كيف يعمل مصادم الهادرونات الكبير: الجزء السابع

كما تابعنا في الاجزاء (الاول، الثاني، الثالث، الرابع، الخامس، السادس) من السلسلة عن مصام الهادرونات الكبير نقدم لكم الجزء السابع.


هل سيدمر مصادم الهادرونات الكبير العالم؟


مهندسو مختبر سيرن ينزلون مغناطيساً كبيراً ثنائي القطب إلى نفق مصادم الهادرونات الكبير. حقوق الصورة : CERN/AFP/Getty Images
مهندسو مختبر سيرن ينزلون مغناطيساً كبيراً ثنائي القطب إلى نفق مصادم الهادرونات الكبير. حقوق الصورة : CERN/AFP/Getty Images


سيسمح مصادم الهادرونات الكبير للعلماء برصد تصادمات الجسيمات عند مستوى طاقة أعلى بكثير من أي تجربة سابقة، يُقلق بعض الناس أنَّ احتمال أن تسبب هذه التفاعلات الهائلة مشكلة خطيرة للأرض، وتذهب شدة مخاوف قلة من الناس بهم إلى حد رفع دعوة قضائية ضد مختبر سيرن بشكل فعلي في محاولة لتأجيل بدء عمل مصادم الهادرونات الكبير! ففي عام 2008 تقدم مسؤول أمن نووي سابق يدعى والتر واغنر مع لويس سانشو بدعوى رفعت في محكمة مقاطعة هاواي الأمريكية، ادعيا فيها أنه من المحتمل أن يدمر مصادم الهادرونات الكبير العالم. [المصدر: MSNBC]. 

لكن ما الأساس الذي تقوم عليه مخاوفهم؟ وهل يستطيع المصادم خلق شيء ما يمكنه إنهاء الحياة كما نعرفها؟ وما الذي يمكن أن يحدث بالضبط ؟ 

أحد هذه المخاوف هو أن المصادم قد يكون ثقوبا سوداء black holes وهي عبارة عن مناطق تنخمص فيها المادة إلى نقطة ذات كثافة لامتناهية. ويعترف العلماء في سيرن بأن المصادم يستطيع أن يولد ثقوبا سوداء، لكنهم يقولون أيضا أن هذه الثقوب السوداء ستكون على المستوى دون الذري وتقريباً ستنهار مباشرة؛ وعلى نقيض ذلك فالثقوب السوداء التي يدرسها الفلكيون تنتج عن نجم كامل ينهار على نفسه إلى الداخل، وهناك فرق شاسع بين كتلة نجم وكتلة بروتون! 

إحدى المخاوف الأخرى هي أن المصادم سيخلق مادة غريبة (افتراضية إلى أبعد حد) وتُعرف بـ Strangelets (الجسيمات الغريبة)، إحدى الخصائص المحتملة لهذه المادة مقلقة بشكل خاص؛ حيث يفترض علماء الكون أن هذه المادة قد تمتلك حقل جاذبية هائل يمكّنها من تحويل كامل الكوكب إلى كوكب ضخم عديم الحياة (بتحويله إلى مادة غريبة).

 

ويبدد العلماء في مصادم الهادرونات الكبير هذه المخاوف معتمدين على نقاط متعددة تخالف هذه الاعتقادات


  • أولا: يشير العلماء إلى أن السترانجليت افتراضية ولم يسبق لأحد أن رصد مثل هكذا مادة في الكون.
  • ثانيا: يقول العلماء أن الحقل الكهرومغناطيسي المحيط بمثل هذه المادة سينبذ المادة العادية أكثر من كونه سيحولها إلى شيء آخر.
  • ثالثا: يقول العلماء أنه حتى لو وجد مثل هذه المادة، ستكون غير مستقرة بشدة وستفكك بشكل آني.
  • رابعا: يقول العلماء أن الأشعة الكونية عالية الطاقة يجب أن تنتج مثل هذه المادة بشكل طبيعي، وبما أن الأرض ما زالت على أحسن حال، فالمادة الغريبة لا تشكل مصدر قلق!


أحد الجسيمات الافتراضية الأخرى التي قد يخلقها مصادم الهادرونات الكبير هو أحادي القطب المغناطيسي magnetic monopole. وضع هذه النظرية بول ديراك (عالم فيزياء نظرية حاز على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1933)، وأحادي القطب هذا جسيم يمتلك شحنة مغناطيسية وحيدة (إما شمال أو جنوب) بدلا من اثنتين. والمخاوف التي استشهد بها واغنر وسانشو كانت بأن مثل هذه الجسيمات يمكنها أن تفكك المادة بسبب شحناتها المغناطيسية غير المتوازنة. 

يرفض علماء سيرن هذه الادعاءات قائلين: حتى لو وجدت أحاديات القطب فلا داع للخوف من أن تسبب مثل هذه الجسيمات الدمار، وفي الواقع فإن فريقاً واحداً من الباحثين على الأقل يبحث بجد عن دليل عن وحيدات القطب آملين بأن ينتج المصادم بعضها. تشمل بعض المخاوف الأخرى المتعلقة بمصادم الهادرونات الكبير: الخوف من الإشعاع، وأن المصادم سيحقق أعلى التصادمات الطاقية للجسيمات على الأرض، لكن سيرن تصرح بأن مصادم الهادرونات الكبير آمن جداً، إضافة لوجود درع واق من الأرض يعلو المصادم بسماكة مئة متر (328 قدم)! كما لا يسمح لطاقم العاملين بالنزول تحت الأرض أثناء التجارب. 

وفيما يخص القلق بخصوص التصادمات، يشير العلماء بأن تصادمات الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية تحدث طيلة الوقت في الطبيعة، حيث تصطدم الأشعة الكونية مع الشمس والقمر وكواكب أخرى وكلها مازالت موجودة دون أي ضرر يذكر، أما ضمن مصادم الهادرونات الكبير فهذه التصادمات ستحدث في بيئة مضبوطة، وإلا ما الفرق بينها وبين التصادمات الطبيعية العشوائية! 

هل سينجح مصادم الهادرونات الكبير في توسيع معرفتنا عن الكون؟ وهل ستطرح البيانات المجمعة فيه مزيدا من الأسئلة أكثر من تقديمها الأجوبة؟ 

إن أشارت التجارب السابقة إلى أي شيء، فلا يمكننا إلا أن نراهن بكل ثقة بأن الإجابة عن كلا السؤالين هي: نعم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات