بعثة جديدة لاستكشاف المطر الكوني

تم تركيب جهاز الكشف عن كتلة وطاقة الأشعة الكونية التابعة لمحطة الفضاء الدولية التجريبي (ISS-CREAM) في مختبر التجربة الياباني بالمرفق المكشوف، وقد تم تشغيلها يوم الثلاثاء 21 آب/أغسطس الماضي، ويعمل فريق العلوم على ضبط واختبار التجربة.

وقال الباحث الرئيسي أون-سوك سيو Eun-suk Seo من كلية بارك في جامعة ميريلاند: "نظر المتعاونون في الولايات المتحدة وخارجها إلى البيانات لضبط كامل نظام جهاز الكشف، حيث يتعين علينا مراقبة أكثر من 1500 متغير في قلب البيانات المخزنة وحدها، لكن البيانات التي نستقبلها تُظهِر وضع الأدوات الصورية".

ومع ذلك، حينما يتم الانتهاء من الفحص الشامل لجهاز الكشف ISS-CREAM، سيبدأ مهمته المخطط لها من (سنة إلى ثلاث سنوات) بجمع بيانات جسيمات الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية القادمة من فضاء النجوم والتي تسير بسرعة تقترب من سرعة الضوء.


المراجعة: تُظهر الصورة جهاز الكشف ISS-CREAM مُرفقاً بذراع روبوتية تابعة لمحطة الفضاء الدولية، خلال مهمة تركيب التجربة يوم 21 آب/ أغسطس. مصدر الصورة: ناسا
المراجعة: تُظهر الصورة جهاز الكشف ISS-CREAM مُرفقاً بذراع روبوتية تابعة لمحطة الفضاء الدولية، خلال مهمة تركيب التجربة يوم 21 آب/ أغسطس. مصدر الصورة: ناسا


ستوفر أداة التجربة الجديدة التي انطلقت في 14آب/أغسطس إلى محطة الفضاء الدولية نظرة غير مسبوقة للجسيمات المنهمرة على الأرض باستمرار القادمة من الفضاء السحيق.

طُوِّر جهاز الكشف ISS-CREAM بالأصل كجزء من برنامج بالون ناسا، حيث عادت القياسات من ارتفاع 120000 قدم في سبع رحلات بين عامي 2004-2016.

 


يوضح Eun-suk Seo أستاذ الفيزياء في كلية بارك في جامعة ميريلاند، والباحث الرئيسي للتجربة بقوله: "لقد حققت تجربة بالون CREAM مهمة الكشف الشامل للسماء في 191 يوماً، وهو رقم قياسي لأي تجربة فلكية محمولة على البالون"، ويضيف: "إن القيام بتشغيل الجهاز في المحطة الدولية سيزيد من عملية الكشف في السماء بمقدار أعلى من عشرة أضعاف، ما يجعلنا نتجاوز حدود الطاقة التقليدية للقياسات المباشرة".

وسيتم تسليم الأدوات الجديدة فضلاً عن الإصدارات المحدَّثة من أجهزة الكشف المستخدمة أصلاً في رحلات البالون فوق القارة القطبية الجنوبية، والتي بحجم 1.4 طن (1300 كيلوغرام) من طراز ISS-CREAM إلى محطة الفضاء الدولية كجزء من بعثة خدمة الإمداد التجاري (12th SpaceX)، وسيتم بعد ذلك نقلها إلى المرفق المكشوف المتصل بــ Kibo في مختبر التجربة الياباني.

ومن هذا الموقع المداري، من المتوقع أن يدرس ISS-CREAM المطر الكوني (cosmic rain) لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وهو الوقت اللازم لتوفير قياسات مباشرة فريدة للأشعة الكونية النادرة ذات الطاقة العالية.

 

ينزل الفنيون جهاز الكشف ISS-CREAM داخل حجرة تحاكي البيئة الفضائية، خلال اختبار مستوى النظام، في مركز غودارد لرحلات الفضاء، في صيف 2015. مصدر الصورة: المختبر الفيزيائي للأشعة الكونية في جامعة ميريلاند.
ينزل الفنيون جهاز الكشف ISS-CREAM داخل حجرة تحاكي البيئة الفضائية، خلال اختبار مستوى النظام، في مركز غودارد لرحلات الفضاء، في صيف 2015. مصدر الصورة: المختبر الفيزيائي للأشعة الكونية في جامعة ميريلاند.


وبما أن قوة الطاقات العليا تبلغ نحو مليار إلكترون فولت، فإن معظمها يأتي من خارج نظامنا الشمسي، و يدعم ذلك أدلة مختلفة منها ملاحظات تلسكوب فيرمي الفضائي العامل بأشعة غاما والتابع لناسا، إذ طرحت فكرة أن موجات الصدمة القادمة من الحطام الممتد من انفجار النجوم كالمستعرات العظمى (السوبرنوفا) تقوم بتسريع الأشعة الكونية لتصل طاقتها إلى 1000 تريليون إلكترون فولت (PeV)، وهي تزيد عشرة مليون ضعف عن طاقة حزمة البروتون الطبية المستخدمة في علاج السرطان، وستسمح بيانات ISS-CREAM للعلماء بدراسة كيفية مساهمة المصادر الأخرى غير بقايا السوبرنوفا في إذكاء وجود الأشعة الكونية.

 

تتكون جسيمات الأشعة الكونية الأكثر شيوعاً من البروتونات، بينما تشكل الإلكترونات، ونوى الهيليوم، ونوى العناصر الثقيلة نسبة ضئيلة من جسيمات الأشعة الكونية، وهي عينات مباشرة من المادة من فضاء ما بين النجوم، ونظراً لأن الجسيمات مشحونة كهربائياً، فإنها تتفاعل مع المجالات المغناطيسية في المجرة، مما يسبب لها التذبذب خلال رحلتها إلى الأرض، وبالتالي تتضاعف مساراتها، ويصبح من المستحيل تتبع أثر جسيمات الأشعة الكونية عائدين إلى مصادرها.

علاوةً على ذلك، يوجد تحدٍ إضافي وفقاً لما ذكره جيسون لينك Jason Link الباحث المشارك في تجربة ISS-CREAM من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في غرينبلت في ولاية مريلاند: "عندما يضرب تدفق الجسيمات أي كاشف، فإنه ينخفض باطراد مع الطاقات العالية"، ويواصل حديثه بقوله: "للحصول على اكتشاف أفضل للطاقات العالية، نحن بحاجة إلى أمرين، إما صناعة جهاز كشف أكبر بكثير من الموجود حالياً، أو قضاء وقت في الرصد أطول من ذلك بكثير، علماً أن عملية التشغيل في المحطة الفضائية توفر لنا هذا الوقت الإضافي".


المراجعة: أُرسلت حمولة ISS-CREAM إلى مركز كيندي للفضاء التابع لوكالة ناسا، في آب/ أغسطس 2015. تُظهر الصورة جهاز الكشف مغلفاً بطبقات من البلاستيك لحماية الإلكترونيات الحساسة خلال الشحن. مصدر الصورة: المختبر الفيزيائي للأشعة الكونية في جامعة ميريلاند.
المراجعة: أُرسلت حمولة ISS-CREAM إلى مركز كيندي للفضاء التابع لوكالة ناسا، في آب/ أغسطس 2015. تُظهر الصورة جهاز الكشف مغلفاً بطبقات من البلاستيك لحماية الإلكترونيات الحساسة خلال الشحن. مصدر الصورة: المختبر الفيزيائي للأشعة الكونية في جامعة ميريلاند.


تدرس النظم الأرضية الكبيرة الأشعة الكونية في طاقات تزيد عن 1 PeV (بيتا إلكترون فولت) بواسطة تشغيل أجهزة كشف الغلاف الجوي للأرض عندما تضرب الأشعة الكونية نواة جزيء الغاز في الغلاف الجوي ينفجر كلاهما في وابل من الشظايا دون الذرية، مما يؤدي تالياً إلى سلسلة واسعة من تصادم الجسيمات.


وتصل بعض من الجسيمات الثانوية إلى أجهزة الكشف على الأرض، مُقدِّمةً معطيات معرفية يستطيع العلماء من خلالها الاستدلال على خصائص الشعاع الكوني الأصلي.

أيضاً تُنتِج هذه الثنائيات خلفية التداخل التي تعمل على تقييد فعالية عمليات تشغيل بالون CREAM، لذا فإن إزالة هذه الخلفية تعد ميزة أخرى للانتقال إلى المدار.

وقد لُوحِظ أنه مع انخفاض أعداد الجسيمات في الطاقات المتزايدة، يتشكل طيف أشعة كونية يشبه بشكل غامض صورة الساق البشرية، وعند طاقات PeV ينحدر بشدة هذا الانخفاض بصورة مفاجئة مشكلاً صورة أخرى يسميها العلماء "الركبة"، وباستطاعة جهاز الكشف ISS-CREAM قياس التدفق المنخفض للأشعة الكونية عند الطاقات التي تصل إلى مستوى الركبة.

يوضح سيو Seo بقوله: "ظل أصل الركبة والميزات الأخرى أسراراً لمدة طويلة، واقتُرحِت لها سيناريوهات عديدة لتفسيرها، لكن لا نعرف ما هو الصحيح منها". لا يعتقد الفلكيون أن بقايا المستعر الأعظم قادرة على إصدار الأشعة الكونية خارج مدى يصل إلى بيتا الكترون فولت PeV، لذلك ربما تشكلت الركبة جزئياً عبر إسقاط أشعتها الكونية في هذه المنطقة.


يبين جون ميتشل الباحث المشارك من غودارد: "تحمل الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية قدراً كبيراً من المعلومات حول مجرتنا وفضاء النجوم القريب منا، لكن لم نتمكن من قراءة هذه الرسائل بشكل واضح جداً"، ويواصل بقوله: "يمثل جهاز ISS-CREAM خطوة مهمة جداً للتقدم في هذا الاتجاه".


يقوم جهاز ISS-CREAM بالكشف عن جسيمات الأشعة الكونية عندما تضرب الأخيرة أدواتها، فأولاً يقيس كاشف الشحنة المصنوع من السليكون الشحنة الكهربائية للجسيمات القادمة، وبعدها تُقدِّم طبقات الكربون أهدافاً محفزة للتأثير فيها، لتُنتج سلاسل من جسيمات متدفقة داخل أجهزة الكشف البصرية والكهربائية، بينما يحدد المسعّر (جهاز قياس كمية الحرارة) طاقتها، كذلك يقدم اثنان من أنظمة الكشف المستخدمة للومضات الضوئية القدرة على التمييز بين البروتونات والإلكترونات ذات الشحنة المنفردة، فكل ما يمكن قوله هو أن ISS-CREAM يستطيع التمييز بين البروتونات والإلكترونات والنوى الذرية الهائلة كتمييز المادة الصلبة من غيرها، وذلك بسبب اصطدامها خلال تدفقها بالأدوات.

و ستنضم من ناحية أخرى ISS-CREAM إلى تجربتين آخرتين للكشف عن الأشعة الكونية اللتين تعملان حالياً في المحطة الفضائية، إحداها هو مطياف ألفا المغناطيسي (AMS-02)، الذي يرأسه تعاون دولي برعاية وزارة الطاقة الأمريكية، حيث أعدت رسماً تفصيلياً وصلت فيه قوة الأشعة الكونية إلى تريليون إلكترون فولت، والأخرى هي تلسكوب مقياس كالوري الإلكترون (CALET) الذي تقوده اليابان، ويقع في المرفق المكشوف، وهي مكرّسة لدراسة إلكترونات الأشعة الكونية.

 


بالإضافة إلى ذلك، قدمت وحدة الطيران NASAs Wallops الواقعة في الساحل الشرقي لجزر فرجينيا، الإدارة الشاملة لنظام ISS-CREAM التي تم دمجها مؤخراً بمحطة الفضاء الدولية، والجدير بالذكر أن ISS-CREAM قد تم تطويره كجزء من تعاون دولي تقوده كلية بارك من جامعة ميريلاند، الذي يضم فرق من ناسا غودارد، وكلية بارك من جامعة ولاية بنسلفانيا، وجامعة كنتا كي الشمالية في مرتفعات هايلاند، فضلاً عن المؤسسات المتعاونة في جمهورية كوريا والمكسيك وفرنسا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات