رقصة

المواد ما فوق الطبيعية (Metamaterials) تمتلك خواص استثنائية جداً عندما يتعلق الأمر بإيصال الأمواج والتحكم بها، وخصوصاً الضوء والصوت: على سبيل المثال، يُمكن لهذه المواد أن تُخفي جسم ما أو أن تزيد من طاقة العدسات. الآن، طور باحثون من مركز أبحاث باول باسكال (CNRS)، ومعهد الميكانيك والهندسة في جامعة بوردو، أول المواد ما فوق الطبيعية ثلاثية الأبعاد وذلك عبر الجمع بين صيغ فيزيائية-كيميائية وبين تكنولوجيا الموائع الميكروية.

تُعتبر هذه المواد الجيل الجديد من المواد ما فوق الطبيعية والناعمة التي من السهل جداً تشكيلها؛ وفي تجربتهم، استخدم الباحثون اهتزازات فوق صوتية من أجل التحرك للخلف في الوقت الذي تحركت فيه الطاقة محمولةً عبر الأمواج إلى الأمام.

يفتح عملهم آفاقاً جديدة –خصوصاً عند الحديث عن التصوير عالي الدقة؛ ونُشر العمل في عدد 15 ديسمبر 2014 في مجلة Nature Materials.

منذ حلول الألفية الجديدة، يهتم المجتمع العلمي بالمواد ما فوق الطبيعية وبخواصها الاستثنائية وهذا الاهتمام نما بشكلٍ تصاعدي.

المادة ما فوق الطبيعية هي عبارة عن وسط يُمكن فيه لسرعة طور الأمواج الضوئية أو الصوتية أن تكون سالبة (ويُقال أن المادة تمتلك معامل انكسار سالب). في مثل هذا الوسط، يتحرك كل من طور الموجة (الاهتزازات المتتالية)، والطاقة التي تحملها الموجة في اتجاهين متعاكسين.

لم يتم اكتشاف مثل هذه الخاصية في أي من الأوساط الطبيعية المتجانسة.

من أجل الحصول على مادة ما فوق طبيعية، من المهم جدا صنع وسط متغاير الخواص (heterogeneous) ويحتوي على عدد كبير من المدرجات (المعروفة بالمرنانات الميكروية microresonators)؛ وتنص الطريقة الاعتيادية على استخدام طرق الميكانيكا الميكروية (على سبيل المثال: الخراطة والترسيب) من أجل صنع دعائم صلبة تمتلك خواص المواد ما فوق الطبيعية في بعدٍ واحد أو بعدين.

على أية حالة، لا يُمكن استخدام هذه الطريقة عند العمل مع المادة الناعمة عند الأحجام الميكرومترية اللازمة من أجل الأمواج فوق الصوتية وبالتالي تبقى المواد مقيدة ببعد واحد أو بعدين.

في هذه الدراسة، طور الباحثون نموذج جديد من المواد فوق الطبيعية في الطور المائع وهي مؤلفة من حبيبات ميكروية من السيليكون المسامي المغمور في جيل أساسه من الماء. يُعتبر هذا المائع ما فوق الطبيعي (metafluid) أول مادة ما فوق طبيعية ثلاثية الأبعاد تعمل عند الترددات فوق الصوتية.

بالإضافة إلى ذلك وجراء طبيعة المائع، يُمكن صنع تلك المادة باستخدام معالجات كيميائية-فيزيائية وتقنيات الموائع الميكروية التي من الأبسط بكثير إنجازها مقارنةً بطرق الميكانيكا الميكروية.

إحدى خواص الوسط المسامي هي تحرك الصوت عبر تلك الأوساط عند سرعة منخفضة جداً (بضعة عشرات الأمتار في الثانية) مقارنةً بسرعتها في الماء (1500 متر في الثانية). جراء هذا التباين المرتفع، يمتلك هذا التركيب خواص المادة ما فوق الطبيعية؛ فعندما درس الباحثون انتشار الأمواج فوق الصوتية عبر هذا الوسط، قاسوا وبشكلٍ مباشر معامل الانكسار السالب.

داخل مائع ما فوق طبيعي مثل هذا المائع، تُحمل الطاقة من قبل الأمواج المتحركة انطلاقاً من المنبع إلى المستقبل وكما هو متوقع: تبدو فيه الاهتزازات وهي تتحرك إلى الخلف في الاتجاه المعاكس عوضاً عن تصرفها كراقص يُمارس مسيراً قمرياً (moonwalk).

تفتح هذه النتائج الطريق أمام عدد هائل من التطبيقات؛ ويمتد هذا العدد انطلاقاً من التصوير عالي الدقة بالأمواج فوق الصوتية ووصولاً إلى العزل الصوتي ومنح القدرة للتقنيات الصوتية بالتسلل تحت الماء.

بالإضافة إلى ما سبق، استخدمت التقنيات الكيميائية الفيزيائية، الخاصة بالمواد الناعمة، من أجل جعل هذه المواد ما فوق الطبيعية قادرة على إنتاج مائع أو مواد مرنة وتمتلك قدرة على التكيف من حيث الشكل، وكذلك احتمالية أن تُصبح قابلة للتصنيع.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المواد الخارقة (Metamaterials): أو المواد ما فوق الطبيعية، وهي مواد صناعية ومُهندسة بطريقة تجعلها تمتلك خواصاً غير موجودة في الطبيعة.

اترك تعليقاً () تعليقات