كيف يقرأ الدماغ الكلمات؟ هل يراها صوراً أم يسمعها أصواتًا؟


علماء الأعصاب في جامعة جورجتاون ينقضون نظرية شهيرة في القراءة. (لوحة "إمرأة تقرأ رواية"، بريشة فينسينت فان غوخ، 1888)

علماء جامعة جورجتاون يوضحون: متى ما عرفت الكلمة.. فليس من داع لقراءتها جهرًا.


يستطيع القراء المتمرسون تمييز الكلمات التي يقرؤونها، ﻷن الكلمة توضع في نوع من القواميس البصرية، التي تعمل بشكل مستقل عن المنطقة التي تعالج أصوات الكلمات المكتوبة، وذلك وفقا لعلماء الأعصاب في المركز الطبي التابع لجامعة جورجتاون. فكرة القاموس البصري هذه تنقض نظرية شائعة تقول إن دماغنا بحاجة للـ "جهر بقراءة" الكلمات في كل مرة نراها فيها.

يقول العلماء إن هذه النتيجة، التي نشرت في دورية Neuroimage، هي نتيجة لها اعتبارها؛ لأن كشف الكيفية التي يحل بها الدماغ مهمة القراءة، تلك المهمة المعقدة، قد يساعد في كشف النقاب عن الأسس الدماغية لاضطرابات القراءة، من مثل اضطراب خلل القراءة dyslexia.

"يحتاج القراء المبتدئون لقراءة الكلمات بصوت عال، الأمر الذي يجعل من القراءة عملية طويلة جدًا ومتعبة جدًا". هذا ما قالته الباحثة الرئيسية في الدراسة، لاوري جليزر Laurie Glezer، حائزة شهادة الدكتوراه والباحثة الزميلة لدرجة ما بعد الدكتوراه. أُحري هذا البحث في مختبر علوم الأعصاب المعرفية الحوسبية في المركز الطبي التابع لجامعة جورجتاون، بقيادة ماكسميليان ريسينهوبر Maximilian Riesenhuber، حائز شهادة الدكتوراه.

توضح جليزر كلامها بقولها: "حتى القراء الماهرون يحتاجون أحيانًا للجهر بالكلمات التي لا يعرفونها. ولكن متى ما صرت قارئًا طليقًا ماهرًا، فلن تعود بحاجة للجهر بالكلمات التي صارت مألوفة، بل تستطيع قراءتها فورًا"، وأردفت بقولها: "نثبت في بحثنا هذا أن الدماغ فيه أماكن متخصصة بأداء كل جزء من أجزاء القراءة؛ فالمنطقة التي تعالج الجزء البصري من المعلومات تختلف عن المنطقة التي تقوم بالجهر بالكلمات".

اختبرت جليزر والمؤلفون المشاركون معها مسألة تمييز الكلمات لدى 27 متطوعًا في تجربتين مختلفتين، باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI. كان بوسع الباحثين رؤية أن الكلمات مختلفة المعنى ولها نفس الصوت، من أمثال "hare" [أرنب] و"hair" [شعر]، كانت تُفّعل خلايا عصبية مختلفة، في عملية مشابهة للوصول إلى مدخلات مختلفة في فهرس القاموس.

"إذا كان لصوت الكلمات تأثير على هذا الجزء من الدماغ، فإننا نتوقع أن نرى أن الكلمات تُفعّل نفس الخلايا العصبية أو خلايا عصبية متشابهة، ولكن الأمر لم يكن كذلك. فكلمتا 'hair' و'hare' بدتا مختلفتين، تمامًا كاختلاف 'hair' و'soup' [حساء]".

تقول جليزر إن هذا يشير إلى أن ما يستخدم في هذه المنطقة من الدماغ يقتصر على المعلومات البصرية للكلمة، وليس على الأصوات. إضافة إلى ذلك، وجد الباحثون منطقة منفصلة أخرى كانت حساسة للأصوات، منطقة لم يظهر فيها أن 'hair' و'hare' متشابهتين.

يوضح ريسينهوبر ذلك بقوله: "يشير ذلك إلى أن هناك منطقة من الدماغ تهتم بالجزء البصري والأخرى تهتم بالجزء الصوتي". 

تقول جليزر: "هناك مجموعة من علماء الأعصاب يعتقدون بأننا نصل إلى الإدراك الصوتي والبصري للكلمات عندما نقرأها، وأن المنطقة أو المناطق في الدماغ التي تؤدي إحدى هاتين المهمتين، تؤدي بالأخرى. ولكن دراستنا تشير إلى غير ذلك".

يقول ريسينهوبر إن هذه النتائج قد تساعد في توضيح السبب وراء كون قراءة الأشخاص المصابين بخلل القراءة أبطأ وأكثر إرهاقًا. ويضيف ريسينهوبر: "بسبب مشكلات المعالجة الصوتية في خلل القراءة، قد تكون عملية إنشاء نظام مضبوط بدقة وقادر على تعلم وتمييز الكلمات بشكل فعال، أمرا صعبًا أو مستحيلًا".

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات