الكون المرئي أصبح أصغر قليلاً، لكن لا داعي للخوف!

حدّث العلماء ولأول مرةٍ منذ أكثر من عقد قياساتنا لنصف قطر الكون المرئي (observable Universe)، ووجدوا أنه ليس كبيراً كما كنا نتصوره.

في الحقيقة، تقلّص جزء الكون، الذي من الممكن رؤيته من الأرض حالياً، بحوالي 320 مليون سنة ضوئية في كل الاتجاهات حيث تقترب الأشياء من بعضها أكثر، ويجد كل شيء مكانٍ له في غرفة ما. 

استخدم عالما الفيزياء بول هالبيرن Paul Halpern ونيك توماسيلو Nick Tomasello من جامعة العلوم في فيلاديلفيا بيانات جديدة حول توسع الكون جمعتها وكالة الفضاء الأوروبية باستخدام القمر الصناعي بلانك، وتمكنوا من إدراك أن الحافة المرئية للكون هي في الحقيقة أصغر بنسبة 0.7% مما كنا نعتقد. 

يقول الفيزيائيون أنهم عبر استخدام قياسات أكثر دقة، قاسوا نصف قطر الكون المرئي ليجدوا أنه يقع في المجال بين 45.66 مليار سنة ضوئية و45.34 مليار سنة ضوئية -حيث تُعادل السنة الضوئية الواحدة حوالي 9.5 تريليون كيلومتر، أو 5.89 تريليون ميل.

وقد كتب توماسيلو في موقع "ميديوم": "قد يكون الفارق المساوي لـ 320 مليون سنة ضوئية ضئيلاً على المقياس الكوني، لكنه بالفعل يجعل كوننا المعروف أكثر دفئاً بقليل".

يصف مصطلح الكون المرئي المفهوم الذي يقول بوجود عدد محدد من المجرات (galaxies) ونوع آخر من المادة، التي يمكن نظرياً رصدها من الأرض الآن لأن الضوء الذي ينبعث منها قد استغرق وقتاً كافياً ليصل إلينا منذ لحظة ولادة الكون قبل حوالي 13.7 مليار سنة مضت.

اعتقد الفيزيائيون فيما مضى أنه بإمكاننا -نتيجة لمعرفتنا بتاريخ بدء الكون ووجوب تحرك جسيمات الضوء بسرعة محددة تماما هي سرعة الضوء- القول أنه يوجد حد لمقدار المسافة التي من الممكن أن يكون قد قطعها جسيم الضوء على مدى عمر الكون. يُسمى هذا الحد بأفق الجسيم (particle horizon)، وهي الطريقة التي يُمكننا من خلالها تحديد حدود أو حافة الكون المرئي. 

لكن يوجد مشكلة كبيرة هنا هي أن حجم الكون ليس ثابتاً. إنه يتوسع. ووفقاً للقياسات الأخيرة التي نشرت في وقتٍ سابق من هذا العام، فقد يكون توسع الكون أسرع مما باستطاعة قوانين الفيزياء تفسيره. إذاً كيف تستطيع معرفة المسافة العظمى التي يستطيع جسيم الضوء قطعها داخل شيء ما يستمر بالازدياد حجماً؟ 

اكتشف فريق يقوده عالم الفيزياء ريتشارد غوت J. Richard Gott من جامعة برينستون كيفية الحصول على قياسات أكثر دقة للكون المرئي. فقد أخذوا في الحسبان حدثاً يُدعى إعادة التجمع (recombination)، الذي حصل بعد الانفجار العظيم (Big Bang) بحوالي 378 ألف سنة عندما برد الكون بشكل كافٍ ليسمح للإلكترونات والبروتونات بالارتباط مع بعضها لتُشكل ذرات الهيدروجين، ومن ثمّ دمجوا ذلك الحدث مع معدل التوسع الكوني ومتحولات محددة أخرى في معادلة معقدة للغاية ليخرجوا بنتيجة تقول بأنّ نصف القطر مساوٍ لـ 45.66 مليار سنة ضوئية. 

بُني جزء كبير من تلك المعرفة على استخدام بيانات القمر الصناعي (WMAP) الخارج عن الخدمة حالياً، فقد استخدموا تلك البيانات لرسم خارطة للتوهج اللاحق للانفجار العظيم. لكن ومنذ ذلك الوقت امتلكنا المزيد من التكنولوجيا المتقدمة لاستخدامها في جمع البيانات وفقاً لقول توماسيلو. 

يضيف توماسيلو: "مسح القمر الصناعي بلانك، على طول فترة تشغيله الممتدة بين العامين 2009 و2013، الفضاء الواسع المحيط بنا، وزودنا بأرقام وصور محدَّثة عن معدل التوسع والعوامل الأخرى في كوننا".

وعندما أدخلوا بيانات القمر بلانك إلى حسابات نصف قطر أفق الجسيم، حصل الفريق على مسافة تقدر بحوالي 45.34 مليار سنة ضوئية. 

يقول توماسيلو: "لذلك فإن نطاق ما يمكننا رؤيته هو فعلياً أصغر بنسبة 0.7% مما كنا نعتقد سابقاً. وبدلالة المسافة التي نتعامل معها، فهذا المقدار ليس كميةً ضخمة، لكن في بعض الأحيان على العلم أن يخطوَ خطواتٍ صغيرة".

تم قبول الدراسة للنشر في العدد القادم من الدورية العلمية "Advances in Astrophysics"، لكن وحتى ذلك الحين يُمكنك قراءة المزيد في الرابط التالي .

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكون المرصود (observable universe): يتألف الكون المرصود من المجرات وأنواع المادة الأخرى التي يُمكن رصدها انطلاقاً من الأرض عند اللحظة الراهنة لأن الضوء والإشارات الأخرى القادمة من تلك الأجسام احتاجت إلى وقت لتصل إلى الأرض منذ بداية التوسع الكوني.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات