعي معين من مستقبلات السيروتونين الذي يُخفِّض الإدراك بالألم بشكل أكثر فعالية. هذه نتيجة مهمة بإمكانها المساعدة على علاج الألم المزمن بشكل أكثر فعاليةً في المستقبل."

علاوةً على ذلك، تقترح نتائج الدراسة آلية جديدة لكيفية عمل الأدوية المستعملة من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (tricyclic antidepressants). إلى حد الآن، يُفتَرض أن هذه الأدوية تعمل في المحيط الخارجي لمستقبلات الألم وفي الحبل الشوكي. بَيّن العالمان أن هذه الأدوية تستطيع أيضاً العمل مباشرةً على إدراك الألم في الدماغ. إلا أن نيڤيان يؤكد أنه "بالرغم من أننا قمنا الآن بخطوة مهمة إلى الأمام، إلا أن الأمر سيستغرق وقتاً قبل أن تُصَمم أدوية جديدة مبنية على نتائجنا".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات