تلسكوب سبيتزر يسجل ضربات قلب نجمية!

يظهر هذا الرسم التوضيحي كيف أن الكوكب HAT-P-2b يبدو وكأنه يتسبب في حدوث نبضات لنجمه المضيف، شبيهة بدقات القلب لدينا. 

المصدر: HAT-P-2 . Image credit: NASA/JPL-Caltech


يبدو أن كوكبا ونجمه مقبلان على علاقة عاطفية مضطربة يمكن أن تُكتشف عن بعد 370 سنة ضوئية.

اكتشف تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا Spitzer Space Telescope نبضات غير اعتيادية في الغلاف الخارجي لنجم يعرف باسم HAT-P-2 . وتشير أفضل التخمينات التي قدمها العلماء إلى أن كوكباً يدور قريبا من النجم، ويدعى HAT-P-2b، هو الذي يسبب هذه الاهتزازات في كل مرة يقترب من النجم أثناء دورانه.

ويقول جوليان دو ويت Julien de Wit، الزميل في مرحلة ما بعد الدكتوراه في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج: "لقد اكتشفنا في يوم عيد الحب المثالَ الأول على كوكب يتسبب على ما يبدو بسلوك مشابه لدقات القلب لدى نجمه المضيف". ونُشرت دراسة تصف هذا الاكتشاف بتاريخ 14 شباط/ فبراير الحالي في دورية Astrophysical Journal Letters. 

وكانت نبضات النجم مصدر الاهتزازات الضوئية الأكثر غموضاً التي قاسها سبيتزر على الإطلاق. وشوهد تأثير مماثل سابقا في نظام نجمي ثنائي يدعى "نجوم دقات القلب"، إلا أنه لم يُشاهد سابقا بين نجم وكوكب. 

يعد الكوكب HAT-P-2b كوكبا فائق الكتلة نسبيا، وله كتلة تقدر بثمانية أضعاف كتلة المشتري. وينتمي هذا الكوكب إلى نوع من الكواكب الخارجية يطلق عليها "المشتري الساخن"، الأمر الذي يعني أنه كوكب شديد الحرارة ويدور حول نجمه بشكل قريب جداً. بالرغم من ذلك، فإن هذا المشتري الساخن يعد صغيرا بالنسبة إلى نجمه المضيف، والذي يفوقه كتلة بمقدار 100 ضعف. ويؤدي هذا التفاوت في الحجم إلى حدوث تأثير النبضات غير الاعتيادي (للمقارنة، تفوق كتلة شمسنا كتلة المشتري بمقدار 1000 مرة). 

تقول هيذر كنوستن Heather Knutson، الأستاذة المساعدة في علوم الكواكب والجيولوجيا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا بكاليفورنيا: "من الملاحظ أن هذا الكوكب الصغير نسبيا يؤثر على كامل النجم بطريقة يمكننا مشاهدتها من مكان بعيد جدا". 

انضم الكوكب HAT-P-2b إلى مجموعة الكواكب الخارجية منذ سنة 2007، وقد أثار اهتمام علماء الفلك منذ البداية نظراً لمداره "الغريب" أو الإهليجي. ويقضي الكوكب أغلب وقته بعيدا نسبيا عن النجم، ولكنه يصبح في جوار مواجه للنجم كل 5.6 يوم. ويعد ذلك بمثابة "مواعيد حارة" بالنسبة لهذا الكوكب، فعندما يبلغ نقطة اقترابه الأعظمي من النجم، فإنه يتلقى 10 أضعاف كمية الضوء التي يتلقاها عندما يكون في أبعد النقاط على مداره.

وفي كل مرة يتأرجح فيها الكوكب مقتربا من نجمه، يبدو المشهد وكأنه يمنحه "قبلة صغيرة"، وخاصة حين تتداخل القوى الثقالية لهذين الجسمين. ويضطرب النجم بدوره ليبدي ما يشبه دقات قلب حين يبتعد الكوكب في مداره مرة ثانية. وعلى نحو يشبه حركات العاشق والمعشوق، تضرب جاذبية الكوكب النجم مثلما يدق الجرس، فينتقل صدى النجم عبر مدار الكوكب. (قلب الجرس هو النجم ومحيطه مدار الكوكب).


يقول نيكول لويس Nikole Lewis، المؤلف المشارك في الورقة والفلكي في معهد علوم التلسكوب الفضائي في بالتيمور: "اعتمدنا على عمليات الرصد لتقديم نظرة مفصلة عن دوران الغلاف الجوي لـ HAT-P-2b. وبالرغم من كون اكتشاف الذبذبات أمرا غير متوقع، فإنه سيضيف معلومات أخرى ستساعدنا في حل لغز تطور هذه الأنظمة". 

وراقب تلسكوب سببيتزر تفاعلات الكوكب والنجم من موقعه في نظامنا الشمسي، وتحديداً عند متابعة التلسكوب لمداره الأرضي حول الشمسي، لأكثر من 350 ساعة بين تموز/يوليو 2011 وتشرين الثاني/نوفمبر 2015 . وبسبب الطريقة التي يصطف بها النظام نسبة للأرض، كان سبيتزر قادرا على رصد مرور النجم مباشرة أمام النجم بعملية تدعى العبور (transit)، بالإضافة إلى عبوره خلفه فيما يسمى بالكسوف الثانوي. وأتاحت كسوفات الكوكب للعلماء أن يحددوا أن مصدر النبضات هو النجم، وأنها ليست صادرة عن الكوكب. وتحدث نقطة الاقتراب العظمى بين العبور والكسوف الثانوي. 

وما يزال هذا النظام النجمي محيرا للعلماء. وتتوقع الحسابات التي أجراها طالب ما بعد الدكتوراه، جيم فيلر Jim Fuller من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا والمؤلف المشارك في الدراسة، بأن إيقاع (طقطقة) اهتزازات النجم ينبغي أن تكون هادئة اكثر، وبتردد أقل عن الذي سجله سبيتزر.

ويقول دو ويت: "تشير عمليات الرصد إلى أن فهمنا لتفاعلات الكوكب والنجم غير مكتمل، فهناك المزيد الذي علينا تعلمه من دراسة النجوم في أنظمة مشابهة لهذا النظام، كذلك ينبغي الاستماع إلى القصص التي ترويها عبر دقات قلوبها". 

يُدير مختبر الدفع النفاث في باسادينا كاليفورنيا Jet Propulsion Laboratory، مهمة تلسكوب سبيتزر الفضائي لصالح مديرية المهام العلمية التابعة لوكالة ناسا بواشنطن NASA's Science Mission Directorate in Washington. كذلك تُجرى العمليات العلمية في مركز سبيتزر العلمي Spitzer Science Center في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology في باسادينا.

 

من ناحية أخرى، تُنفّذ العمليات الخاصة بالمركبة الفضائية في شركة لوكهيد مارتين Lockheed Martin لأنظمة الفضاء في ليتلتون بولاية كولورادو. وتؤرشف البيانات في أرشيف علوم الأشعة تحت الحمراء Infrared Science Archive الموجود في مركز تحليل ومعالجة الأشعة تحت الحمراء Infrared Processing and Analysis Center في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. يُدير هذا المعهد عمليات مختبر الدفع النفاث لصالح وكالة ناسا.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات